اعتادت وزارة الخارجية الأمريكية إصدار تقرير (انتهاك الحريات الدينية) في العالم، وهو لهذا العام ٢٠٠٤م نص وبشكل بارز على اتهام كل من (بورما والصين وإيران وكوريا الشمالية وإرتيريا والسودان والسعودية) والسؤال الذي يطرح نفسه: هل شمل التقرير كل الدول التي تمارس ذلك حقاً، أم أنه تعامى عن غيرها، ليكون وسيلة ابتزاز وبخاصة حيال الدول الإسلامية؟ ثم نعم تحدث عن غيرها لكن لماذا لم يشر إلى انتهاك الحريات الدينية للمسلمين في فلسطين حيث تهدم المساجد وتجعل خمارات ومراقص وحظائر حيوانات؟ وأمريكا نفسها تنتهك حقوق المسلمين في حربها القائمة ضد الإرهاب حيث يسجن المسلمون، ويذلون ويطاردون بمجرد الشبهة، وما قصة طالب الدكتوراه السعودي (سامي الحصين) عنا ببعيدة، وبعد فترة طويلة عانى فيها الأمرَّيْن انتهت التحقيقات إلى تبرئته مما اتهم به، ولم يسمح له بمغادرة أمريكا إلا بعد التنازل عن كل حقوقه القانونية، وأين حقوق معتقلي (جوانتانامو) ومعتقلي (أبو غريب) مثلاً حيث فضحت الديمقراطية الأمريكية على رؤوس الأشهاد، وكشفت عن وجهها القبيح؟ أين كل هذه الانتهاكات من الإدانة؟ ألا يفترض أن تكون أمريكا على رأس القائمة، أم أنهم مبرؤون من كل جريمة؟ كما يطالبون بعدم محاكمة جنودهم في الحروب التي يخوضونها حتى مع اقترافهم لجرائم الإنسانية في الحروب التي يخوضونها.
أما تليمحاتهم للتنصير وبناء الكنائس في السعودية؛ فهذا مرفوض بنصوص شرعية؛ ثم إن العمال غير المسلمين يوقعون على أنظمة محددة منها ضرورة احترام خصوصية هذا البلد؛ أما محاولة الضرب على وتر النزعات الطائفية المقيتة، وادعاء أن بعض الطوائف محرومة من حقوقها الدينية؛ فهذه محاولة للصيد في الماء العكر قد تنطلي على بعض السذج من أبناء تلك الطوائف، إلا أن الكثيرين منهم يرفضون الزج بهم في هذه المعركة الخاسرة. لذا نقول لأمريكا وأذنابها الذين يطالبون ببناء الكنائس في السعودية كُفوا عن دعاويكم الباطلة، وطالبوا بالحرية الدينية في أمريكا نفسها! ألم يمنعوا دخول الداعية الإنجليزي المسلم (يوسف إسلام) مؤخراً لمجرد شبه حوله غير صحيحة، بل إنهم يضطهدون حتى من يحمل جنسيتهم من المسلمين ممن يعانون الظلم والقهر والعذاب لا لشيء إلا أنهم يدينون بالإسلام. فهلاَّ كشفوا عن الانتهاكات الصهيونية لحقوق المسلمين في فلسطين إن كانوا صادقين! إننا نتحداهم أن يجرُؤوا على تجريم اليهود في انتهاكاتهم الدينية والإنسانية في فلسطين ليكونوا ضمن منتهكي الحريات الدينية في تقريرهم هذا؛ لأن من يضع هذه التقارير غير الموضوعية من فئة التيار اليميني المتطرف الحاكم في أمريكا حالياً، والشيء من معدنه لا يُستغرب.