[مجاعة وخيراتنا نهب لغيرنا]
كلما تناقلت وسائل الإعلام أخبار المئات بل والآلاف من الذين يموتون جوعاً
في السودان أو الحالة الاقتصادية المنهارة في أكثر الدول العربية تذكرت مقالة ذلك
اليهودي الحاقد: (جوناثان هيلغي) حيث يقول: (هل أوصانا الله بأن نقود هذا العالم
أم نأكله) إن رائحة الحقد والكراهية على بني البشر تفوح من مقالة هذا اليهودي،
وقد كان اليهود يطبقون هذه المقالة عمليا ولسان حالهم يقول: فلتسحق البشرية،
وليعيش شعب الله المختار، ويطلق هذا الساخر مقالة أخرى حيث يقول: (تصوروا
لو أن عدد اليهود يساوي عدد سكان الصين؟) ويترك هذا التساؤل بدون إجابة
ونترك للقارئ تصور ما سيحدث للعالم لو أن عدد اليهود يساوى عدد سكان الصين!.
أعود مرة أخرى إلى اقتصاد الدول العربية، التي حباها الله بالموارد
الاقتصادية الضخمة من نفط، ومعادن وأرض خصبة، ومصادر للحياة، وأيدى
عاملة رخيصة، وقد تتوفر كلها في بلد واحد والنتيجة: ديون خارجية تبلغ (١٠٠)
مليار دولار. (نقلاً عن جريدة القبس ٢١ - ٧ - ٨٦) .
وسواء أكانت هذه الديون لبنوك غربية أو للبنك الدولي، ففي نهاية المطاف
تصب في جعبة اليهود، وحين تعجز أي دولة عن تسديد الديون في الزمن المتفق
عليه تبدأ عملية ما يسمى جدولة الديون وتأجيل التسديد مع زيادة الفائدة على الدين،
وحين تتأزم الأمور وتعجز الدولة عن تسديد الدين يتدخل صاحب الدين ويرسم خطة
اقتصادية للدولة يكون أهم بنودها تخفيض العملة وزيادة الضرائب ورفع الدعم عن
السلع المدعومة، وبالذات الغذائية منها، وتتكرر هذه الصورة مع كل دولة من دول
العالم الثالث المدينة. ومع كل هذا تعد أية جهة تنجح في الحصول على قرض من
بنك غربي أو من البنك الدولي، أو تنجح في إعادة جدولة الديون القديمة تعد ذلك
انتصاراً ونجاحاً مع أنه - والله - قيد جديد يضاف إلى القيود التي سبقته ليبقى
الاقتصاد مكبلاً بأغلال ثِقال، مفاتيحها في جنيف ولندن وفرانكفورت وواشنطن
وسواها من عواصم ومدن المال في العالم الغربي وتبقى هذه السياسة سنين طويلة
وتطبق بحذافيرها، بحيث يصبح الناس ويمسون على هاجس: هل يجدون خبزاً أم
لا؟ .
فأنى قلبت البصر في العالم من حولك وجدت كل بلدٍ يشكو من ضائقة
اقتصادية معينة مع وجود هذه الثروات والإمكانات التي سبق ذكرها آنفاً وأصبح
يصدق فينا قول الشاعر:
كالعيس في البيداء يقتلها الظما ... والماء فوق ظهورها محمول
وقبل هذا صدق فينا قول الله سبحانه وتعالى: [وضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً قَرْيَةً كَانَتْ
آمِنَةً مُّطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ
الجُوعِ والْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ] [سورة النحل: ١١٢] ما ذاك إلا لانسلاخنا
من ديننا الذي هو عصمة أمرنا وهو ما صنعته أيدينا، واليهود يخططون لمثل هذا
الوضع الاقتصادي المزري لإحكام السيطرة على الشعوب وإذلالها، حيث يعود
هيلغي مرة ثالثة فيقول: (الجوع هو أفضل وسيلة لقيام الصلح بين العرب
وإسرائيل) .
وبعد ما تقدم هل صحيح أن اقتصادنا بأيدينا؟ ! ! .