خواطر في الدعوة
عالم الاقتصاد
(٢)
محمد العبدة
قال لي صاحبي: ما كتبته في الخاطرة السابقة عن علاقة المسلم بعالم
الاقتصاد فيه عموم ونحن بحاجة إلى الأمثلة التفصيلية، قلت: سأتكلم عن الحالة
الفردية المبسطة جداً، وليس هنا مجال الكلام عن التخطيط الاقتصادي، أو أهمية
الاقتصاد. حالة الفرد المسلم الذي يشعر بأهمية (المال) وكيف يساهم في التخفيف
من ضغوط الاقتصاد الرأسمالي والاقتصاد الاستهلاكي المسلط على رؤوسنا، ومن
الأمثلة التفصيلية التي يعرفها ولا شك كثير من المسلمين ولكنها للذكرى، ولمزيد
من إعطاء الأهمية لعالم الاقتصاد:
* لماذا لا يتعلم الشاب المسلم مهنة أو أكثر من المهن التي يحتاجها الإنسان
بين الحين والآخر يتعلمهما ولو من قبيل الهواية وليس لكسب الرزق من خلالها،
فيستطيع إصلاح أمور منزله، أو مركوبه، أو شتى حوائجه كما كان يفعل رسول
الله - صلى الله عليه وسلم - فيصلح نعله ويرقع ثوبه وقد منَّ الله سبحانه وتعالى
على سيدنا داود بأن علمه [صنعة لبوس لكم] ، وفي المجتمع الأوربي الآن قلَّ
أن يخلو منزل من أدوات إصلاح المنزل، إصلاح الكهرباء أو الجدران أو
الحديقة..
* لماذا لا نحرص على موضوع الاستثمار، الذي يفيد الفرد والمجموع،
والاستثمار يأتي من تجمع (المال) ومن ثمَّ إدخاله في دورة الإنتاج الاقتصادي
(زراعة وصناعة وتجارة) وتجمع المال قد يأتي من التوفير ولو كان قليلاً، ودورة
الإنتاج هذه تخفف من البطالة التي ينتج عنها من المشاكل ما الله به عليم.
إن الشاب المسلم الذي يجد نفسه عالة على أسرته أو أصدقائه ويجد من نفسه
القوة والنشاط والفاعلية ثم لا يستطيع أن يعمل شيئاً، كل هذا سيؤثر في نفسيته بل
وبطريقة تفكيره.
* يلاحظ أن كثيراً ممن يملك المال في مجتمعاتنا يميل إلى استثمارها في
الأمور الاستهلاكية، فهو إما مستورد لحاجات صنعت في الخارج أو يقوم بالوساطة
التجارية وهذا كله حباً في السهولة والربح السريع، وبعداً عن المشاريع التي تفيد
المسلمين في الزراعة والصناعة.
* قد تجد المسلم المتدين ولكن زوجته تنفق أموالاً طائلة على الكماليات في
المسكن والملبس وهو يرافقها ولا يجد حرجاً في ذلك وقد لا يخطر في باله أن هذه
الأمور مما يجب الاهتمام بها والتنبه لها، وأين هذا من صنع السيدات الفاضلات
في مجتمعاتنا الإسلامية قبل مجيء عصر الاستهلاك، حين كانت المرأة المسلمة
تدير المنزل أحسن تدبير، فلا إسراف ولا تقتير، بل وتخرّج أجيالاً تمرسوا على
هذا التدبير.
هذه أمثلة بسيطة والموضوع بحاجة إلى مزيد من الوضوح، وإني أجد نفسي
لم أعبر تماماً عما أريده من (المسلم الاقتصادي) .