للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فتاوى اعلام الموقعين

[صور من الجهاد بالمال]

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

في المملكة العربية السعودية

فتوى رقم (١٢٦٢٧) وتاريخ ١١-٢-١٤١٠هـ

الحمد لله والصلاة والسلام على رسوله وآله وصحبه، وبعد:

فقد اطلعت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء على الأسئلة المقدمة من د.

عبد الله الخاطر [*] إلى سماحة الرئيس العام، والمحالة إليها برقم (٧٢٤٨) وتاريخ

١٦-١١-١٤٠٩هـ، وأجابت عن كل منها عقبه فيما يلي:

تمهيد: الجهاد في سبيل الله إعلاءاً لكلمته - سبحانه - ونصرة لدينه، ونشراً

لشرائعه عقيدة وعملاً، وتذليلاً لما قد يكون في طريق ذلك من عقبات واجب على

المسلمين، وذلك مما يختلف باختلاف أحوالهم واختلاف أحوال أعدائهم فيما يكيدون

به للإسلام والمسلمين، قال الله تعالى: [وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن

رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم

وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون] [الأنفال: ٦٠] ،

فأوجب سبحانه على المسلمين إعداد ما استطاعوا من العدة عموماً: من قوة جيش

وتوفير مال للإنفاق على ظروف الجهاد: قتالاً أو بياناً قولياً أو كتابياً، وقد ثبت

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم

وألسنتكم) [١] . فذكر - عليه الصلاة والسلام - أنواعاً من الجهاد في سبيل الله

وعلى هذا يجاب عن الأسئلة:

السؤال الأول: نعلم أنكم تدفعون الزكاة للدعاة، ولكن هل يجوز دفع الزكاة

لموظفي المركز الذين لا يقوم المركز إلا على مثلهم؛ مع العلم بأن هؤلاء الموظفين

ليس لديهم دخل مادي آخر ولكنهم يستطيعون العمل في مكان آخر، ولكن المركز

سيصبح مشلولاً ومعطلاً عن العمل؟ أمثلة من الموظفين: سكرتير، مدير إداري،

حارس وطباخ، مسؤول إعلانات عامة، مدرسون في المدرسة، مدير للمدرسة.

والجواب: إذا كان أعداء الإسلام يحاربونه بالقوة الفكرية: بإلقاء الشبه،

وتحريف الآيات، والإلحاد في الدين وجب على علماء المسلمين أن يحاربوهم

بجنس السلاح: بإقامة الحجة وإزاحة الشبهة وإيضاح الحق وبيانه بدليل يدمغ

الباطل ويدحضه، ويهدي إلى سواء السبيل، كما كانت الحال قبل مشروعية الجهاد

بالقتال وبعده؛ فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك قبل الهجرة وبعدها

فيلتقي الوافدين إلى بيت الله الحرام، ويبلغهم دعوة الإسلام، ويقف في بعض

المشاعر وينادي بأعلى صوته: يا معشر قريش! حتى إذا اجتمعوا بلَّغهم كلمة

التوحيد، وكان يسافر إلى بعض الجهات كالطائف؛ ليبلغ من فيها دعوة الإسلام،

وقد أرسل إلى بعض البلاد كالمدينة دعاة يرشدون أهلها ويعلمونهم القرآن، وأرسل

بعض القرَّاء إلى بعض القبائل كرعل وذكوان، وبعث معاذاً وغيره من الصحابة

إلى اليمن، وكتب إلى عظماء الدول وكبراء الأمم كتباً يدعوهم فيها إلى الإسلام.

وبالجملة: جاهد في سبيل الله بالقول والكتابة والبعوث قبل الجهاد بالسيف والرمح

والنبال ومعه، بل أمر حسَّاناً أن ينازل المشركين بالشعر حينما أخذوا يحاربون

المسلمين حرب أعصاب فأمره أن يجيبهم، وأمر الصحابة أن يجيبوا من قال من

الكافرين: لنا العزَّى ولا عُزَّى لكم، وعلمهم كيف يجيبونهم، وكان بعض الكفار

مثل كعب بن الأشرف يؤلب الكفار على المسلمين، ويوقد نار الفتنة، فرأى النبي

صلى الله عليه وسلم أن يندب بعض الصحابة لقتله، تخلصاً من سعيه جاهداً في

إيقاد نار الحرب؛ فكل حرب تقابل بما يناسبها: الشبهة تقابل بالحجة الواضحة،

والسيف بالسيف، والدعاية بالدعاية، والتمويه بحسن البيان وإظهار الحق؛ فإنفاق

المال على من يقوم من الدعاة بمثل هذه الأعمال وفيما يلزم لهم في أداء مهمتهم

إنفاقٌ له في الجهاد في سبيل الله؛ فيجوز أن ينفق في ذلك من أموال الزكاة لكونه

من مصارفها.

السؤال الثاني: على المركز ديون تحمَّلها القائمون عليه وهي في ذمتهم،

وهذه الديون هي بعض قيمة المركز؛ فهل يجوز دفع الديون من الزكاة؟ وتوجد

زكاة لدى المركز مدفوعة من أهل الخير لصرفها في مصارفها؛ فهل تدفع من هذه

الزكاة الموجودة لدى المركز؟

السؤال الثالث: هل يجوز صرف الزكاة لمصاريف المركز الأخرى مثل

كهرباء - تدفئة - هاتف - ضرائب؟

والجواب (٢-٣) : إذا كان دعاة المنتدى الإسلامي بلندن ينهجون في دعوتهم

منهج أهل السنة والجماعة فيرجعون في الأحكام والمواعظ إلى كتاب الله وسنة

رسوله؛ ويعتمدون في مراجعهم على كتب السلف، واضطروا إلى مبنى يكون

مركزاً لهم يجمع شتاتهم، ويكون مقراً لمن يحتاجون إليه من الموظفين، ويعقدون

فيه جلساتهم للتشاور بينهم في شؤون الدعوة والتخطيط لنجاحها وقوة انتشارها فلا

بأس من دفع قيمة ذلك المبنى مما تجمَّع لدى المسؤولين عنه من الزكاة، وكذا يجوز

دفع مصاريف الكهرباء لإنارة المنتدى وتدفئته، ودفع ما لزم من الضرائب

ومصاريف الهاتف مما تجمَّع من الزكاة لدى المسؤولين عن المنتدى.

السؤال الرابع: هل يجوز دفع الزكاة لطلبة يدرسون في الخارج علوماً مادية

(ليست شرعية) في حالة انقطاع المنح عنهم؛ مع العلم بأنهم يمكن رجوعهم إلى ...

بلدهم فيعملون بما عندهم من تحصيل علمي؟ وكيف يكون الأمر عمن لا يستطيع

الرجوع إلى بلده؟

والجواب: إذا كان هؤلاء الطلاب يدرسون علوماً مادية مباحة كالطب يحتاج

إليها الدعاة ومن يقوم بخدمتهم من الموظفين، أو يحتاج إليها المسلمون وانقطعت

عنهم المنح وليس لديهم ما ينفقونه لإتمام تلك الدراسة أو تعذر عليهم الرجوع إلى

بلادهم ليرتفقوا بما لهم فيها من عقار ونحوه جاز أو تدفع نفقاتهم من الزكاة لإتمام

دراستهم لحاجتهم وحاجة دعاة المركز أو المسلمين إليهم.

السؤال الخامس: تجتمع لدى المركز أموال من الزكاة؛ فهل يجوز تأخير صرفها لأكثر من سنة نظراً للحاجة؟

والجواب: يجوز إذا لم تَدْعُ الحاجة إلى تعجيل صرفها لمستحقيها، وكان

تأخيرها لمصلحة متوقعة تقتضي إنفاقها فيها، وذلك في حدود سنة فأقل.

السؤال السادس: توجد لدى المركز صدقات تبرُّع؛ فهل عليها زكاة إذا حال

عليها الحول ولم تصرف؟

والجواب: لا تجب فيها الزكاة إذا حال عليها الحول ولو بلغت نصاباً؛ لأنها

ليست ملكاً لمعين؛ بل هي مرصودة لتنفق في وجوه البر التي تُبُرِّعَ بها لتصرف

فيها، لكن ينبغي التعجيل بصرفها لمستحقيها حينما يوجد المستحق.

السؤال السابع: هل يجوز إرسال كتب أو مجلات إسلامية كمجلة البيان وهي

إسلامية إن شاء الله إلى البلاد الفقيرة لتعليم أهلها ونشر الإسلام فيها من أموال

الزكاة؟

والجواب: إرسال الكتب الإسلامية التي تبين الحق بالدليل عقلاً ونقلاً ...

وتنتصر له ونشر المقالات الإسلامية في المجلات والصحف هدايةً إلى الصراط

المستقيم، ودحضاً للباطل، وردّاً على الشبه من طرق الدعوة إلى الله والجهاد في

سبيله، فيجوز صرف الزكاة في ذلك؛ نصرةً لدين الله، وإعانةً على نشر العقيدة

الصحيحة والأحكام الشرعية التي يشهد لها الدليل من كتاب الله وسنة رسوله صلى

الله عليه وسلم. وبالله التوفيق.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

اللجنة الدائمة

نائب رئيس اللجنة ... ... ... ... الرئيس

عبد الرزاق عفيفي ... ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز


(*) الأمين العام السابق للمنتدى الإسلامي.
(١) رواه أحمد وأبو داود والنسائي.