الورقة الأخيرة
مع الشجاعة.. نزلة أخرى
بقلم:د.محمد بن ظافر الشهري
منذ بضع سنوات والعصابات الصليبية المجتمعة في البوسنة تتفنن في ابتداع
ضروب من التعذيب والإبادة؛ دونها ما أثر عن محاكم التفتيش في الأندلس المضاع، ولقد يئست تلكم العصابات وأعوانها وكثير ما هم من استئصال شأفة المسلمين بحد
الحسام؛ فمالت إلى (السلاح/السلام) ! !
ولما كانت الضحكات المتشنجة التي تعالت من (دايتون) إلى (زغرب) ... و (بلغراد) مرورا ب (لندن) و (باريس) تكفينا عناء البحث عن الخاسر الوحيد في
هذه العملية (التاريخية) كما وصفها عرابوها؛ فإننا نكتفي بالوقوف عند البند الذي
شدد كما هو حال جل المؤتمرات الدولية اليوم على ضرورة التصدي لـ
(المتطرفين) الإسلاميين، ووجوب طردهم من تلكم الأرض.
لقد كثرت الألقاب التي تطلق على هؤلاء النفر، فقد كانوا في أفغانستان
المجاهدين الأبطال الذين يحاربون الملحدين الروس، فلما شهدت جروزني على
تحسن سجل الروس في حقوق الإنسان! ! تحول اللقب من (المجاهدين) إلى
(الأفغان العرب) الذين لا هم لهم إلا قلب أنظمة العسكر (الانقلابية المعتدلة) ، ثم
كان الإرهاب خاتم الألقاب..
إن من السفه أن نعاتب الغرب (الصليبي) على مكافأة العصابات من بني دينه
على الجهود المبذولة طيلة السنوات الأربع الخالية، ولكن من الواجب أن نعاتب
(البوسنيين) على الرضى بمعاقبة إخوانهم الذين جاءوا إليهم يحملون الأرواح على
الراح.. ليذبوا عن دماء المسلمين وأعراض المسلمات، ثم يقال لهم وقد بذلوا
أنفسهم رخيصة: اخرجوا وإلا..! !
هب أن (البوسنيين) قالوا لمن أعانهم بالمال من المسلمين: لا أخلف الله عليكم، إذن لاشتد النكير عليهم والتوبيخ لهم، فأين هذا المثال من واقع الحال؟ ! ..
وليس الجود بالمال من الجود بالنفس في شيء، وليس الجحود باللسان بأنكى من
مقابلة الإحسان بحد السنان..
لست أزعم أنني أعلم من (البوسنيين) بواقع حالهم، ولست أجهل أنهم ذاقوا
مرارة العدوان حسّاً وذقتها معنى، وقبل هذا وذاك سأقدم حسن الظن معللاً النفس
بأن الحرب خدعة، وأن ليس كل ما يعلم يقال.. ولا كل ما يقال يفعل.. ولكنني
كلما تعالت الضحكات الآنفة الذكر، وتقاطرت الأمداد تحمل الصلبان؛ راودني
الظن، وأعوذ بالله من سوء الظن أنني أقرأ نسخة منقحة، ومزيدة من (سلام ... الشجعان) ...