عند التأمل في طبيعة المشكلات التي يعاني منها الناس فإن المرء لا يتردد في القول إن لكل مشكلاتنا الكبرى حلين: حلاً عاماً، وحلاً خاصاً.
الحل العام يحتاج إلى بحوث ودراسات مستفيضة، كما يحتاج إلى أفكار ومفاهيم كبرى ومعقدة. والمساهمات فيه تتفاوت تفاوتاً كبيراً بحسب القدرة والمسؤولية والاختصاص. وهو حل يحتاج إلى وقت طويل؛ لأنه يستدعي تغييرات في البيئة المحيطة. وكثيراً ما تكون مساهمات الدول فيه هي الأساس؛ لأنه قد يستلزم تغييرات في النُّظُم والتشريعات وأولويات الصرف المالي. وهذا الكلام ينطبق على الفقر والمرض والبطالة والجهل والانحطاط الخلقي وتعاظم النزعة المادية وأشياء أخرى من هذا القبيل. وسيكون من المفيد دائماً نشر الوعي العام بهذه المشكلات، وحث الناس على دعم الحل العام، والمساهمة فيه على قدر الوسع والطاقة.
أما الحل الخاص فإنه يحتاج إلى نوع من اليقظة الفردية والشخصية لدى الإنسان المسلم. وأعتقد جازماً أن الحل الخاص كثيراً ما يكون أنجع من الحال العام وأبقى وأكثر إمكانية. إن لدى أفراد الأمة طاقات وإمكانات هائلة، لكن لعدد من الأسباب لا تتم الاستفادة منها، وإن هناك ارتباكاً عاماً في استثمارها وتوظيفها وإدارتها. خذ على سبيل المثال مشكلة (البطالة) هذه المشكلة يسهم فيها الأفراد أكثر من أي جهة أخرى، وحلها يحتاج أيضاً إلى مساهمات فردية قوية وبنّاءة. إن المرارات الموجودة في الواقع الإسلامي هي في معظمها من صنع المسلمين، أو هي المحصول النهائي لأعمالهم ومواقفهم وعلاقاتهم، وإن التخلص منها متوقف على تغيير سلوكيات أولئك الذين أوجدوها، وما زالوا يساعدون على استمرارها. إن من المهم أن ندرك أننا لا نستطيع أن نبني أمة أقوى من مجموع أفرادها، وإن الفرد الذي لا يؤهل نفسه، ولا ينظم شأنه الخاص، ولا يتلقى ما يكفي من التعليم والتدريب إن ذلك الفرد يسهم في تفاقم أزمة البطالة عوضاً عن أن يساعد على حلها.
سوف تختلف أشياء كثيرة في حياتنا، بل قد تتغير ملامح الوجود الإسلامي كله إذا تصرفنا وفق المفاهيم والمبادئ الآتية:
١ - كل مسلم يخفق في حل مشكلاته الخاصة يتحول هو نفسه إلى مشكل اجتماعي، ويصبح عبئاً على غيره.
٢ - أي تحسّن يطرأ على حياة أي مسلم ينعكس في النهاية إيجاباً على باقي أفراد الأمة، أو المجتمع بصورة من الصور.
٣ - مشكلة المسلمين الأساسية مع الممكن، وليست مع المستحيل.
٤ - تركيز العمل دائماً ضمن دائرة التأثير، وتقليل اللغو فيما هو داخل دائرة الاهتمام.
٥ - إذا عملنا ما هو ممكن اليوم صار ما هو مستحيل اليوم ممكناً غداً.
٦ - لا نجاح لأي حل عام إلا بمساندة الحلول الخاصة.
٧ - العمل وفق قول الله ـ تعالى ـ:{لا تُكَلَّفُ إلاَّ نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ}[النساء: ٨٤] .