للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نص شعري

[ستعود حطين]

محمد الحسناوي

...

يا هارِبِينَ إلى هوى (رابينِ) ... هل تذكرونَ مرارةَ السِكّينِ؟

إن كانتِ الثاراتُ تَنسى لونَها ... فالهُونُ لا يُنسى ولونُ الهونِ

كم حرّة جاعت ولم تأكل بثد ... ييها وسال لعاب كل بطينِ

يا آكلينَ، بِخُبزةٍ، أقداسَهم ... ما ينفعُ التسويفُ للمَغبونِ

شهداؤكمْ خطبوا السماءَ وأنتمُ ... تتلمظونَ على فُتاتِ الطِينِ

ما كانَ (بيريزٌ) أخا ثِقَةٍ ولا ... كانَ الوفاءُ العذبُ في (شارونِ)

سلبوا الضِياءَ من الشموسِ، وأبَّدوا ... أسلابَهم بالسيفِ والتَّوطِينِ

أَفنمنحُ الذؤبانَ صكَّ براءةٍ ... أو نُسلِمُ الأطفالَ للتِنّينِ؟

أوطانُكمْ أعراضُكم. هل يَسلمُ الشـ ... ـرفُ الرفيعُ من الأَذى.. بالدُّونِ؟

أوطانكمْ أقداسُكمْ. من ذا يُبا ... دِلُ مسجداً وممالكاً.. بِظُنونِ؟

أوطانكمْ أوطانُ أجدادٍ سَقَو ... ها حُرَّ أَفئدةٍ ونورَ عُيونِ

أوطانُ أجيالٍ تُفدِّيها، تُفـ ... دّي رَمْلَةً منها بِكلِّ ثَمينِ

يا هارِبِينَ من القضاءِ إلى القَضاءِ ... نَسيتمُ الميعادَ في (حِطّينِ)

المجدُ مجبولٌ بِتُربتِها، وملءُ شِعا ... بِها الغازي (صلاحُ الدِّين)

ستعودُ (حِطّينُ) الفخارِ، ويَرجِ ... عُ المحزونُ من زَهوِي ومن زَيتوني

ما زالَ (عِزُ الدينِ) و (الياسينُ) في ... أَحداقِها في نَبْضِها المَكنونِ

أُصغُوا إلى همسِ النَسيمِ بِبوحِها ... وإِلى لُغاتِ الشَوقِ في اللَّيمونِ

شَدْوُ الحَمامِ أنينُها، وصَهيلُها ... سَيلٌ تَحدَّرَ من ذُرا (حَرْمُونِ)

شُمّوا إذا شِئتمْ ذَرِير عُشَيْبَةٍ ... بَرّيةٍ أزرتْ على النِسرِينِ

مِزمارُ (داودٍ) على غُدرانِها ... يَحكي عَنِ الفِردوسِ سكبَ لُحونِ

وصلاةُ (أحمدَ) في معارِجِ طُهرِها ... نورٌ على نورٍ وعَرفُ جَبِينِ

يا هاربينَ إلى سَرابِ وُعودِهمْ ... سَمُّ الخِياطِ يَضيقُ في التَطمينِ

من ذا يَخيط قُلامةً في أُظفرٍ ... أو يُلحِمُ المجذوذَ بِالإسفينِ؟

الروح باقِيةٌ، وعَزَّتْ أن تُنا ... لَ بإصبعٍ أو عَظْمةٍ عُرجونِ

الروحُ باقِيةٌ، وتَأبى أن تُقطَّـ ... ـعَ بينَ (صهيونٍ) وبينَ خَؤونِ

الروحُ صنعُ اللهِ تمضي جُملةً ... وتعودُ واحِدَةً بِلا تَقنينِ

كتبَ الإلهُ لَتَغلِبنَّ جُنودُه ... وجنودُ (عبدِ اللاتِ) في سِجّينِ

في كلِّ خَلْقٍ سُنّةٌ مقدورةٌ ... تأتي على ما رِيشَ من تَدجِينِ

الليلُ ليلٌ، والنَّهارُ مَسيحُهُ ... والنصرُ سيفُ الله في التَكوينِ