[جذوة العز]
عبد الله عيسى السلامة
بَعْضُ نَفْسِ البَصير في أَحداقِهْ
والكَثيرُ المُثيرُ في أَعماقِهْ
ما بَصيرٌ مَنْ ضُمِّنتْ مُقْلتاهُ
كُلَّ ما في الضَّمير مِن أَشْواقِهْ
رُبَّ أَعمى العَينَينِ أَبصَرُ قلباً
مِن بَصيرٍ يَهيمُ في آفاقِهْ
* * * * *
ظالِمٌ ذلكَ الذي يَسْحَقُ الشَّعبَ
ويَجْني ما شاءَ من أَرزاقِهْ
ويَدُ الظالِمِ الذي يُمْكِنُ الظالمَ
مِن قَهْرهِ وشَدِّ وَثاقِهْ
وجَبانٌ يُكَفّنُ السَّيفَ رُعْباً
حينَ تُمْسي حَياتُه في امتِشاقِهْ
وفَقيهٌ يُزَيِّن الذُلَّ بالفِقْهِ
فتَعْساً للخائِرِ المتَفاقِهْ
نَسِيَ العِزَّ، إنّ للعِزّ فِقْهاً
ضَجَّ سمُّ الطغاة من تِرياقِهْ
إنّ للعِزّ جَذوةً تُحْرِق الشَّمسَ
إذا نالَ حَرُّها مِن رواقِهْ
* * * * *
أيُّ حقٍّ أَحقَّهُ اللّغْوُ لَمّا
نامَ حدُّ الحُسامِ عَنْ إحقاقِهْ
كَمْ رأَيْنا مِنْ نابهٍ عَبْقَريٍّ
سَخِرَ المجرمون مِن أوراقِهْ
وأَحالوهُ دُمْيةً تَتَنَزّى
وأَكُفُّ الجلاّدِ حَولَ خِناقِهْ
* * * * *
نَحنُ ظُلاّمُنا، ونحنُ المظاليمُ
وكُلٌّ مُوَكّلٌ برِفاقِهْ
رُبَّ شاكٍ من سَطْوة الظُّلم يشكو
كُلُّ ما في الحياةِ من أخلاقِهْ
يُشْهِدُ اللهَ أَنّهُ الصادِقُ البَرُّ
وسُمُّ الثُّعبانِ في أشْداقِهْ
رُبَّ صَدْرٍٍ يَضُمُّ بِذْرةَ فرعونَ
ويَحْوي زُجاجةً من مَذاقِهْ
إنْ تعامَتْ عَنه العُيونُ رَماها
بالعَمى، ثم ساقَها في سِياقِهْ
فهو يَشْكو لَذْعَ الحَميمِ، فإنْ سادَ
فَويْلٌ للأرضِ مِن غَسّاقِهْ
مَيِّتٌ كُلُّ مَنْ يَموتُ، ويَخْزى
دون مَوتٍ مُنافقٌ في نِفاقِهْ
فإذا صَفَّقَ المنافِقُ للظالِمِ ذُلاً
أو صارَ مِنْ أَبْواقِهْ
صار نَعْلاً أو يُشْبهُ النَّعلَ في رِجلَيهِ
يُلْقيهِ عِندَ انْخِراقِهْ
ليسَ للظُّلمِ مِنْ مُعينٍ عَلَيه
غيرُ سيفٍ يُفْنيهِ عنْدَ انْبِثاقِهْ