للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

متابعات

هذا هو واقع المسلمين في الفلبين

(نقد لما نشر سابقاً حول الموضوع)

بعد صدور العدد (٨٥) من البيان الذي تضمن مقالة عن مسلمي الفلبين تحت

عنوان: (نظرات في واقع المسلمين في الفلبين) للأخ الفاضل الحافظ يوسف موسى، ومع ما أجريناه على أصل المقالة من تعديل وتقييد لإطلاقاتها وتهذيب لأسلوبها

وتعليق: فإنها مع ذلك واجهت نقداً ساخناً من بعض الأخوة الأحبة الذين عتبوا على

البيان نشرها تلك المقالة التي هضمت الجهود الكبيرة للعاملين في الدعوة إلى الله

بين مسلمي الفلبين، ولقد وصلنا أكثر من رد وعتاب، من أوسعها تناولاً مقالتان:

الأولى: للشيخ سعود العوشن، والأخرى: لأخينا المستشار عبد الرحمن

السنيدي، ونظراً لطولهما فقد اضطررنا لاختصارهما لضيق المساحة، شاكرين

لهما إيضاحهما وما أبدياه من تعليق موضوعي، وفق الله الجميع.

- البيان -

تعليق الشيخ سعود العوشن، ويمكن تلخيصه فيما يلي:

١- إن مقالة الأخ الحافظ يوسف موسى كالت التهم بما يغاير الحقيقة والواقع، ولو أنه اقتصر في مقالته على مشاهداته ومعاناته في رحلته لكان هذا هيناً، لكنه

عمم وأطلق بما يخالف الحق والحقيقة.

٢- نسي الكاتب أن من مسلمي الفلبين الكثيرين من خريجي الجامعات

الإسلامية وبخاصة في السعودية وغيرها.

٣- أن ادعاء عدم الرد على الرافضة غير صحيح، وذكر الشيخ سعود العديد

من الكتب والرسائل العلمية المترجمة إلى اللغة الفلبينية، مثل: (الخطوط

العريضة) لمحب الدين الخطيب، و (هذه نصيحتى لكل شيعي) للشيخ أبي بكر

الجزائري، و (بروتوكولات قُمْ) ، و (أبرهة القرن العشرين) ... وغيرها، وقد

وزعت على نطاق واسع بين مسلمي الفلبين ولاسيما طلبة العلم والدعاة من خلال

المؤسسات التعليمية والدعوية.

٤- أن جل المساجد في الفلبين ولا سيما ما أنشأته الجمعيات الخيرية هي

مساجد لأهل السنة والجماعة، وأنه لا يوجد بها أي تصوف أو تشيع، وجهود

الجمعيات الخيرية ولاسيما من دول الخليج لها دورها في توعية المسلمين وبخاصة

(جمعية التنمية الإسلامية، التابعة لجمعية إحياء التراث الإسلامي بالكويت) ،

و (جمعية الوقف الإسلامي) في (مراوي) ، وإدارة الدعوة ب (مركز ابن تيمية) في

(كوتاباتو) وغيرها.

٥- وضح الشيخ سعود الأنشطة الإسلامية التي ترعاها تلك الجهات موزعة

في جنوب الفلبين، وأن هناك خمسين معهد إسلامياً، يشتمل كل معهد على أربع

مراحل: الحضانة، والابتدائية، والمتوسطة، والثانوية، وهناك الكليات الإسلامية

العشر، وحلقات القرآن الكريم، ويبلغ عددها ما يقارب الخمسمائة حلقة.

وساق الشيخ سعود المشاريع التي تقوم بها تلك الجهات، من إنشاء المدارس

والمعاهد والكليات والمساجد، وحفر الآبار، وبناء دور الأيتام ومدارس تحفيظ

القرآن، وما تقوم به من جهود إعلامية من استئجار للإذاعات لبث التوعية

الإسلامية للمسلمين هناك، وترجمة العديد من الكتب الإسلامية لنخبة من العلماء

المعروفين والمشهود لهم بالعلم والفضل والدعوة إلى الله، وبيّن المشاريع الخيرية

كمشروع إفطار الصائمين، وذبح الأضاحي، وتوزيع الصدقات، ومساعدة

المتضررين في الكوارث والحروب.

ثم ختم مقالته بالدعوة إلى تحري الصدق وعدم التعميم، وتجنب إطلاق الكلام

على عواهنه، لما في ذلك من أضرار ومن جحود لجهود العاملين في حقل الدعوة

هناك مما هو مشاهد وملموس، وتمنى لو أن الكاتب قصر انطباعاته على مشاهداته

الخاصة حتى يلتمس له العذر، أما وإنه عمم، فإنه قد جانب الصواب وتناسى

جهود العاملين هناك، وبإمكانه زيارة تلك الجمعيات والاطلاع على جهودها من

كثب.

ثانياً: مختصر مقالة المستشار عبد الرحمن السنيدي:

أما مقالة المستشار عبد الرحمن السنيدي فنعرضها مختصرة نظراً لطولها

وضيق حيز النشر:

... نظراً لأن لي بعض الأطلاع على العمل الخيري والدعوي وأحوال

المسلمين في الفلبين، لذلك فإنني سوف أبين أهم الملحوظات والمرئيات والأخطاء

التي وردت في مقالة الكاتب، ليكون هو وقراء مجلة البيان على علم بحقائق الواقع

بعيدين عن كيل التهم جزافاً والتعميم وإطلاق الكلام بلا دليل.

أولاً: اعتقد أن الكاتب لا يعرف بنفسه أحوال المسلمين وواقعهم في الفلبين

حقيقة، إذا أحسنا الظن به وقلنا: إنه لم يتعمد كيل التهم ومخالفة الحق والواقع

والرمي بالنقائص والمعائب، فهذه أعمال الجمعيات القائمة بالعمل الخيري هناك؛

وحتى يقف القارئ على وجه الحق: أبين ما يلي:

من الجمعيات العاملة هناك: (جمعية الوقف الإسلامي) التي تأسست قبل أكثر

من ١٠ سنوات، وتقوم بمعظم أنواع النشاط الإسلامي من دعوة وتعليم للدين

الإسلامي باللغة العربية من الروضة حتى الكليات الجامعية بنين وبنات، مع الفصل

بينهم والتزام الحجاب فلديها ٣ كليات يتبعها ١٢ معهداً، وعشرات المدارس،

و٢٠٠ مدرسة قرآنية، و٩ دور للأيتام، وتكفل ٥٧٠ داعية، وقامت ببناء أكثر

من ٢٤٠ مشروعاً إسلامياً بين مركز ومسجد ومدرسة، وحفرت أكثر من ١٤٥ بئراً للمسلمين هناك، ولديها مكتبة عامة للمسلمين، ومكتبة لبيع الكتاب والشريط الإسلامي بالتكلفة، ومركز للترجمة، ويتبعها إدارتان للدعوة وجمعية نسائية، وتدفع الرسوم الدراسية عن آلاف الطلبة والأيتام المسلمين، ودعمت أكثر من ٣٠٠ مسجد و٣٠٠ جمعية بمساعدات مقطوعة (ثابتة) ، وتقوم سنوياً بتوزيع آلاف المصاحف والكتب للمسلمين، وطبع وترجمة جزء منها حسب أهمية الحاجة ويجري العمل لديها بنظام محكم وإشراف ومتابعة وفاعلية، ولديها في هذا المجال عمل جيد يساعد العاملين في الميدان في العمل الإسلامي والقائمين عليه، ويختصر الوقت والجهود والمال والورق والروتين يتمثل في إعدادها ل (٨٦) نموذجاً للسير عليها في العمل الدعوي والخيري، مما يعطيه فاعلية ونشاطاً وسهولة إشراف ومتابعة وحسن أداء، وهناك جمعية إقامة الإسلام، وجامعة (مسلم مندناو) ويتبعها عدد من الكليات و (٧٨) معهداً ومدرسة وغير ذلك، وهناك جمعية (التنمية الإسلامية) وتركز على المشاريع الاستثمارية وتدعمها جمعية (إحياء التراث الإسلامي) ، ولها عدد من المدارس والمشاريع الإسلامية، وأنشأت إذاعة إسلامية كبيرة سوف تغطي (مندناو) كلها بالبث وهي ثلث الفلبين، وهناك (مركز الشباب العربي) و (جمعية النور الإسلامية) ... ، وغير ذلك كثير من الجمعيات والمراكز والمؤسسات الإسلامية، يدرس أغلبها علوم الإسلام باللغة العربية، ويتبعها مئات المعاهد والمدارس الإسلامية، وعشرات الكليات ودور الأيتام، والمئات من حلقات تعليم القرآن، وتوجه وتشرف على آلاف الدعاة بعضهم مكفول وآخرون متطوعون، ويقدر عدد الجامعيين منهم بأكثر من (٥٠٠) فرد، يهتدي على أيديهم كثيرون من العصاة، ويسلم مئات من النصارى ومن لا دين لهم في كل عام، بالإضافة إلى القيام بالنشاط الدعوي في مختلف الأوجه، وتنظم لهم وللأئمة والمدرسين دورات شرعية وتربوية من قِبَل الجمعيات الكبيرة تزيدهم فاعلية وعلماً واطلاعاً، وغير ذلك من أوجه النشاط الدعوي والعمل الخيري التي يطول بنا ذكرها.

ولذلك: فإن ما ورد في المقال من عبارات أريد بها التهوين من شأن

الجمعيات والمراكز الإسلامية العاملة هناك ووصفها بالوهن والهزال هو خلاف

الواقع، لأن أغلب أو عامة الذين يتولونها هم من المسلمين المعروفين بالعلم

والفضل والتفاني في الدعوة إلى الله، هذا ما نحسبهم والله حسيبهم.

ثانياً: المسلمون الأصليون: وهنا مربط الفرس وبيت القصيد، فكل ما ورد

من كلام في المقال عنهم من همز ولمز وذم: تهم عامة عارية من الدليل والحجة

والبرهان، ولم تراع فيها أمانة الكلمة ومسؤوليتها في الإسلام، ولذلك: فقد أثار

المقال بين شريحة من القراء الذين لا يعلمون عن واقع المسلمين هناك شيئاً

بالمشاهدة أو الزيارة أثار موجة من الحيرة والسخط، سوف أردها بعون الله

انتصاراً للحق وبياناً له ورفعاً للاتهام والظلم عن إخواننا هناك، من واقع اطلاعي

ومشاهداتي لأحوالهم فأقول:

* تحدث المقال عنهم بصفة اللمز والتنقص حيث وصفهم بالمسلمين بالوراثة

أو الميلاد أربع مرات، خلافاً للمتعارف عليه هناك من صفة المسلمين الأصليين.

* دعوى أن الدعم الذي يصلهم من بلاد المسلمين لا يوزع إلا على السلاطين

وقليلين من غيرهم، فأي سلاطين وأي قليلين؟ ! فليذكرهم إن كانت هناك حقيقة،

أما الرمي جزافاً فظلم وغير صحيح، فالذي أعرفه من مشاهداتي أن الجمعيات

الخيرية التي سبق ذكرها تنفذ مشاريعها التعليمية والدعوية وغير ذلك (في الغالب

في الجنوب) بمعرفتها عن طريق نخبة مختارة من خريجي الجامعات الإسلامية في

السعودية أو غيرها، أو في بلادهم من أبناء ودعاة وعلماء المسلمين هناك، وفي

المقابل لم يذكر حاجاتهم ومطالبهم كما ذكرها للفئة الأخرى.

* وصفهم عموماً بالكسل وأن عدداً منهم يبيع أرضه للنصارى ويهاجر إلى

المدينة في الشمال بخطة من الكنيسة، وهذا اتهام عام بلا تحديد، فليته ذكر منطقة

بعينها أو أشخاصاً أو فئة معينة، ليتم الاتصال بهم من قبل الجمعيات الخيرية

ونصحهم ومعالجة أمرهم، ولكن الذي نعرفه ويعرفه غيرنا أكثر ممن له صلة

بالعمل الإسلامي هناك: أنهم من أجود المسلمين تبرعاً بأراضيهم وقفاً في سبيل الله

للأعمال الخيرية وتعاوناً في ذلك، وآية ذلك: أن أغلب أراضي مشاريع الجمعيات

الخيرية الإسلامية من أوقافهم [*] ، وأعرف جمعية منها نفذت أكثر من ٢٣٥ مشروعاً

ما بين مسجد ومدرسة ودار أيتام ومركز إسلامي وبئر، تم بهذه الصفة، فكيف

تقلب حسنات هؤلاء الإخوة المسلمين في المقال إلى سيئات ويبخسون حقهم،

ويتهمون تهماً باطلة قد تنطلي على من لا علم له بحقائق الأمور؟ ! ،

والإحصائيات لدى العاملين والجمعيات تزخر بالشهادة بهذه الحقائق.

* ذكر أنه لا يوجد مسجد واحد باسم أهل السنة والجماعة في المدن الكبرى

نهائياً: وهذه من سقطات المقال الكبرى وشطحاته، ولعل هذا ما يؤكد أن كاتب

المقال لا يعرف شيئاً عن واقع المسلمين هناك إضافة إلى ما سبق، وإلا كيف يجرؤ

على مثل هذا القول والتعميم والحكم الذي سوف يكذبه ويرى عكسه كل زائر للفلبين، ومثل هذا القول البيّن بطلانه في ذاته لا يحتاج إلى دليل على ذلك، فكل المدن

التي يوجد بها المسلمون بها مساجد لأهل السنة والجماعة، وأطمئن القراء الكرام

والمشفقين على العمل الإسلامي هناك بالذات بأنها بحمد الله بالمئات، بل بالآلاف،

وأنه يوجد في مدينة (مراوي) وحدها أكثر من (٩٦) مسجداً، كلها بفضل الله لأهل

السنة والجماعة، وقد حضر (٨٠) إماماً من أئمتها دورة شرعية أقامتها لهم (جمعية

الوقف الإسلامي) مدتها (٦) أشهر، وقد كان لي شرف حضور حفل التخرج في

هذه الدورة يوم ٢٧ شعبان الماضي ١٤١٥هـ أثناء وجودي هناك، فكيف يجرؤ

أحد على إطلاق مثل هذه المقولة، فحسبنا الله ونعم الوكيل.

* ذكر أن المسلمين بالميلاد لا يعرفون العقيدة الصحيحة، ولا يميزون بين

الحلال والحرام، وأن بعضهم صوفي، في حين يذكر أن المسلمين الجدد أوسع فهماً

ومعرفة بالأمور الشرعية وأكثر نشاطاً من المسلمين بالوراثة، وهذه والله واحدة من

العظائم والرزايا، وكل واحدة هي أكبر من أختها، فكيف يصدق هذا الزعم

الواضح بطلانه، فهل يعقل أن يكون من دخل في الإسلام جديداً وقد أمضى معظم

عمره في النصرانية محجوباً عن تعاليم الإسلام، ولم يعرف عنه إلا من خلال

مترجمات مختصره أو دعوة من مسلم، أن يكون أعلم بالأمور الشرعية وأوسع فهماً

من أولئك المسلمين الذين تعلموا العلوم الشرعية من صغرهم باللغة العربية،

وتخرج كثير منهم في جامعات ومعاهد إسلامية، واطلعوا على كثير من الكتب

والمراجع الشرعية، هذا لا يكون، ولكنها المغالطة والخلط.

* ومن ذلك رمي معظمهم بالتصوف زوراً وبهتاناً؛ فالذي أعرفه من زياراتي

لبعض البلاد الإسلامية في إفريقيا وآسيا أن أحوال المسلمين وعقيدتهم في جنوب

الفلبين خاصة، ومناطقهم التي زرتها في إقليم (مندناو) ومنها (كوتباتو) ومنطقة

(مغانوي) و (سلطان قدرات) وفي إقليم (لاناو) في (مراوي) وغيرها، أو في بعض

مساجد (مانيلا) تجدهم أكثر صفاءً في العقيدة من كثير من البلاد الإسلامية، حتى

المجاورة لهم، والبعد عن الصوفية والتصوف والفرق والطرق والمناهج الأخرى

سمة معروفة لهم، وإذا كان الكاتب يعرف مسجداً معيناً بين آلاف المساجد أو مقراً

تمارس فيه الطقوس الصوفية، أو يعرف شيخاً لطريقة صوفية معينة، فليذكره كي

يتوجه له أهل الخير لبيان الحق له ودعوته إليه، وفي ذلك تعاون منه على الخير،

أما أسلوب الاتهام جزافاً فلا داعي له ولا طائل من ورائه.

أما قوله: إنهم يعتبرون المسلمين حديثاً من الدرجة الثانية، ويظنون أن

الإسلام يخصهم وحدهم، وأنهم لا يحبون من يسلم حديثاً.. إلخ، فأنا وإن كُنتُ من

المسلمين العرب فالحق أحق أن يتبع، والفضل لأهله ينسب، فأقول: إن أكثر

المسلمين الجدد اهتدوا بدعوة إخواننا الفلبينيين هناك، ولا مقارنة في النسبة بين من

اهتدى على أيديهم ومن اهتدى على يد غيرهم من عرب أو غيرهم، والإحصائيات

تشهد بذلك.

ومثل مقولة: إنهم يجتمعون لضرب المسلم الجديد حينما ينكر منكراً، وقد

يصل الأمر إلى القتل ولو كان على الحق، ففيه من التهويل والتعميم والمبالغة

والظلم والتنفير والخلو من الدليل ما الله به عليم. ومن قوله: إن بعض مسؤولي

المراكز الإسلامية يطلبون مبلغاً من المال من معتنق الإسلام إمعاناً في التعقيد وتقليداً

للنصارى في طريقة التعميد والطقوس، فهذا على شاكلة ما سبق: رمي دون تحديد

ولا دليل، فليحدد مركزاً أو مسؤولاً ليكون لكلامه واقعاً، والذي عرفناه عنهم ومن

مخالطتهم: الحرص على دعوة غير المسلمين بالتي هي أحسن وبالحجة والبرهان

والمحاورة، ثم فرحهم بإسلامهم ومتابعتهم وتعليمهم بقدر ما يستطيعون وعدم التمييز

بينهم، بل قد يؤثرونهم ببعض المزايا والأمور ترغيباً لهم في الإسلام، أما ما ذكر

في المقال من دعاوى فهي توهمات يكذبها الواقع.

* أما القول بأن قبيلة (التاوسوق) هي أكثر القبائل غيرة على الإسلام، وهي

المقاتلة حقاً، وقد قامت ببناء المساجد في جميع أنحاء الفلبين: أقول: إنني لا

أعرف شيئاً عن هذه القبيلة، وإذا كان الكاتب يعلم شيئاً فليمدنا به على عنوان

المجلة مؤيداً قوله بالدليل، أما قوله: إنها أكثر غيرة ونشاطاً، فهذا غير دقيق،

فالمعروف هناك أن قبيلة (المرناو) مشتهرون بذلك أيضاً، وكذا قوله: إنها المكلفة

ببناء المساجد غير صحيح، وليته اكتفى بذلك، غير أنه زاد قوله: في جميع أنحاء

الفلبين، وما علم أن من القراء من لا يعرف الحقيقة، والذي أعرفه ويعرفه غيري

أن المساجد في جنوب الفلبين وهي منطقة النشاط والأكثرية بنيت غالبيتها من قِبَل

الجمعيات الإسلامية المشار إليها سابقاً وغيرها مما لم يذكر، وهذه المساجد تعد

بالآلاف ولا تختص بها قبائل معينة، إنما تتعاون هذه الجمعيات الخيرية فيما بينها

ومعها أهل الخير والمحسنين من العالم الإسلامي حسب إمكانياتها واحتياج مناطق

المسلمين، ومثل ذلك بقية المشاريع الإسلامية، ولا نعرف مسجداً منها صوفياً أو

شيعياً، وهذه المساجد موجودة إحصائياتها وأسماؤها لدى هذه الجمعيات المنفذة،

وهكذا بقية ما ورد من دعاوى وتهم لا تثبت على محك الحق:

والدعاوى ما لم يقيموا عليها ... بينات أبناؤها أدعياء

ثالثاً: تحدث المقال عن الصوفية ورمى بها أئمة المساجد والمسلمين الأصليين

وهم منها بريئون وقد ذكر خمس فرق من الصوفية، وأن الصوفيين نشروا كثيراً

من البدع والخرافات مثل إقامة المآتم ومراسم الدفن تقليداً للنصارى، كما ظهرت

بين المسلمين عقيدة تناسخ الأرواح.. إلى آخر هذه الدعاوى والتهم الباطلة، ونحن

نطالب الكاتب أو من نقل عنه هذه المعلومات أن يحدد ولو منطقة واحدة يجري فيها

ما ذكر، ومن هم القائمون على هذه الأعمال ليتم الاهتمام بذلك وتوجيه الدعاة

نحوهم.

أما هذا الأسلوب العجيب في كيل التهم بغير أدنى دليل: فهو غيبة عامة وظلم

وظلمات يتحمل وزرها قائلها، فعلى كل مسلم أن يتحرى الحق بدليله.

رابعاً: تحدث عن الرافضة ونشاطهم وكشف بعض مخططاتهم، وهو يشكر

على ذلك، إلا أن هناك ملحوظات يجب التنبيه عليها، منها:

١- أنه وردت في الحديث عنهم أخطاء ومبالغات غير صحيحة وتخالف

الواقع.

٢- أن نشاط الرافضة الذي ذكره لا يقتصر بهذا الشكل على الفلبين وحدها

في أيامنا هذه، من حيث: فتح فروع في البلاد الأخرى لمراكزهم العلمية، ودعمهم

مادياً ومعنوياً ودبلوماسياً من قبل سفارات دولتهم، والوقوف إلى جانبهم بكل

الإمكانات والمطبوعات لنشر مذهبهم، فكل هذا معروف عنهم وهو ليس في الفلبين

فقط، وإنما في كل بلاد يفتح لهم فيه المجال.

الخاتمة: مما سبق أقول: إن الواجب يفرض على كل مسلم انطلاقاً من

واجب الأخوة الإيمانية والحرص على جمع شمل المسلمين وعدم التوهين والفت في

عضد العاملين للدعوة ضرورة التبين والتثبت لئلا يصيب غيره بجهالة، ثم يصبح

على ما فعله من النادمين، وقد لا ينفع الندم وبخاصة في هذا العصر الذي تنتشر

فيه وسائل الإعلام بسرعتها بين ملايين الناس من ينشد الحق عند الحكم على

الآخرين أفراداً أو جماعات ما لهم وما عليهم واسترشاداً بقوله (تعالى) : [ولا

تبخسوا الناس أشياءهم] ، وما ورد في قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:

) إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث (، وغير ذلك من النصوص الكثيرة،

والبعد عن الزلل والظلم والجور والعواقب الوخيمة، وما حاد المسلم أو الجماعة المسلمة في أمر عن منهج الله الحق إلا أصابهم من الخلل والفشل والوهن والاختلاف وسوء العاقبة بقدر ما فرطوا فيه.

رزقنا الله جميعاً صلاح النية والقصد والاهتداء بمنهج الله وصراطه المستقيم

في كل أمر، وثبتنا عليه، ورزقنا حسن التبصر والبصيرة والسعي لكل ما يعلي

شأن الإسلام والمسلمين.


(*) هذا هو ما نعرفه عن إخواننا المسلمين في الفلبين، وقد تكون التهمة المذكورة سابقاً شذوذاً، والشاذ لا حكم له، ولكن يجب ألا نغفل عما ذكر مما قد يحصل من بيع بعض الأفراد أراضيهم للنصارى، خوفاً من أن يكون هناك مخطط كنسي صليبي لإحلال النصارى محل المسلمين في مناطق كثافتهم، إذ إن مثل ذلك ليس بعيداً البيان.
(١) لديّ بيان المزيد والتفصيل لمن يريد أن يطلع على ذلك من نشاطاتها. الهامش رقم (١) غير مشار إليه في المقالة (ماس) .
(٢) ولذلك فقد تدارك القائمون على المجلة بعض الشيء وحسب علمهم وأحالوا القارئ إلى كتيب: الأعمال الخيرية بالفلبين، وذكروا أن هناك جهوداً خيرية كثيرة. الهامش رقم (٢) غير مشار إليه في المقالة (ماس) .