الحملة الأمريكية على الإرهاب أخذت أبعاداً كثيرة، تجاوزت أهدافها العسكرية والسياسية المعلنة، وكان من أبرز المستفيدين من هذه الحملة: المنظمات التنصيرية التي فتحت لها الأبواب مشرعة في معظم دول العالم. ولهذا لم تتردد منظمة (رابطة الرهبان لتنصير الشعوب) التي يتبعها أكثر من ٨٥ ألف قسيس، و٤٥٠ ألف جمعية دينية، في زيادة جهودها للحد من انتشار الإسلام، وتشويه صورة النبي المصطفى -صلى الله عليه وسلم-، حتى إن صحيفة (فليت إم زونتاج) الألمانية كتبت في ٣٠/٥/٢٠٠٤م، مقالاً بعنوان:(مليون ضد محمد) !! ذكرت فيه أن المنظمة جندت مليون شخص للحد من انتشار الإسلام في العالم.
وها هي ذي جمهورية قرقيزستان ـ التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي السابق، والتي لا يعلم كثير منا أن نسبة المسلمين فيها تصل إلى ٨٤% ـ تتعرض لحملة تنصيرية شرسة جداً لدرجة أن مدير اللجنة العامة للشؤون الدينية في الجمهورية ذكر أن ٤٠ منظمة تنصيرية كاثوليكية وبروتستانتية تنشط في تنصير المسلمين، وتوزع آلاف الأشرطة والكتب والأناجيل، مما أدى إلى انخفاض نسبة المسلمين من ٨٤% في نهاية ٢٠٠١م إلى ٧٩.٣% في مطلع ٢٠٠٤م!!
أما في العراق فقد نصب المنصِّرون خيامهم منذ بداية الحصار عام ١٩٩١م، وتركزوا في شمال العراق خصوصاً. ثم انتشرت جيوشهم التنصيرية بعد دخول قوات الاحتلال في جميع الأنحاء. ويقدر عدد المنظمات التنصيرية العاملة في العراق الآن بأكثر من سبعين منظمة..!!
إنها حملات تنصيرية تجددت دماؤها بعد الحملة الغربية على الإرهاب..!
مرحلة جد خطيرة تتطلب من الدعاة والمؤسسات الإسلامية رؤية جديدة قادرة على الثبات وتجاوز هذه الأزمات.
إنَّ الإسلام دين الفطرة، ولا يرتد عنه إلا من جهله، أو غشيته غشاوة الضلالة ولم يستقر الإيمان في قلبه، وإذا أحسن المصلحون تجديد معالمه والتعريف بأصوله، وتقديمه للناس بدون تكلُّف؛ فإن النفوس ستُقبِل عليه بإذن الله تعالى.
إنها أمانة عظيمة، ومسؤولية كبيرة، يجب أن يُستنهض لها كافة الأمة، كل بحسبه؛ فحماية هذا الدين مهمة الجميع.