إن الغرب وربائبه ـ من أبناء جلدتنا ـ يشنون حرباً شعواء متعددة الأغراض والمجالات والأماكن.. يريدون أن يطفئوا نور الله ويبدلوا كلامه.
ولا غرابة؛ فهو يعمل على نشر هويته، والتمكين لمعتقداته، وتحقيق مصالحه، وضمان استمرار تفوقه.
وسبيله في ذلك: تفريقنا، وتعميق ضعفنا، وتسطيح اهتماماتنا، وضرب معنوياتنا، والإجهاز على جديتنا وفاعليتنا، وإيلاجنا في دركات الشهوات والشبهات.
وحين نلحظ جهود الخيِّرين من أبناء أمتنا في مواجهة حملة أهل الصليب والنفاق الكبرى نرى بوضوح أن عامتها ينصبُّ في خانة ردود الأفعال، ومع إيماننا بضرورة القيام بشيء من ردات الفعل بياناً للأمة وتحذيراً لها من ناحية، ومقارعة للأعداء من ناحية أخرى؛ إلا أن الإغراق فيها ـ دون وقفات مراجعة جادة، وخطط مجابهة واضحة تمكننا من الاختيار الصحيح واتخاذ القرار الأنسب لنا ـ سيوقعنا في شِباك عدونا؛ مما يمكنه من قيادنا، ويلهينا عن أولوياتنا، وعن عمل ما هو الأصلح لأمتنا والأكثر تمكيناً لمبادئنا، بل إنه قد يفقدنا امتلاك روح المبادرة وإمكانية انتقالنا من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم.
ومما يزيد الأمر خطورة:
- أنها تجعلنا دوماً قابعين في دائرة التركيز على ما يريد خصومنا، لا على ما نطمح إليه نحن وتريده أمتنا.
- وأنها تُغفلنا عن الحدود الدنيا التي تبقينا في دائرة هويتنا، ولا يسوغ لنا بحال التنازل عنها.
- وأنها تضخم في دواخلنا قوة عدونا وجوانب ضعفنا، وفي المقابل: تنسينا عناصر قوتنا وجوانب ضعف عدونا.
ولذا فلا بد لنا ـ متى ما أردنا لأمتنا عزاً وتمكيناً ـ من إصلاح ذواتنا، وتقوية ثقتنا بمولانا، وأن لا نغفل لحظة عن تذكر ما نريد؛ لتكون الأعمال والبرامج التي نقوم بها محققة لها دوماً. إن علينا في خضم انشغالنا بالتصدي لمخططات أعدائنا أن نتذكر أنَّا: أفراداً.. ومؤسساتٍ.. ودولاً.. وأمةً.. نريد ذلك أيضاً.
إن الأمم كلها في مراحل نهوضها تستحضر ما تريده باستمرار وتعيه؛ فعلينا إن أردنا النهوض أن لا ننسى أن نريد.