البوسنة والهرسك
محنة شعب ومأساة أمة
د. يوسف الصغيّر
تاريخ دخول الإسلام:
كانت قبائل إيليريه (أسلاف الألبان) تسكن في الأراضي التي تعرف اليوم
ييوغسلافيا، وفي غضون القرن الأول الهجري (السابع الميلادي) أخذت قبائل
صقلبية تغزو هذه المناطق، حتى قضت على الإليريين إلا في المناطق الجنوبية
الغربية. ومعظم سكان يوغسلافيا اليوم بما فيهم المسلمون ينحدرون من هؤلاء
الصقالبة، وكانت القبائل الصقلبية تنقسم إلى مجموعات أهمها الصرب الذين
اعتنقوا المذهب الأرثوذكسي الذي كانت تدين به الدولة البيزنطية، والكروات
والسلوفين الذين اعتنقوا المذهب الكاثوليكي، والبشناق الذين اتبعوا المذهب
البوغوميلي وكونوا الكنيسة البشناقية. وكانت الحروب الدينية الطاحنة تدور بين
الصرب والكروات، وكان مجالها أرض البشناق التي كانت محل نزاع بين الدولتين
حتى كون البشناق دولتهم في أوائل القرن السادس الهجري (عام ١١٣٧م) .
دخل العثمانيون الأراضي البشناقية لأول مرة حينما فتحوا جتيلو عام ١٣٥٣ م
وهزموا الجيوش النصرانية المتحالفة سنة ١٣٦٥ م قرب أدرنة وبعد عدة معارك
تمت هزيمة الصرب عام ٧٩٢ هـ (١٣٨٩م) في معركة كوسوفو الشهيرة التي
تعتبر نهاية دولة الصرب، وتم فتح بلغراد عام ١٤٥٢ م ولم يفتح العثمانيون بلاد
البشناق بل اكتفوا بأخذ الجزية، ولما قامت الحرب الأهلية في بلاد البشناق بسبب
محاولة الملك الكاثوليكي إكراه الشعب البوغوميلي على اعتناق الكاثوليكية استنجد
زعماء البوغوميل بالمسلمين فقام محمد الفاتح بفتح بلاد البشناق وأعلن أن لا إكراه
في الدين، وبعد فترة بدأ البشناق بالدخول في الإسلام حتى عمهم وصاروا من أقوى
أنصاره، وكانوا درعاً حصيناً للدولة الإسلامية في تلك المناطق المضطربة، وتم
استكمال فتح بلاد البشناق والهرسك سنة ١٤٨١ م ثم معظم أوكرانيا سنة ١٥٢٦ م
ووصل العثمانيون إلى سلوفينيا عام ١٥٦٦ م غير أنهم لم يفتحوها.
وبعد دخول البشناق في الإسلام بدأوا عهداً جديداً وأخذوا يشيدون المدن
ويعطونها طابعاً إسلامياً بمساجدها ومدارسها وأسواقها، وأهم هذه المدن سيراجيفو
أو (بشناق سراي) ، وبلغت الحركة العلمية أوجها في نهاية القرن العاشر وبداية
القرن الحادي عشر الهجري حيث ظهرت مؤلفات كثيرة باسم علماء بشناق، ومع
استمرار الفتوحات العثمانية استوطن المسلمون وخاصة في البوسنة كثيراً من
المناطق المجاورة مثل صربيا والأجزاء الشمالية الشرقية والغربية للجبل الأسود
وسلافونيا وانطبعت كثير من المناطق بالطابع العثماني، فعلى سبيل المثال سجل
الرحالة التركي الشهير أوليا شلبي بأن المدن بودا (جزء من بودابست عاصمة
هنغاريا) وستولني بيوغراد وبوجفا وأوسيك ومدن أخرى في هنغاريا وسلافونيا في
القرن السابع عشر كانت تشبه المدن البوسنوية تماماً وهذا في المناطق التي لم
يستقر فيها العثمانيون أما المناطق التي استقروا فيها طويلاً مثل بلغراد عاصمة
الصرب فيقول أوليا شلبي الذي زارها عام ١٦٠٠م: (كان سكانها ١٠٠ ألف نسمة
ثلاثة أرباعهم مسلمون وكان بالمدينة ٢٧٠ مسجداً تقام في ٣٣ منها صلاة الجمعة
وبها ١٧ تكية و ٨ مدارس ثانوية إسلامية و ٩ دور للحديث و ٢٧٠ من الكتاتيب
القرآنية.
وكانت الحرب مستعرة بين العثمانيين الذين كانوا أقوى دولة عسكرياً في ذلك
الوقت وبين التحالف الصليبي في أوربا وعلى رأسهم النمسا والمجر (هنغاريا)
وبولندا، وتمكن المسلمون من فتح مناطق كثيرة وقد حاصروا فيينا عاصمة النمسا
مرتين كان آخرها عام ١٠٩٥ هـ (١٦٨٣م) وبعدها بدأوا في التقهقر أمام تكالب
الصليبيين خاصة بعد أن بدأ الضعف يدب في أوصال الدولة، ومع هذا التقهقر
بدأت الإبادة الجماعية للمسلمين وذلك في الحرب الكبيرة أو في حرب الدفاع عن
فيينا من سنة ١٦٨٣ -١٦٩٩ م ففي هذه الحرب خسر العثمانيون الأراضي في
هنغاريا (المجر) وبلافونيا وليكا ودالماتسا وبوكا كوترسكا.
جميع المسلمين في هذه المناطق والذين لم يتمكنوا من الانسحاب إلى البوسنة
والهرسك ومناطق أخرى حولوا إلى الكاثوليكية فعلى سبيل المثال عاش في منطقة
ليكا حوالي سنة ١٦٨٠ م سبعة آلاف عائلة مسلمة (أكثر من ٣٠٠٠٠٠ فرد) وخلال
الحرب اختفوا كلهم إما عن طريق التنصير الإجباري وإما عن طريق اللجوء إلى
البوسنة وتدل على إقامتهم اليوم بعض أسماء الأماكن وبعض الألقاب فقط.
وقد عمل النمساويون على استثارة النصارى الصرب الذين كانوا خير عون
لهم، ونجح النمساويون في احتلال بلغراد عام ١٧١٨ م وسرعان ما حولوا أول
مسجد بنى في بلغراد عام ١٥٢١ م إلى كاتدرائية ولكن تمت استعادة بلغراد عام
١٧٣٨م وأعيد المسجد إلى سابق عهده. ونظراً لاستمرار التمرد الصربي في ولاية
بلغراد فإن المسلمين الذين يعيشون في القرى أحسوا بانعدام الأمن فكان المسلمون
مضطرين إلى التركيز في المدن التي توجد فيها حاميات عثمانية وكان من أهداف
التمرد الصربي طرد المسلمين من صربيا، وحدثت أولى حالات التصفية في
الأعوام ١٧١١ - ١٧١٢ م في الجبل الأسود. وازدادت حدة خلال التمرد الصربي
الأول عام ١٨٠٧م والثاني ١٨٣٠م حيث تم الاتفاق على أن يهاجر المسلمون من
صربيا (ولاية بلغراد) خلال سنة من إصداره وتم تمديده إلى خمس سنوات ولكن مع
ذلك بقي عدة آلاف من المسلمين. وبعد ١٨٣٠م أصبح الوجود العثماني في صربيا
رمزياً ونتيجة لحرب القرم ١٨٧٦ -١٨٧٨ حصلت الإمارتان ذواتا الحكم الذاتي
صربياً والجبل الأسود على استقلالهما عن الدولة العثمانية مع ضم بعض المناطق
إليهما بموجب قرارات مؤتمر برلين، وأيضاً حصل انقلاب آخر في أحوال
المسلمين حيث قرر المؤتمر أيضاً أن يعهد إلى النمسا بإدارة البوسنة والهرسك مع
الاحتفاظ بسيادة صورية للدولة العثمانية، ولم يقبل المسلمون وبدأت الحرب بينهم
وبين الجيش النمساوي الذي تمكن من دخول سيراجيفو في ١٩/٨/١٨٧٨م وعلى
أثرها بدأت موجة هجرة واسعة نتيجة سياسة الإفقار والتضييق الذي تمارسه قوات
الاحتلال، وكانت السلطات مرتاحة في البداية لهذه الهجرة حتى تتمكن من استعمار
المنطقة وكان أغلب المهاجرين من الفلاحين ولكن الضغوط خفت لأن الإدارة
انتبهت إلى أن الهجرة الجماعية للمسلمين ستؤدي إلى اختلال التوازن القومي
والديني في البوسنة والهرسك لصالح العنصر الصربي مما يعقد موقف النمسا في
البلقان، وخلال أربعين سنة من الاحتلال (١٨٧٨-١٩١٨) بلغ المهاجرون بين
٣٠٠ و ٧٠٠ ألف.
وأخيراً ففي حرب البلقان (١٩١٢-١٩١٣م) التي أشعلها الصرب تحت شعار
(أن الدولة الواحدة تجمع بين الصربيين وإلا ستصبح البلقان مقبرة كبيرة) تم تقسيم
إقليم سنجق بين صربيا والجبل الأسود وضم إقليم كوسوفو ذي الغالبية الألبانية
للصرب.
الأحداث الحالية:
تمكن الصرب عن طريق الحزب الشيوعي من التغلغل في جميع مجالات
الحكم، فأصبحوا يمثلون أكثر من ٨٠% من الضباط وأكثر من ٨٠% من السلك
الدبلوماسي وممثلي الشركات اليوغسلافية في الخارج وغالب مدراء الشركات
ورؤساء الجامعات وعمداء الكليات والمدرسين في جميع المراحل التعليمية.
والطالب الصربي يجد منحة دراسية وسكناً أينما ذهب ويجد عملاً بسهولة عند
تخرجه بخلاف الطلاب المسلمين وغيرهم.
وتصور أحداث كوسوفو في عام ١٩٨١م وما بعدها مدى طغيان الصرب فقد
كان الألبان يمثلون حوالي ٩٥% من السكان وهم محرومون من كل حقوقهم فنظموا
مظاهرات وإضرابات قامت السلطات الصربية بمواجهتها بعنف وحكم على ٦٠٠٠
شخص بالأشغال الشاقة لمدد تصل إلى عشرين عاماً، وفصل أكثر من ٨٠ ألف
عامل من وظائفهم، وبدأ استبدال المدرسين والأطباء والممرضات الألبان بصرب،
حتى أن النساء الألبانيات بدأن يلدن في البيوت خشية من قتل أولادهن أو تعقيمهن
من قبل الأطباء الصرب وأصبح أكثر من ثلث السكان بدون عمل، كما ألغيت
جميع امتيازات ولاية كوسوفو، ولم يعترف ببرلمانها الرسمي رغم موجة
الديمقراطية الحديثة التي لم يستفد منها الألبان شيئاً ولذلك أعلن الألبان أخيراً
جمهوريتهم المستقلة عن صربيا من جانب واحد.
بعد سقوط الشيوعية العالمية تراخت قبضة الشيوعية الصربية وسمحت
السلطات بنظام تعدد الأحزاب للتنافس على السلطة، فقامت أحزاب سياسية كثيرة
على مستوى يوغسلافيا، وأسرعت كل قومية إلى تأسيس أحزابها لتحقيق مطالبها
السياسية.
أسس المسلمون حزباً سياسياً سمي بحركة الجبهة الديمقراطية برئاسة الأستاذ
علي عزت وعلى الرغم من أن برنامجه ليس إسلامياً للظروف المحيطة فإنه يعتبر
حزب المسلمين.
ولما أجريت الانتخابات فاز الحزب الصربي الاشتراكي القومي بأكثر من
٨٠% من الأصوات في صربيا، وفاز الحزب الكرواتي القومي في كرواتيا، والحزب السلوفيني القومي في سلوفينيا، والحزب المقدوني بالأغلبية في مقدونيا، وكذلك الجبل الأسود حيث فاز الحزب الصربي القومي.
أما جمهورية البوسنة والهرسك فجاءت النتائج فيها كما يلي:
* حصل حزب المسلمين على ٣٨%.
* حصل الحزب الصربي القومي على ٣٣%.
* وحصل الحزب الكرواتي القومي على ١٨ %.
فتحالفت الأحزاب الثلاثة لتشكيل الحكومة ولإسقاط الحكومة الشيوعية في
الجمهورية، واختير على عزت رئيساً وتم توزيع بقية المناصب على حسب نسبة
الأصوات. وتكونت حكومات قومية جديدة وكانت الحكومات في كرواتيا وسلوفينيا
تقترح أن تصبح يوغسلافيا مجموع دول مستقلة ويكون الرباط بينهما شكلياً بحيث
تبقى باسم دولة يوغسلافيا، ولكن صربيا أصرت على بقاء النظام المركزي القديم
للحفاظ على سيطرة الصرب مما جعل كلاً من سلوفينيا وكرواتيا تخطوان خطوات
فعلية نحو الاستقلال فكونت وحدات الجيش الشعبي واشتريت الأسلحة من الخارج
استعداداً للدفاع أمام هجوم الجيش الاتحادي المسير من قبل الصرب، وأيضاً قام
الصرب بتوزيع الأسلحة على الصرب مجاناً بواسطة الجيش الاتحادي في كرواتيا
والبوسنة والهرسك.
وبدأت الأزمة فعلياً بإعلان سلوفينيا استقلالها، فحاول الجيش تأديبها واندلعت
المعارك مع الجيش الشعبي، ثم تم الاتفاق على سحب الجيش الاتحادي مقابل تجميد
إجراءات الاستقلال لمدة ثلاثة شهور، كل هذا تحت ضغط الدول الأوربية.
وحصل الشيء نفسه مع كرواتيا إلا أن الحرب اتخذت أبعاداً أكبر فقد كانت
الحرب أشد عنفاً وقامت الحكومة الصربية بإثارة الأقلية الصربية في كرواتيا،
وأعلنوا رفضهم استقلال كرواتيا وسعيهم للاستقلال بمناطقهم وبدأت الحرب بين
الجيش الكرواتي من جهة وقوات المتطوعين الصرب يدعمهم الجيش الاتحادي عند
الحاجة، وأتم الصرب الاستيلاء على حوالي ثلث كرواتيا والتي هي ضمن نطاق
صربيا الكبرى ثم جاءت قوات الأمم المتحدة للفصل بين القوات وما زالت موجودة.
وبدأ الصرب الإعداد للمرحلة الثانية من صربيا الكبرى فبدأت القوات
الاتحادية المنسحبة من سلوفينيا وكرواتيا تتمركز في البوسنة والهرسك وقامت
بسحب المواد الغذائية والأدوية من الأسواق توقعاً للحرب ونظراً لتوقع المسلمين ما
سيحصل فقد حاول الناس التسلح، ولكن الحكومة لم توزع السلاح بل كان الناس
يقومون ببيع ما يملكون حتى يشتروا الأسلحة، ومقابل ذلك كانت صربيا وكرواتيا
تقومان بتوزيع الأسلحة على الصرب والكروات داخل الجمهورية.
وما إن أعلن البرلمان في البوسنة الاستقلال عن يوغسلافيا إذا انفصلت
سلوفينيا وكرواتيا حتى انسحب الصرب من المجلس وأعلنوا عدم اعترافهم
بجمهورية البوسنة والهرسك وبعدها أعلنوا عن استقلال أجزاء من البوسنة يكثر
فيها الصرب وانضمام تلك المناطق إلى صربيا الأم. وقبل استعراض الأحداث
الجارية في البوسنة والهرسك فإنه ينبغي إلقاء بعض الضوء على الوضع السياسي
في جمهورية صربيا.
صربيا الكبرى:
إذا كانت الشيوعية سقطت في يوغسلافيا فإن الملاحظ أن زعماء الصرب
الشيوعيين هم أنفسهم الذين يدغدغون عواطف الصرب القومية وتحولوا بين عشية
وضحاها من شيوعيين أمميين إلى قوميين على ما بين هذين المذهبين من تناقض
وذلك حتى يستمروا في مراكزهم وقد يكون الأصل فيهم التعصب القومي ولكن
الشيوعية كانت سبيلاً للسيطرة على بقية أجزاء البلاد ولما بدأت الجمهوريات في
الاستقلال عاد الزعماء إلى لبس ثيابهم الوطنية وكمثال لمن يحكم جمهورية صربيا
فهذه لمحة عن حياة وشخصية وسياسة رئيس جمهورية الصرب سلو بودان
ميلوسيفيتش.
ولد ميلوسيفيتش في بلدة بوناريفاك الصربية القريبة من بلغراد عام ١٩٤١م
وكان أبوه أستاذاً وأمه معلمة وكلاهما كان عضواً ناشطاً في الحزب الشيوعي وبعد
الحرب انفصل والداه وانتحرا لاحقاً.
التحق بكلية الحقوق عام ١٩٦٠ ونمى صداقات كانت له خير معين في ارتقاء
سلم السلطة ومثلاً فقد التقى ايفان ستامبوليتش ابن شقيق أحد أقوى شيوعي ...
يوغسلافي، وقد أفاد من نجم إيفان الصاعد فكان يتولى تباعاً المناصب التي يخليها
إيفان وفي منتصف الثمانينات أصبح ستامبوليتش رئيساً لصربيا فيما تولى
ميلوسيفيتش المركز الثاني وهو رئاسة الحزب الشيوعي الصربي وفي النهاية دبر
انقلاباً أطاح بصديقه القديم الرئيس الصربي الذي لم يصدق ما حصل.
وكان معروفاً بحماسه للشيوعية حتى إنه عمد إلى زيادة صفوف الماركسية في
المدارس ولكنه كان يتغير مع الظروف فقد بدأ يظهر الميول القومية ابتداءً من
١٩٨٦م وبعد توليه زمام الأمور في صربيا وطد سلطته في صربيا متجاهلاً حقوق
غير الصرب ثم حاول بسط نفوذه على بقية الجمهوريات ولكن الحزب الشيوعي
سقط وتم حله وهنا تحول كلياً إلى داعية قومي وفاز في الانتخابات.
اتبع ميلوسيفيتش في سبيل تحقيق حلم صربيا الكبرى استراتيجية بسيطة
وهي الحملات الإعلامية الدعائية التي ترتكز على الظلم الذي يلحق بالصرب
وتهييج العواطف ومنها أنه تم تصوير جثث مجموعة من المسلمين في البوسنة على
أنها لصرب قتلهم المسلمون ودعا الناس للدفاع عن إخوانهم وكذلك تركز الحملات
الإعلامية على أن صربيا يحاصرها الأعداء من كل مكان وأنهم يتآمرون عليها مثل
وكالة المخابرات الأمريكية، وألمانيا والنمسا والفاتيكان وحتى الشيوعية العالمية،
وعلى سبيل المثال بث التلفزيون مقطعاً قديماً لمقابلة بين هتلر وعميله الكرواتي
أثناء الحرب العالمية الثانية ثم اتبعت اللقطة بلقطة للرئيس الحالي لكرواتيا وهو
يصافح المستشار الألماني هلمت كول.
ويتبع الحملات الإعلامية بضغط عسكري وسياسي وهو عنيد لا يقبل التنازل
وقد قال عنه وزير الخارجية الهولندي بعد مقابلة معه استمرت خمس ساعات
لإقناعه بالسماح بإرسال مراقبين غير مسلحين من المجموعة الأوربية إلى كرواتيا:
(إننا نشفق على شعوب لها مثل هؤلاء القادة) وتسيطر عليه فكرة تحقيق حلم
صربيا الكبرى، ففي بداية الأحداث قال في خطاب له أمام مئة وخمسين من قادة
الصرب: (إن واجب صربيا الأول هو الدفاع عن الصرب المشتتين في ... ... جمهوريات يوغسلافيا الأخرى وإن عنى ذلك إعادة رسم خريطة البلاد بالقوة،
وأضاف أن لا معارضة سياسية ولا عويل حول التدهور الاقتصادي يستطيعان
الصمود أمام الدعوة الصربية إلى السلاح) وما كاد ينهي كلامه حتى دوت القاعة
بالتصفيق.
وجاء دور البوسنة والهرسك:
وما أن استقرت الأحوال في كرواتيا بمرابطة القوات الدولية في المنطقة التي
يسيطر عليها الصرب (حوالي ثلث كرواتيا) حتى انتقل ثقل الصراع إلى جمهورية
البوسنة والهرسك وما إن أعلن استقلال الجمهورية عن يوغسلافيا حتى بدأت
الميليشيات الصربية المدعومة من قبل الجيش الاتحادي بشن غارات على المدن
والقرى الإسلامية المتاخمة لصربيا وبينما كان الصرب مدججين بالسلاح كان
المسلمون بحاجة ماسة للسلاح وكانت نداءاتهم للحكومة في سيراجيفو بتزويدهم
بالسلاح لا تلقى استجابة مناسبة بسبب قلة السلاح ومعرفة الحكومة أنها ستحتاجه
للدفاع عن سيراجيفو نفسها عند تعرضها للتهديد وقد تقدم الصرب بسرعة في البداية
فاستولوا على مدينتين إسلاميتين في شمال شرق البوسنة. واستمر حصار وقصف
المدن سواء التي يشكل المسلمون أكثرية فيها أو التي يتقاسمونها مع الصرب حتى
أتموا احتلال حوالي ٦٥% من أراضي الجمهورية، ومن المدن التي استولى عليها
الصرب بيلينا وزفورتيك وبراتوناتسك وفيشغراد وروغانتيسا وفوتشا وهذه تمثل
مناطق على الحدود الشرقية، وأيضاً فقد حقق الصرب جيوباً مهمة في مناطق فيها
أقليات صربية مثل سيراجيفو ومنطقة بوساتسكي برود وكوبريس وموستار، وأقام
الصرب جمهورية اسمية في الأراضي التي احتلوها في البوسنة والهرسك واتخذوا
من مدينة بانيالوكا عاصمة لهم.
وقد استفاد الصرب من الصدمة التي أصابت المسلمين وقاموا بعمليات قتل
وترويع يقصد منها تفريغ المنطقة من المسلمين حتى تكون خالصة لهم وعلى الرغم
من أن المجازر الرهيبة التي ارتكبوها قد نجحت في تهجير أعداد كبيرة من السكان
بلغت حوالي المليون سواء داخل الجمهورية أو في كرواتيا وسلوفينيا فإنهم يواجهون
مقاومة متصاعدة، فبينما صرح رئيس الحزب الديمقراطي الصربي في البوسنة
والهرسك في بداية الأحداث أن الصرب يستطيعون الاستيلاء على سيراجيفو خلال
ساعات فقط إذا أرادوا فإن الواقع يكذبهم حيث صمدت سيراجيفو حتى الآن أكثر من
شهرين، وأيضاً تمت استعادة بعض المناطق ومنها موستار كما أحرز عدد من
الانتصارات في المناطق الشمالية من الجمهورية وعلى الرغم من عدم ثقة المسلمين
بحسن نوايا الكروات فإنهم اضطروا إلى التباحث حول اتحاد كونفيدرالي مع كرواتيا
مع أن الكروات أيضاً لهم أطماع في الجمهورية بل ويرفعون علم كرواتيا على أي
منطقة يقومون بطرد الصرب منها، فإلى الله المشتكى..
البوسنة والهرسك والنظام العالمي الجديد
لقد أكثر دهاقنة النفاق السياسي من ترديد الشعارات البراقة، وبشروا بعالم
جديد يسوده العدل ويتم فيه الأخذ على يد الظالم، وأكبر مثال على ذلك ما حصل
في الكويت. وإذا تساءلت: ما بال أهل فلسطين يسامون الخسف على يد يهود،
تحس من الإجابة أن هذا النظام لا يعمل به بأثر رجعي ولكنه يخضع للتجربة أمام
المشاكل المستجدة، وحصلت الحرب بين الصرب والكروات فتدخلت الدول ...
الأوربية بحزم وقامت بمد كرواتيا بالسلاح والضغط على صربيا لوقف العدوان
وقامت الأمم المتحدة بإرسال حوالي ١٤ ألف جندي لحفظ السلام وكان مركز قيادتهم
في سيراجيفو ولكن ما إن انتقل الصراع إلى بلاد المسلمين حتى تحولت الأمم
المتحدة إلى حمل وديع لا تستطيع منع الصرب من العدوان، بل لا تفكر في إرسال
قوات لحفظ السلام، بل إنه حرصاً على سلامة جنود الأمم المتحدة يأمر بطرس
غالي بسحبها من سيراجيفو حتى يسهل على الصرب مهمة قصف المدينة وإبادة
أهلها، واصطدم بطرس غالي في سبيل ذلك مع جل الساسة الأوربيين بل
ومسئولي الأمم المتحدة الذين استنكروا موقفه لتناقضها مع مواقف أخرى له،
فتراجع قليلاً وأذعن بأن تنشر قوات حفظ السلام (١١٠٠ رجل) في سيراجيفو لفتح
المطار وإغاثة السكان المحاصرين الذين يتعرضون للمجاعة، ولكنه اشترط لذلك -
كما يقول المراقبون - شرطاً تعجيزياً وهو أن تقوم هدنة وتصمد لمدة ٤٨ ساعة
على الأقل، وهذا معناه ضوء أخضر للصرب بالاستمرار بالقصف حتى لا تتدخل
الأمم المتحدة، ولكن السؤال: ما هو وزن بطرس غالي، بل ما هو وزن هيئة
الأمم المتحدة من أحداث العالم؟ إن الإجابة واضحة وهو أن الولايات المتحدة
الأمريكية هي الأمم المتحدة، وعندما تريد شيئاً تتخذ من هذه الهيئة غطاءً قانونياً
لتنفيذ أغراضها والحفاظ على مصالحها، وعندما لا ترغب في شيء من ذلك فإن
الأمم المتحدة تبقى مكاناً للخطب والقرارات غير الملزمة كما صرح بطرس غالي
بتقسيم قرارات الأمم المتحدة إلى قرارات ملزمة وأخرى غير ملزمة حسب هوى
البعض. وتجد في حالة البوسنة والهرسك أن الدول الأوربية وبضغط من ألمانيا
بدأت تنظر بريبة لتصرفات الصرب التي تعيد إلى الأذهان الأحوال في البلقان قبيل
الحرب العالمية الأولى حيث إنه لا يساند الصرب الآن إلا حليفتهم القديمة روسيا
الاتحادية التي ورثت روسيا القيصرية. وبرزت ألمانيا كقوة أساسية في أوربا وذلك
لمواقفها المتميزة من مشكلة يوغسلافيا وفي ذلك إحراج كبير للولايات المتحدة التي
يجب أن تدخل الساحة حتى لا تفوتها المكاسب وبالتالي اعترفت الأمم المتحدة
بالدول الثلاث ومنها البوسنة والهرسك، وتحركت الأمم المتحدة التي بعثت فيها
الحياة من جديد لفرض حظر دولي على صربيا والجبل الأسود، وبدأت الولايات
المتحدة بالتلويح بعمل عسكري محدود لإيصال المعونات لسكان سيراجيفو
المحاصرين وإذا حصل شيء من ذلك فهو لأسباب منها:
١- قرب العهد من أحداث الخليج والحرج الحاصل من اختلاف ردة الفعل،
على الرغم من أن ما يحصل في البوسنة والهرسك من الأعمال الوحشية لا يقارن
بما حصل في الكويت.
٢- كون المسلمين في يوغسلافيا يغلب عليهم التفريط والانسلاخ الفعلي وهذه
التصرفات الصليبية قد تؤدي إلى تنامي تيار إسلامي يكبر في أوساطهم، أو بلغتهم
انتشار الأصولية بين المسلمين في أوربا وهذا ما لا يتحمله الغرب.
٣- إفساح المجال للحكومات في البلاد الإسلامية لتقديم العون للمسلمين وذلك
لتخفيف استياء الشعوب مما يجري.
٤ - محاولة تحجيم دور ألمانيا وفرنسا في الميدان الأوربي ولا يغيب عن
البال أن ميتران ذهب إلى سيراجيفو وهي تحت الحصار وأرسل المساعدات
الإنسانية إلى أهلها.
لا تنس أخي المسلم
أخي العزيز: إن ما سأذكره لك هو مصداق لقوله تعالى: [إن يَثْقَفُوكُمْ
يَكُونُوا لَكُمْ أَعْداءً ويَبْسُطُوا إلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وأَلْسِنَتَهُم بِالسُّوءِ ووَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ] ، وقال
تعالى: [لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إلاًّ ولا ذِمَّةً وأُوْلَئِكَ هُمُ المُعْتَدُونَ] [التوبة ١٠] .
إن ما يجري في بلاد البوسنة والهرسك هي عمليات إبادة يمارسها الصرب
ضد البشناق وهم من أصل واحد بل ويتكلمون لغة واحدة ولكن فرّق بينهم الدين.
أخي المسلم إننا لا نريد منك فقط أن تذرف الدمع الغزير تعاطفاً مع إخوانك، فهذا
لا يكفي، بل يجب أن تتذكر ولا تنسى أن ما جرى لهم اليوم قد جرى لهم مرات
ومرات قبل اليوم، وهو أيضاً ما حصل لغيرهم من المسلمين في مخيمات اللاجئين
في لبنان على يد الموارنة والرافضة وحصل للمسلمين في الهند على يد الهندوس
وفي بورما على يد البوذيين وفي سيلان على يد التاميل وفي وفي.. ولكننا أصبنا
بداء الوهن مضافاً إليه ضعف شديد في الذاكرة، وما نريده منك - أخي المسلم -
ألا تنسى هذه الأحداث وتعرض عليها كل ابتسامة من كافر وكل مجاملة من ملحد
وصدق الله حيث قال: [يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وتَأْبَى قُلُوبُهُمْ وأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ]
[التوبة ٨] .
* يروي شهود العيان القلائل الذين نجوا من سكاكين ومناشير العصابات
الصربية المسماة بـ شتنيك، يروون صوراً من أفاعيلهم البشعة. قام شتنيك
بإحراق المسلمين في مساجدهم وبيوتهم في مناطق جنوب شرق البوسنة وكانوا
يمثلون بالقتلى بعد ذبحهم بالسكاكين ويقطعون بها ثدي النساء بعد اغتصابهن
ويبقرون بطون الحوامل للتمثيل بالأجنة.
* في مدينة قوتشا الإسلامية المشهورة بمساجدها الجميلة التي بنيت في العهد
العثماني قام الصرب بالاستيلاء على بعض أحيائها ثم علقوا أعلاماً صربية على
مئذنة المسجد الجامع فيها وتسمع عبر مكبراتها أغان صربية تشتم مقدسات المسلمين
وتحرض على إبادتهم.
* في مدينة بيلبينا على الحدود مع صربيا حدث ما يلي: بعد آخر صلاة
تراويح في رمضان ١٤١٢ هـ وعند خروج المصلين من المسجد أخذت القوات
الصربية اثنين منهم وذبحتهما على باب المسجد وبدأت بإطلاق النار على الآخرين
وعندئذ هرع المصلون راجعين إلى المسجد ثم ألقى الصرب القنابل في داخله ليقتلوا
ما يزيد على مئة مصل ثم دخلوا المسجد وسلبوا المسلمين، وقضوا الحاجة على
جثثهم، والأدهى أن تلفزيون بلغراد بث هذا المشهد المروع في نشرته الرئيسية بعد
أن عرض القتلى في الكنيسة بدلاً من المسجد المهدم وعلق على الصورة بأن
المسلمين المسلحين المدعومين من الخارج هكذا يعاملون أفراد الشعب الصربي في
البوسنة والهرسك وهذا هو مصير ما يزيد على مليون صربي فيها ولحماية الشعب
الصربي في البوسنة من المسلمين المتطرفين نناشد جميع شباب صربيا سرعة
الالتحاق بمراكز المتطوعين لإنقاذ الصرب الأبرياء.
* والآن إليك محضر تحقيق أجري مع أحد المجرمين الصرب ونشر في أحد
صحف سيراجيفو وذلك بعد القبض عليه، ففي الرابع عشر من أيار في حي
سوكبونار في سيراجيفو ألقى أفراد الشرطة البوسنية القبض على الإرهابي الصربي
جيلكو كوفاشيفيتش، وفي الحال اعترف بالآتي مع حذف المعلومات غير
الضرورية:
- نشأت في عائلة من الطبقة العاملة، والدي ووالدتي افترقا عام ١٩٧٥م،
أسكن أنا ووالدي في نفس المنزل.
- أخي ميلنيكو ولد عام ١٩٦٧م يعمل كسائق شاحنة، حالياً ينتظم في
صفوف الميليشيات الصربية.
- في الرابع من أبريل استلمت دعوة للانتظام في احتياط القاطع العسكري
لمنطقة سوكولاتس، أخذت مكاني مع ثلاثين عنصراً في فصيل عسكري بقيادة
ضابط احتياط.
- في معسكر هان بيساك كنا حوالي ٤٠٠ جندي بقيادة سبعة ضباط احتياط
من صربيا.
- تلقينا تدريباً عسكرياً يشمل تمرينات جسمانية، التدريب بالرصاص الحي
على أسلحة القنص، الرشاشات الأوتوماتيكية، المدافع وأسلحة أخرى.
- بعد التدريب أمرنا بالذهاب للدفاع عن سيراجيفو ولإنقاذ الشعب الصربي
المعرض للقتل والتنكيل من جانب منظمة الكوفيات الخضر (الإسلامية) . ...
- قائد الكتيبة الذي حضر من صربيا وقادة المعسكر الآخرون كانوا غالباً
يحدثوننا خلال دروس التوجيه السياسي كيف ينكل المسلمون والكروات بالصرب
ويطردونهم من بيوتهم ويقودونهم إلى جهات مجهولة.
- حوالي الساعة العاشرة من الثاني والعشرين من أبريل تحركنا بالشاحنات
والباصات العسكرية نحو سيراجيفو، وصلنا معسكر لوكافيتا بالقرب من سيراجيفو. قبل مساء ذلك اليوم انطلقنا من المعسكر إلى حي جربافيتا في سراجيفوا تلك الليلة، لم ندخل الحي لأسباب أمنية بل قضينا الليل في الحافلات.
- في صباح اليوم التالي وتحت حراسة عسكرية مشددة دخلنا جربافيتا.
قضينا الليلة الأولى في الهواء الطلق، ثم وجدنا بعض المنازل المهجورة فوقع
اختيارنا على منزل لأحد المسلمين واسمه يوسف في شارع زغرب.
- بانتظام كنا نحصل على التموين في ذلك المنزل من معسكر لوكافيتا التابع
للجيش الاتحادي. خلال النهار نستريح وخلال الليل نذهب إلى المواقع، كنا نمشط
ونفتش المنازل بحثاً عن السلاح. نعم لقد نهبنا مواد مختلفة، لقد أخذت من بعض
المنازل أجهزة كهربائية، ساعة يدوية وأشياء أخرى.
- قائدنا رايكو تسفييكش كان قد قال لنا أن ننهب أي شيء تقع عليه أيدينا
وبشكل خاص أن نحضر له جهاز فاكس من نوع (باناسونيك) . كنا نسرق
السيارات ونحملها بالمواد المنهوبة وننقلها إلى سوكولاتس.
- قبل سبعة أيام وبينما نحن سوية، فإذا بشاب يسير نحونا، أوقفناه فسأله
ماركوفيتش عن الهوية الشخصية، أعطاه الشاب هويته فوراً، وعندما عرف
ماركوفيتش اسم الشاب قال: انظر ابن ( ... ) نحن نبحث عن هؤلاء لنذبحهم.
بدأنا جميعاً بضربه بأيدينا وأرجلنا فسقط على الأرض فواصلنا ركله بأرجلنا دون
الالتفات إلى توسلاته، لكننا مع ذلك ضربناه أكثر وأكثر. عند ذلك بدأ الدم يسيل
من رأسه ووجهه فأجبرناه أن يقف على رجليه.
- ماركوفيتش طلب مني السكين فأعطيته، عند ذلك قال: الآن سأذبح ابن
( ... ) ، الغلام كان يتوسل لنا أن لا نفعل.. لكنه صاح بعد ذلك قائلاً: افعلوا ما بدا
لكم.. أنا لا أخاف الموت.. سوف تنالون جزاءكم يوماً ما.
- ماركوفيتش قال لنا عند ذلك بحدة: إن القائد تسفييتش أمر بذبح المسلم
بالسكين لأنه خسارة أن نطلق عليه رصاصاً غالي الثمن.
- في تلك اللحظة وقف خلف الغلام بإحدى يديه شد لحيته وباليد الأخرى
أمسك بالسكين.. ذبح الغلام! ! انتظرنا مدة خمس دقائق لنتأكد من موت الغلام.
كان يلفظ أنفاسه وماركوفيتش يقول:.. تعذب.. تعذب سوف نذبحكم كلكم بهذه
الطريقة.
- قبل أربعة أيام تحركنا نحن الأربعة باتجاه قراتشي، هناك رأيت رجلاً
يجلس أمام بيته في أحد الأزقة، ذهبت إليه وسألته عن هويته الشخصية، قال لي
إنه لا يملك هوية وإن اسمه رادي، لم أصدقه لأنه كان شبيهاً بالمسلمين وجهاً
وتعبيراً. سألته لماذا لا يذهب إلى الجيش إذا كان صربياً كما يقول، فقال: إن
الحرب لا تهمه وإنه لا يريد أن ينحاز لأي جهة، أغضبني جوابه كثيراً، فأمسكت
بلحيته من الخلف وبيدي الأخرى أخرجت سكيني من الجعبة فذبحته، سال دمه
بكثافة، انتظرت قليلاً وبعدها رجعت إلى رفاقي. وأضاف لقد قتلنا أو ذبحنا ما
مجموعه ثلاثة عشر مسلماً وأضرمنا النار في خمسة بيوت تابعة للمسلمين [١] .
(١) نقلاً عن جريدة ASI البوسنية الصادرة بتاريخ ٢٩/٥/١٩٩٢ م.