للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

[مستقبل القنبلة النووية الباكستانية]

حسن الرشيدي

«هذه هي الأمور بلا لف ولا دوران: سنقيم تحالفاً (هندياً إسرائيلياً)

بقيادتنا وسندمر ترسانتكم النووية» .

هذا جزء من حديث السفيرة الأمريكية لبرويز مشرف الحاكم العسكري

لباكستان بعد تفجيرات نيويورك بأيام قليلة، وتوارد الأنباء عن ضلوع القاعدة في

هذه التفجيرات، وبدء الولايات المتحدة في تشكيل تحالف دولي لضرب حركة

طالبان. وكانت أولى الدول المرشحة لهذا التحالف هي باكستان باعتبارها الحليف

الأقوى إن لم يكن الوحيد لطالبان، ويُذكر أن مشرف في البداية قد تمنع عن تأييد

الولايات المتحدة، واجتمعت السفيرة الأمريكية مع مشرف، وفي أثناء ذلك اللقاء

قالت بعض الأنباء إن طائرات أمريكية وإسرائيلية حلقت في سماء باكستان

وعجزت الدفاعات الباكستانية عن رصدها، وفي ظل هذه الأجواء ألقت السفيرة

بكلامها هذا، وأضافت: «الديون ستبقى، وسنسرع في طلب استيفائها، قضية

كشمير ستخسرونها، هذا إذا امتنعتم عن التعاون معنا ورفضتم فتح سمائكم وأرضكم

وملفاتكم التي تحتفظون بها عن الطالبان وابن لادن أمام هجومنا الذي نزمع شنه

على أفغانستان.

بخلافه، إليكم المكاسب التي ستحصلون عليها: الديون أولاً وهي بين

ثلاثين إلى أربعين مليار دولار ستلغى، وستحصلون على مساعدات من البنك

الدولي، ستظل ترسانتكم النووية بحوزتكم وسنحميها، سيكون لنا موقف يرضيكم

من قضية كشمير» .

هذه جزء من الضغوط التي مارستها أمريكا على باكستان لكي تذعن لمطالبها

بشأن حرب أفغانستان، ولمحت فيها إلى ورقة الأسلحة النووية الباكستانية ليس

بالأقوال فحسب ولكن أيضاً بالأفعال، ولكن كيف ظهرت القنبلة النووية الباكستانية؟

وما هي الظروف التي أحاطت بذلك الظهور؟ وما مستقبل هذه القوة على ضوء

التحديات التي تواجهها؟

تاريخ ظهور القوة النووية الباكستانية:

مع بدايات السبعينيات كانت باكستان تلعق جراحها بعد أن خرجت مهزومة

من حربها مع الهند التي أدت إلى فصل باكستان الشرقية وتكوُّن دولة بنجلاديش،

ومما زاد من مرارة الهزيمة التجربة النووية الهندية في عام ١٩٧٤م.

هذه الهزيمة حفزت عزيمة باكستان لتصعيد جهودها لامتلاك القدرات النووية

العسكرية، وكان ذو الفقار علي بوتو رئيس الوزراء حينئذ هو الذي بدأ هذه الجهود

في يناير ١٩٧٢م، وأدارها رئيس مفوضية الطاقة النووية منير أحمد خان،

المهندس النووي الباكستاني الذي تلقى تعليمه في أمريكا، واكتسب خبرة واسعة من

خلال عمله في فيينا في الوكالة الدولية للطاقة النووية. وقد سعى هذا العالم

الباكستاني إلى تنفيذ برنامج نووي كبير وشامل؛ ليوفر لباكستان ما تحتاجه بشدة

من الكهرباء والمنافع الطبية والزراعية، وفي الوقت نفسه يوفر التدريب والتقنية

والتغطية السياسية التي تسمح بإنتاج الأسلحة النووية، وسعت باكستان إلى

الحصول على مساعدة فرنسا لتحقيق هذه الغاية.

وبنهاية عام ١٩٧٥م ازداد القلق من المطامح النووية الباكستانية، وذلك في

دول الغرب على الأقل. وقامت واشنطن بالضغط على فرنسا لوقف إمداداتها

للبرنامج النووي الباكتساني، وفي شهر ديسمبر من ذلك العام حدث تطور بالغ

الأهمية؛ فقد كان العالم الدكتور عبد القادر خان الخبير في علم المعادن يقوم بزيارة

لوطنه باكستان في عطلة من عمله في شركة هولندية كبيرة، هي شركة (إف.

دي. أو) ، وكانت هذه الشركة المقاول الرئيس من الباطن للشركة الأوروبية

لإخصاب اليورانيوم في مشروع بناء مصنع متقدم فائق السرعة لإخصاب

اليورانيوم بالطرد المركزي؛ لتوفير خدمات الإخصاب للبرامج الأوروبية للطاقة

النووية. وكان عبد القادر خان قد بعث في وقت سابق من عام ١٩٧٤م رسالة إلى

رئيس الوزراء ذو الفقار علي بوتو يعرض عليه خدماته من أجل البرنامج النووي

الباكستاني وبشكل خاص في حقل إخصاب اليورانيوم، ورد عليه بوتو طالباً منه

أن يتصل به في زيارته التالية لباكستان. ولما عاد هذا العالم إلى وطنه

ضغط عليه بوتو بشدة للبقاء، فوافق على عدم العودة إلى هولندا، وعلى أن يتولى

الإشراف على جهود إخصاب اليورانيوم، ثم توجه رئيس الوزراء الباكستاني بعد

ذلك إلى الصين سعياً إلى مساعدتها لتقديم المواد النووية اللازمة. لقد كان يلزم

لصنع هذه القنبلة ثلاثة شروط أساسية: المواد الأولية القابلة للانشطار من يورانيوم

أو بولتونيوم، والقاعدة العلمية من علماء وفنيين، ثم الإرادة السياسية. ويقول عبد

القادر خان: «كان أمامنا هدف أنه لا بد من النجاح بسرعة ودقة؛ ذلك أن أمامنا

عدواً يتربص بنا ويهدد بلادنا كل يوم ... لقد كانت المعركة قاسية للغاية وليست

سهلة» .

وبرغم أن الفترة الزمنية التي حُددت للمشروع كانت خمس سنوات فإنه نظراً

لتسرب أنباء المفاعل النووي بدأت الدول تأخذ حذرها من باكستان في تصدير

المواد اللازمة للمشروع؛ مما أدى إلى الانتهاء منه بعد عشر سنوات في عام

١٩٨٤م.

وظل الوضع هادئاً حتى عام ١٩٩٨م؛ ففي ١٧ مايو من ذلك العام في مدينة

نيودلهي عقد علماء الذرة الهنود مؤتمراً صحفياً أعلنوا فيه قيام الهند بإجراء خمسة

اختبارات نووية. وقبل ذلك كان قد ذكر أن التفجيرات الأخرى التي وقعت يوم

١١ مايو تضمنت متفجرة انشطارية تبلغ ١٢ كيلو طناً، وهي أخف وأكثر إحكاماً

من متفجرة عام ١٩٧٤م، ومتفجرة تبلغ ٠٠. ٢ كيلو طناً، ولم يشر إلى

مكوناتها، أما التفجيران الآخران اللذان وقعا في ١٣ مايو فقد كان أحدهما ٠. ٢

كيلو طناً، والآخر ٠. ٦ كيلو طناً. ولم يذكر العلماء شيئاً عن المواد الانشطارية

المستخدمة في التفجيرات أو عن العمق الذي دفنت فيه قبل إطلاقها. وقد شكك كثير

من علماء الغرب في قوة التفجيرات الهندية، ورجحوا ضعف المستوى النووي

الهندي.

وفي يوم ٢٨ مايو فعلت باكستان ما كان متوقعاً، فقد قامت بإجراء خمسة

تفجيرات نووية في وقت واحد في نفق تحت سلسلة جبال راس كوه بالقرب من

شاجاي في بوشستان، وتحول لون الجبل إلى اللون الأبيض. وعلى الفور تساءل

المحللون في الولايات المتحدة عن عدد القنابل التي جربت وقوتها. وكان الدكتور

عبد القادر خان قد أعلن أن أكبر هذه التفجيرات بلغ ما يتراوح بين ٣٠ إلى ٣٥

كيلو طناً، وذكر الدكتور سمر مباركماند، الفيزيائي الباكستاني الذي تدرب في

أكسفورد، والذي تولى رئاسة برنامج المفوضية الباكستانية للطاقة النووية أن

مجموع اختبارات ذلك اليوم بلغ من ٤٠ إلى ٤٥ كيلو طناً، غير أن المحللين

الأمريكيين شكوا في هذه التقديرات، ورجحوا أنها أقل من ذلك؛ ولذلك قامت

باكستان في يوم ٣٠ مايو بتفجير قنبلة نووية أخرى بعد يومين فقط من التجارب

الأولى، وبذلك أصبحت التجارب النووية الباكستانية ست تجارب في مقابل خمس

أجرتها الهند.

وبعد أحد عشر شهراً من التجارب النووية الهندية في الحادي عشر من مايو

من عام ١٩٩٩م، والتي أتبعتها باكستان بست تجارب مماثلة قامت الهند بإطلاق

صاروخ بالستي متوسط المدى (اجني ٢) ، هذا الصاروخ جاء ليحفز سباقاً نووياً

من نوع آخر وهو القدرة على إيصال القوة النووية إلى مدى أبعد بواسطة

الصواريخ البالستية، وحرمان الطرف الآخر من قدرات الضربة الثانية. ومن هنا

كانت تجارب إطلاق صاروخي (غوري ٢) و (شاهين ١) الباكستانيين نتيجة

طبيعية ومنطقية؛ وبذلك أضحت القدرات النووية لا تقاس بعدد التفجيرات أو قوتها

ولكن تقاس بحجم الصواريخ، والطائرات، ومداها لإيصال الشحنة النووية.

ولقياس القدرات الباكستانية في هذا المجال نقارنها بنظيراتها الهندية

والإسرائيلية في الجدول الآتي:

الدولة:

١ - باكستان:

أولا الصواريخ:

١- هاتف الأول: (وهاتف تعني: (المميت) بالباكستانية) ، تنتجه

باكستان، ويصل مداه إلى ١٠٠ كيلومترا، وهو معد للاستخدام في الوقت الحالي

وتزن الشحنة المتفجرة القادر على حملها نحو ٥٠٠ كيلوجرام.

٢- هاتف الثاني: تنتجه باكستان، ويصل مداه إلى ٣٠٠ كيلومترا،

وهو معد للاستخدام حاليًا، وقادر على حمل ٥٠٠ كيلو جراما من المواد المتفجرة.

٣- هاتف الثالث: تنتجه باكستان ويصل مداه إلى ٦٠٠ كيلو مترا، وهو

معد للاستخدام، ويحمل موادًا متفجرة تزن ٨٠٠ كيلو جراما.

٤- إم - ١١: تنتجه الصين واستطاعت باكستان الحصول عليه، ويصل

مداه ٣٠٠ كيلو متراً، وهو معد للاستخدام، ويحمل مواداً متفجرة تزن ٨٠٠ كيلو

جراماً.

٥- هاتف الخامس (غوري) :

(نسبة إلى السلطان محمد شهاب الدين غوري حاكم مسلم استطاع هزيمة

الحاكم الهندي (بريزوي راج) أواخر القرن الثاني عشر) ، تنتجه باكستان ويصل

مداه إلى ١١٠٠ كيلومترا، ومعد للاستخدام في الوقت الحالي،

ويحمل ٧٠٠كيلو جراما من المواد المتفجرة.

٦- هاتف السادس (غوري الثاني) : تنتجه باكستان ويصل مداه إلى ١٥٠٠

كيلو مترا، ولا يزال في مرحلة الاختبار، ويحمل موادًا متفجرة تزن ٢٠٠٠ كيلو

جراما.

٧- هاتف السابع (عبد الي) اسم أحد الحكام المسلمين: يتم إطلاقه عن

طريق الغواصات، وهو محلي الصنع، ويصل مداه إلى ٢٥٠٠ كيلو مترا، وهو

معد للاستخدام.

٨- هاتف الثامن (شاهين - ١) : تنتجه باكستان ويصل مداه إلى ٧٠٠ كيلو

مترا، وهو معد للاستخدام، ويتميز بقدرته على حمل القنابل الهيدروجينية.

٩- هاتف التاسع (شاهين - ٢) : تنتجه باكستان، ويصل مداه إلى ٢٠٠٠

كيلو مترا، ويتم تطويره حاليًا، ويتميز أيضًا بالقدرة على حمل القنابل

الهيدروجينية.

ثانيًا: الطائرات:

توجد لدى باكستان طائرا إف ١٦، وهي قادرة على حمل شحنات نووية

ولكن لا يعرف طاقتها بالتحديد.

٢ - الهند

أولاَ: الصورايخ:

١- بريزوي: أنتجته القوات المسلحة والقوات الجوية الهندية عام ١٩٩٥م،

ويتراوح مداه ما بين ١٥٠- ٢٥٠ كليومترا، وتزن رأس الصاروخ (الجزء

الحامل للمواد المتفجرة) نحو ٥٠٠- ١٠٠٠ كيلوجرام، ويمكن تجهيزه بالرؤوس

النووية.

٢- آغني: (وهي كلمة تعني: (النار) في اللغة الهندية) ، ولا يزال

يخضع للاختبار، ويصل مداه إلى ٢٥٠٠ كيلو مترا، ويزن رأس الصاروخ

الواحد نحو ١٠٠٠ كيلو جراما ويمكنه حمل رؤوس نووية.

ثانيا الطائرات:

١-جاجوار: طائرة مخصصة لحمل القنابل النووية , وتستطيع إطلاق القنبلة

لمسافة ٨٥٠ كيلو مترا وتستطيع حمل مواد متفجرة وزنها ٤٧٥٠ كيلو جراما.

٢- ميج -٢٧ فلوجر: تم إنتاجها خصيصا لإطلاق الأسلحة النووية، وقد تم

إنتاجها عام ١٩٨٦م، وتستطيع إطلاق القنبلة النووية أو الصاروخ لمسافة

٣٩٠ كيلو مترًا، وتستطيع حمل مواد متفجرة وزنها ٤٠٠٠ كيلو جراما.

٣ - إسرائيل

أولاً: الصورايخ:

١- جيريشيو-١: تم إنتاجه عام ١٩٧٣م بمساعدة فرنسا، يصل مداه إلى

٥٠٠ كيلو مترا، يستطيع حمل مواد متفجرة وزنها ٥٠٠ كيلو جرام.

٢- جيريشيو-٢: تم إنتاجه عام ١٩٩٠م، يصل مداه إلى ١٥٠٠ كيلو متر

ويستطيع حمل مواد متفجرة وزنها ١٠٠٠ كيلو جرامًا.

ثانيًا الطائرات:

١- ف - ٤ إي - ٢٠٠٠ فانتوم: وتعرف أيضًا باسم (فانتوم الثانية) :

ظهرت لأول مرة خلال الخمسينيات، وتستطيع إطلاق الأسلحة النووية.

٢- أف - ١٦ فالكون: تم إنتاجها عام ١٩٨٠م، يصل مداها إلى ٦٣٠ كيلو

مترًا، وتستطيع حمل مواد متفجرة وزنها ٥٤٠٠ كيلو جراما.

التحدي الهندي:

ترسم الهند أدواراً لنفسها ليس على الصعيد الإقليمي فحسب ولكن أيضاً على

الساحة العالمية، ومن وجهة نظر الهند؛ فإن قيام باكستان أثَّر في مستقبلها

الاستراتيجي من نواح متعددة. وبداية أخل بالوحدة الجغرافية الطبيعية لشبه القارة

بخلق تهديد عسكري جديد نابع الآن من داخلها، إضافة إلى الأخطار التي تعدُّ

تقليدياً نابعة من الخارج. كذلك عقَّد من جهود الهند لتوحيد الجماعات الفرعية

المتفاوتة إقليمياً، ولغوياً، وثقافياً، من خلال تحول باكستان إلى مصدر لكل من

المعونة المادية والإلهام العقائدي لمختلف المطالبات الانفصالية. وأخيراً فإن قيام

باكستان قد أجبر الهند على توظيف الموارد الاقتصادية والعسكرية في صراع على

الهيمنة السياسية داخل منطقة جنوب آسيا، في الوقت الذي كان من الممكن جداً أن

تخصص فيه هذه الموارد لتأدية دور أكبر خارج المنطقة، وربما على المستوى

العالمي.

ولهذه الأسباب، تمثل باكستان العائق الرئيس أمام الهدف الاستراتيجي

الأساسي الكبير للهند، وهو التحول إلى قوة عظمى مزدهرة مع التمتع بكل الأمن

المتأتي من تبوؤ هذه المنزلة.

إن الهند تملك عدداً هائلاً من السكان، ومساحة جغرافية واسعة مديدة،

وإمكانيات اقتصادية وتقنية وعسكرية ضخمة. انتهجت الهند استراتيجية متعددة

المحاور للحفاظ على موقع قوتها النسبية:

أولاً: باشرت بتنفيذ استراتيجية اقتصادية للاكتفاء الذاتي، تهدف إلى

اكتساب الإمكانيات الصناعية والتقنية اللازمة لمساندة الأهداف الدفاعية والتنموية،

مع الحد الأدنى من المعونة الخارجية؛ إذ تم توجيه اهتمام خاص بقطاعات التقنية

المتطورة، والطاقة الذرية، والفضاء التي أعطيت مكانة بارزة خدمة لسياسة القوة.

ثانياً: استخدمت الهند قاعدة مواردها الكبيرة لنشر قوات مسلحة ضخمة قادرة

على الدفاع عن المطالب الإقليمية المتنازع عليها، فضلاً عن إنزال شيء من

العقاب بالدول المجاورة التي قد تسعى إلى تغيير الأمر الواقع بالقوة، واستلزم هذا

الأمر التركيز أساساً على الجيش، حيث تم تشكيل جيش كبير استغل الميزة النسبية

التي تتمتع بها الهند في القوى البشرية، فضلاً عن فائدته في مهام الأمن الداخلي

و «بناء الدولة» .

ثالثاً: انتهجت الهند استراتيجية عدم الانحياز سياسياً، وكانت تهدف من ذلك

إلى احتفاظها بحرية التصرف فيما يتعلق بالدولة الكبرى. لكن بما أن التركيبة

العالمية كانت مزدوجة القطبية خلال الحرب الباردة، فقد أقامت الهند في النهاية

علاقة مصلحية وثيقة مع الاتحاد السوفييتي السابق، لمواجهة التحالف الباكستاني

العرضي مع الولايات المتحدة الأمريكية، وعلاقة باكستان الوثيقة والمتنامية مع

الصين. ومكن ذلك الهند من الحصول على كميات ضخمة من المعدات العسكرية

المتطورة نسبياً بشروط مواتية، وفي الوقت ذاته وفر لها غطاءً دبلوماسياً وسياسياً

ضد الضغوط الأمريكية والصينية. كما ساعد على إحباط أي تقارب سوفييتي مع

باكستان.

ومع انتهاء الحرب الباردة التقت المصالح الهندية الأمريكية في جنوب آسيا،

وباتت أمريكا تعترف بالهند قوة إقليمية كبرى في هذه المنطقة لمجابهة المد

الإسلامي، والتنين الصيني، والقدرات النووية الإسلامية في باكستان. واستغلت

الهند فرصة انحياز أمريكا لها للعمل على تقليص الدور الباكستاني في المنطقة.

رابعاً: تفادت الهند إقامة أي تجمع أمني إقليمي تستطيع من خلاله الدول

الأصغر منها حجماً تشكيل تجمع مناوئ لها، حتى حينما سعت لثني الدول

الخارجية عن التدخل في التنافس الأمني داخل شبه القارة. وكان الهدف عزل شبه

القارة سياسياً عندئذ تستطيع الهند بتفوقها النسبي في القوة إذا ظلت على حالها أن

تؤثر في مجريات الأحداث داخل المنطقة (كلما دعت الضرورة) ، وخارجها إذا

أمكن.

خامساً: التعاون مع إسرائيل عسكرياً واقتصادياً ونووياً لمحاولة تحطيم

القدرة النووية الباكستانية المنافسة لها بأي صورة أو على الأقل تقليصها وجعل

باكستان لا تستطيع الاستفادة منها بأي صورة.

سادساً: استمرارية استغلال المناوشات الحدودية المرتبطة بمشكلة كشمير

وجعلها وسيلة للضغط على الجانب الباكستاني في المراحل والمواقف التي ترى أنها

تتطلب ذلك.. وقد تمارس دوراً غير مباشر في إثارة بعض المشاكل داخل

أفغانستان؛ مما يشكل نوعاً من القلق والتوتر لباكستان العدو التقليدي.

وحينما قامت الهند بتفجيراتها في مايو ١٩٩٨م رأت القيادة الهندية أنها

حققت ثلاث ضربات قوية في آن واحد:

الأولى: داخلية تتعلق برغبة قيادة حزب (بهارتيا جاناتا) في توسيع قاعدة

التأييد السياسي للحزب في الداخل؛ لإدراكها ما لهذا الموضوع من تأثير إيجابي

على الشارع الهندي، وبما يمكن الحزب من زيادة نفوذه السياسي والحصول على

قدر أكبر من مقاعد البرلمان في أية انتخابات مقبلة، وتنفيذ برنامجه السياسي؛ ذلك

أن هذا الحزب اليميني المتشدد وصل إلى الحكم في فبراير ١٩٩٨م في إطار

ائتلاف مع عدد من الأحزاب الأخرى، واضطرته ظروف هذا الائتلاف إلى

التنازل عن قدر من مطالبه وأفكاره. وبالفعل، فإن الإعلان عن التفجيرات النووية

أثار موجة عارمة من الشعور بالفخار القوي لدى الرأي العام الهندي، وفي

استطلاع للرأي تم إجراؤه بلغت نسبة التأييد لهذا القرار ٩١%.

والضربة الثانية: إقليمية تتصل بالتوازن الاستراتيجي بين الهند من ناحية

وكل من الصين وباكستان من ناحية أخرى؛ فالصين التي دخلت الهند في حرب

معها بشأن الحدود، عضو دائم بمجلس الأمن، وهي قوة نووية، ويتصاعد وزنها

الاقتصادي مع نجاحها في تحقيق معدل نمو سنوي بلغ متوسطه ١٠% سنويا في

السنوات العشر الأخيرة، هذا فضلاً عن تدفق الاستثمارات الأجنبية، إلى الحد

الذي جعل الصين أكبر متلق لهذه الاستثمارات، وخاصة بعد عودة هونج كونج إلى

الوطن الصيني.

أما بالنسبة لباكستان التي استمر خلافها المزمن مع الهند حول قضية كشمير

لنصف قرن، فقد أرادت الهند أن تحسم تفوقها العسكري عليها بشكل نهائي. فإذا

أخذنا في الحسبان أن الهند أكثر عدداً، وأكبر اقتصاداً، وأكثر تقدماً من الناحية

التكنولوجية، فإن تفجيرها النووي يكون بمثابة (المرجح) الأخير في حسم هذا

التوازن لصالحها.

أما الضربة الثالثة: فهي دولية وتتصل برغبة الهند في الاعتراف بها قوة

كبرى؛ وذلك بالنظر إلى العوامل السابقة التي أشرنا لها في السابق مثل عدد سكانها،

وقدرتها العسكرية، وتقدمها في عدد من المجالات التكنولوجية الحديثة كصناعة

البرمجيات، وبحوث الفضاء، والإلكترونيات، والتكنولوجيا الحيوية. كما أرادت

الهند أن تسجل أحقيتها في مقعد دائم بمجلس الأمن، ممثلة لدول العالم الثالث، إذا

ما تم الاتفاق على توسيع عضوية المجلس.

وحينما غزت أمريكا أفغانستان كانت الهند أول الدول المحرضة على

باكستان، وأصبحت تلح على الولايات المتحدة بضرورة ضرب باكستان بحجة

إيواء الإرهابيين في كشمير، وتحرشت بالقوات الباكستانية على الحدود بغرض

جر باكستان لحرب في ظروف غير مواتية وخاصة بعد فقد باكستان لعمقها

الاستراتيجي في أفغانستان.

الهيمنة الأمريكية:

لكي نقرأ الموقف الأمريكي جيداً من القنبلة النووية الباكستانية يجب النظر في

أمرين:

الاستراتيجية الأمريكية في جنوب آسيا، والسياسة الأمريكية تجاه الانتشار

النووي.

بالنسبة للأمر الأول: فإن الولايات المتحدة في سعيها لتأكيد انفرادها بالهيمنة

العالمية؛ فإنها تنظر لجنوب آسيا بصفتها تشكل تهديداً لأمنها؛ ومن ثم عائقاً لبسط

نفوذها من عدة جوانب:

١ - الصحوة الإسلامية المتنامية في هذه المنطقة من العالم ولا سيما باكستان

وأفغانستان، وخاصة أنها رأت النموذج الطالباني في حكم أفغانستان وما حققه من

استتباب الأمن، ونجاحه في تحقيق الوحدة الأفغانية؛ مما جعله نموذجاً قوياً يمكن

أن تحتذيه دول كثيرة داخل المنطقة وخارجها.

٢ - صعود القوة الصينية على عدة أصعدة: اقتصادية وسياسية وعسكرية

وتقنية. والولايات المتحدة حريصة على محاصرة الزحف الصيني نحو الهيمنة

سواء بالتواجد في آسيا الوسطى أو في جنوب آسيا.

وبالنسبة للأمر الثاني: فإن سياسة أمريكا تجاه أسلحة الدمار الشامل تقوم

على القدرة على الردع والتصدي للحيلولة دون استخدام أسلحة الدمار الشامل

والصواريخ في النزاعات الإقليمية؛ حيث تفترض أن تقدم القوات المعادية لها على

استخدام أسلحة الدمار الشامل والصواريخ في هذه النزاعات المستقبلية؛ ومن ثم

تحتاج القوات المسلحة الأمريكية لاكتساب قدرة متزايدة على الردع والمنع،

والتصدي لاستخدام الأسلحة الجرثومية والكيماوية والنووية في النزاعات الكبرى

بالمناطق الحيوية. مع ملاحظة أن ما تسميه أمريكا مستلزمات الردع الإقليمي

سوف تختلف كثيراً عما كان متبعاً إزاء الاتحاد السوفييتي السابق خلال الحرب

الباردة، بسبب اختلاف طبيعة القوى الإقليمية ودوافعها.

جدير بالذكر أن قدرة الولايات المتحدة حالياً على منع استخدام أسلحة الدمار

الشامل، أو التصدي لها، ما زالت محدودة؛ مما قد يضطرها إلى التلويح بالرد

النووي، لردع استخدام أسلحة الدمار الشامل ضدها وضد حلفائها، وازداد القلق

الأمريكي بعد تفجيرات نيويورك الأخيرة، ويقول جون بولتون مساعد وزارة

الخارجية الأميركية: «إن مخاطر أن يستخدم متطرفون أسلحة الدمار الشامل،

ومنها الأسلحة النووية في مهاجمة الولايات المتحدة، ازدادت بعد اعتداءات ١١

أيلول (سبتمبر) الماضي» .

وتوقع بولتون في لقاء مع كتاب عسكريين أنه إذا حصل متطرفون على

أسلحة للدمار الشامل، وهو تعبير يشمل الأسلحة النووية والجرثومية والكيماوية،

فإنهم سيستخدمونها. وقال: «إنني قلق من أسلحة الدمار الشامل في كل مكان،

وقلقي ازداد منذ بدأت الحرب (التي تقودها الولايات المتحدة) على الإرهاب» ،

وأضاف: «إن المستعد لقيادة طائرة ليصدم بها مركز التجارة لن يردعه شيء ...

لو كان لدى هؤلاء الناس تكنولوجيا الصواريخ الذاتية الدفع لاستخدموها، لا

يساورني شك في ذلك» . وتابع: «ولو استطاعوا أن يضيفوا إليه سلاحاً نووياً

للدمار الشامل أو غير ذلك وأسقطوه على جنوب مانهاتن ليحدث تدميراً مأساوياً

مثلما حدث لمركز التجارة العالمي لكانت خسارة جنوب مانهاتن أو أي مكان مماثل

أسوأ كثيراً» .

وبناءً على ما سبق انتهجت أمريكا عدة أمور لمراعاة مصالحها في جنوب

آسيا، وفي الوقت نفسه تقليص الانتشار النووي وهي:

١ - الاعتماد على الحليف الهندي من خلال السعي لجعل الهند تحتل موقع

الطرف العازل ضد الأصولية الإسلامية الناهضة، ولتكون كابحاً للتطلعات الصينية

إلى الهيمنة، ومصدر دعم لحلفاء أمريكا في جنوب شرق آسيا الذين يحتمل أن

تهددهم الصين، وقوة «أمر واقع» مكتفية تسعى لنزع فتيل المشكلات العالمية

الخاصة بالإدمان، والانتشار النووي، وانتشار أسلحة الدمار الشامل، والإرهاب

بالمفهوم الأمريكي.

٢ - سياسة مزدوجة تجاه باكستان بتهديدها في حالة استمرارها في الاحتفاظ

بسلاحها النووي، وفي الوقت نفسه الإبقاء على خط ساخن معها لضمان بقاء

الوضع مستقراً في المنطقة.

٣ - التدخل العسكري في المنطقة، وهذا ما حدث في غزوها لأفغانستان

لمكافحة التهديد الإسلامي المتمثل في ابن لادن والقاعدة وغيرها من الحركات

الإسلامية في وسط آسيا والشيشان وكشمير، وفي الوقت نفسه لضمان عدم وصول

الأسلحة النووية الباكستانية لهذه الحركات، وربما تدميرها في مرحلة لاحقة.

المأزق الباكستاني:

تركز الهدف الاستراتيجي لباكستان منذ نشأتها على الحفاظ على كيانها

واستقلاليتها في المنطقة، وخاصة من الرغبة الهندية في الهيمنة؛ فالهند لم تتقبل

يوماً قط انفصال باكستان عنها.

وتعددت المحاور التي تقوم عليها هذه الاستراتيجية:

أولاً: شكلت باكستان جيشاً مقتدراً لديه وحدات مشاة ودروع قوية منتشرة

على أقرب المواقع الحدودية مع الهند، كما شكلت سلاحاً جوياً صغيراً لكنه عالي

التدريب والمعنويات، مزوداً بأفضل الطائرات المتوافرة لباكستان؛ لأداء مهام

الدفاع الجوي والهجوم الأرضي على حد سواء.

وقد اقتضت الاستراتيجية العسكرية التقليدية لباكستان استخدام جيشها وقواتها

الجوية بشكل هجومي في الظروف التي تنذر بخطر استراتيجي. فإذا بدا النزاع

وشيكاً، فقد توجه باكستان ضربة وقائية لاحتلال أجزاء صغيرة من الأراضي

الهندية؛ ومن ثم تستخدم هذه المكاسب، إما لتحويل ثقل ردة فعل الهند نحو

استرداد الأراضي التي خسرتها، أو لاستغلال تلك الأراضي كورقة للمساومة بهدف

ضمان نتيجة مواتية في المفاوضات التي تجري في المرحلة اللاحقة للنزاع.

وظهرت هذه الاستراتيجية جيداً في حوادث ١٩٩٩م في كارجيل حينما توغلت

مجموعات كشميرية داخل أراضي كشمير واستولت على مجموعة جبال بمساندة من

الجيش الباكستاني لفترة من الوقت حتى تمكنت الهند في النهاية من طردهم، ولكن

عجز القيادة السياسية حينئذ ممثلة في نواز شريف هو الذي منع باكستان من قطف

ثمار ما حدث؛ مما أدى إلى نشوب خلاف بين نواز وقادة الجيش الذين جاؤوا

ببرويز مشرف إلى سدة الحكم.

ثانياً: سعت باكستان على الصعيد السياسي، وعلى خلاف الهند تماماً، إلى

كسب حلفاء من خارج المنطقة لضمان إمدادات الأسلحة، والمواد الحربية، والدعم

الدبلوماسي، وتطلعت إلى هؤلاء الحلفاء كضامنين سياسيين يمكنهم التدخل نيابة

عنها في حالات الضرورة القصوى. وقد وفرت الحرب الباردة بيئة مواتية لمثل

هذه الاستراتيجية؛ فقد تحالفت باكستان في البداية مع الولايات المتحدة الأمريكية

من خلال منظمة معاهدة جنوب شرق آسيا، ومنظمة المعاهدة المركزية؛ لكن

تخلف الولايات المتحدة في مساندة باكستان في الحرب (الهندية - الباكستانية) عام

١٩٦٣م أظهر محدودية هذه الاستراتيجية.

وكانت الولايات المتحدة مهتمة بباكستان، كدولة تابعة بالقدر الذي تعزز فيه

الهدف الأكبر المتمثل باحتواء الاتحاد السوفييتي، بينما سعت باكستان أساساً وراء

المعونة الأمريكية لمساندتها في مشكلاتها الأمنية مع الهند؛ ومن ثم، فإن الصين

نتيجة لتنافسها الأمني مع الهند؛ ودول جنوب غرب آسيا أصبحت أحدث حلفاء

باكستان.

وقدم الغزو السوفييتي لأفغانستان فرصة أخرى لتجديد العلاقة (الأمريكية

الباكستانية) ، إلا أنها تعثرت بعد اكتشاف أدلة على البرنامج النووي الباكستاني في

أعقاب الانسحاب السوفييتي من أفغانستان، ولكن مع ظهور طالبان وتنظيم القاعدة

وتفجيرات ١١ سبتمبر برزت أهمية باكستان بالنسبة للقطب الأمريكي، ومرة

أخرى برزت أهمية هذا العامل بالنسبة لباكستان؛ أي البحث عن حليف قوي

ترتمي في أحضانه في محاولة لوقف الهيمنة الهندية، وتجلى ذلك حينما اختار

الرئيس الباكستاني برويز مشرف الانحياز إلى الولايات المتحدة ضد حليفته السابقة

حركة طالبان الحاكمة في أفغانستان؛ في محاولة للحفاظ على القنبلة الباكستانية

والتوازن مع العدو التقليدي الهند، والرهان على ما بعد رفع العقوبات الاقتصادية

لتحسين الوضع الاقتصادي المتردي، وتعزيز سلطته بعد تعليقه للدستور والبرلمان

وتنصيب نفسه رئيساً.

العربدة الإسرائيلية:

شكَّل السلاح النووي الباكستاني قلقاً عميقاً لدى الدولة اليهودية؛ فباكستان

دولة إسلامية تمارس فيها العقيدة دوراً أساسياً في حياة أهلها؛ ولذلك باتت تخشى

وقوع هذه الأسلحة في أيد متوضئة تريد لهذا السلاح أن يكون له دوره في ميزان

القوة الإسلامية في صراعها العقدي والرئيس مع اليهود؛ ولذلك هددت إسرائيل

بضرب المنشآت النووية الباكستانية معلنة بكل وقاحة أنها لن تسمح لأي دولة

عربية أو إسلامية بامتلاك السلاح النووي؛ لأنه يمثل كما تقول تهديداً لوجودها،

وهو الأمر الذي أعاد للأذهان ذكرى ضرب المنشآت النووية العراقية.

ففي بداية هذا العام أفادت تقارير صحفية أن الاستخبارات الباكستانية نجحت

في إحباط خطة إسرائيلية كان يجرى التحضير لها، وتقضي بقصف المنشآت

النووية فى باكستان بواسطة طائرات وقاذفات إسرائيلية كانت قد وصلت بالفعل إلى

إحدى القواعد العسكرية الهندية، وجرى طلاؤها بألوان سلاح الجو الهندى للتمويه.

وأضافت المصادر أن الرئيس الباكستانى استدعى سفيري الولايات المتحدة

الأمريكية والهند المعتمدين في باكستان، وجرى خلال الاجتماع عرض لتفاصيل

الخطة الإسرائيلية حيث أبدى الرئيس مشرف استياءً شديداً من هذا الموضوع،

وطلب من السفير الهندي نقل رسالة تحذير وإنذار لحكومته مفادها أن الحكومة

الباكستانية لن تقف مكتوفة الأيدي حيال ما يدبر ضدها من قبل إسرائيل والهند،

وأنها ستلجأ إلى الهجوم فوراً في حال تنفيذ هذا المخطط ضدها.

وطلب الرئيس الباكستاني سحب الطائرات الإسرائيلية فوراً وإلا فعليَّ وعلى

أعدائي. وقد تم إلغاء العملية بعد الإنذار الباكستاني وعادت الطائرات الإسرائيلية

إلى قواعدها في فلسطين المحتلة.

ونتيجة لخنوع القيادة الباكستانية وحرصها الشديد على هذا السلاح ولو أدى

إلى التفريط في المصالح الباكستانية الأساسية؛ فقد سعت إلى إجراء اتصالات مع

إسرائيل؛ فقد تواردت الأنباء عن رسالة سلمها المندوب الإسرائيلي في الأمم

المتحدة إلى نظيره الباكستاني تتضمن تعهداً إسرائيلياً بعدم مهاجمة المنشآت النووية

الباكستانية، وقد نفى وزير كبير في حكومة باكستان نبأ هذه الرسالة، وقال: لا

علم لي بذلك. ولكن رئيس تحرير صحيفة (أوصاف) الباكستانية المستقلة أكد فيما

بعد صحة النبأ، وأضاف أن الاتصالات السرية بين إسرائيل وباكستان تحدث

أحياناً على مستوى أكبر من ذلك؛ إذ سبق أن اجتمع وزير خارجية باكستاني سراً

بشيمون بيريز حينما كان وزيراً لخارجية إسرائيل، وسمعنا في المناسبة عن وجود

مجموعة من المثقفين والسياسيين الباكستانيين الذين تعلموا في الولايات المتحدة

يدافعون عن ضرورة الاتصال بإسرائيل حتى لا تنفرد بها الهند وتحصل بذلك على

ميزات استراتيجية إضافية على حساب باكستان.

ولكن هذه التطمينات تبدو كأنها تنويم للجانب الباكستاني؛ فقد رفضت وزارة

الخارجية الأمريكية التعقيب على تقرير صحفي عن تأهب وحدة من القوات الخاصة

الأمريكية لشن عملية للاستيلاء على ترسانة باكستان النووية بالتعاون مع إسرائيل.

ورفض ريتشارد باوتشر المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نفي أو تأكيد هذه

الأنباء، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة تحتفظ بعلاقات تعاون وثيقة مع الجنرال

برويز مشرف رئيس باكستان، وتثق في قدرة حكومته على تأمين المنشآت النووية

الباكستانية.

وأضاف أن واشنطن تجري اتصالات مستمرة مع إسلام آباد ونيودلهي حول

برامج تأمين المنشآت النووية بالدولتين لتحاشي أي مخاطر قد تتعرض لها.

وكانت مجلة نيويورك الأمريكية قد ذكرت أن وحدة من قوات الكوماندوز

الأمريكية تجري تدريبات مع وحدات مناظرة في إسرائيل مختصة بمكافحة

الإرهاب؛ لتنفيذ عملية عسكرية في باكستان يتم خلالها الاستيلاء على سلاح نووي.

وأشار التقرير إلى أن الوحدة الإسرائيلية يطلق عليها اسم (٢٦٢) ، وأن العملية

أعدت للتنفيذ في حالة الإطاحة بالجنرال مشرَّف من السلطة.

في ضوء هذه التحديات السابقة يتأرجح السلاح النووي الباكستاني بين

إضافة لرصيد القوة الإسلامية وسلاح يدافع عنا وبين كونه وسيلة جديدة لإضعاف

المسلمين وأداة لابتزازهم، وبات المسلمون مطالبون بالتنازلات تلو التنازلات في

سبيل الدفاع عن هذا السلاح وبقائه بعيداً عن الأعداء! !