للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المسلمون والعالم

تقرير الحالة الدينية في مصر

(عرض وتحليل)

(٣من٣)

أيمن محمد سلامة

في الحلقتين السابقتين عرض الكاتب (تقرير الحالة الدينية في مصر) وبدأ في

تحليله، فكانت من عناوين نقط هذا التحليل: (مصداقية وعلامات استفهام) ،

و (شاهد أم طرف؟) ، و (وهنا أيضاً: الكيل بمكيالين) ، و (ومن الأرقام ما خدع) ،

ويواصل الكاتب تحليله لهذا التقرير.

- البيان -

وماذا عن الحالة الدينية؟ : هناك بعض الملحوظات على الحالة الدينية نفسها، تلح في البروز ويصعب تجاهلها، من أهمها:

* يظهر جلياً من خلال استقراء ما أورده التقرير عن المؤسسات الإسلامية

الرسمية أن هذه المؤسسات بوصفها مؤسسات، وقد يخرج عن ذلك بعض أفرادها

تُستخدم أداة سياسية لتسويغ توجهات المتنفذين في السلطة والدعاية لهم.. فتاريخياً:

(الدولة الفاطمية استخدمت الأزهر من أجل نشر مذهبها الشيعي، وقام علماء

الأزهر بدور تعبوي هام من أجل نشر هذا المذهب، وتكرر الشيء نفسه في عهد

الدولة الأيوبية من أجل إعادة نشر المذهب السني على أنقاض المذهب الشيعي،

وكان تقرب المماليك لعلماء الأزهر ومحاباتهم لهم يعود إلى احتياجهم إلى سند في

حكمهم يطمئنون إليه ويستعينون به) (ص ٢٨) ، وحتى الصوفية (أخذ الحكام

(المماليك) يستغلون الصوفية ليشغلوا الناس عن التفكير في سوء أحوال البلاد)

٢٧٤) ، ثم مروراً بعهد محمد علي وأسرته ... إلى أن كانت الحقبة الناصرية فكان

تقنين هذا السلوك تجاه تلك المؤسسات؛ حيث (أقدم جمال عبد الناصر في الداخل

على إعادة صياغة الفكر الديني بأسلوب يتلاءم مع طبيعة العصر ومتطلبات التنمية

كما حددتها الدولة وفق قناعاتها الفكرية والأيديولوجية، فاستخدم الدين مع أدوات

أخرى في عمليات التعبئة السياسية وإيجاد شرعية لنظامه) (ص ٢٨) ، وقد عمل

على (القضاء على أي دور محتمل يمكن أن يؤديه الأزهر في شؤون المجتمع

باستقلال عن الدولة، وذلك بإصدار قانون إعادة تنظيم الأزهر. بجانب هذا سعى

النظام الناصري إلى إيجاد أداة إسلامية لسياساته، وهو ما تمثل في المجلس الأعلى

للشؤون الإسلامية، ولم تختلف رؤية الدولة للدور السياسي للأزهر في عهد الرئيس

السادات عن رؤية سلفه) (ص ٢٩) ، (.. ولم تشهد الثورة صداماً مع الشيوخ، بل

استطاع النظام الناصري أن يستثمر الأزهر وشيوخه جيداً لتدعيم وتبرير سياسته،

فوصف الشيخ الخضر ثورة يوليو بأنها أعظم انقلاب اجتماعي، ووصف الشيخ

تاج الإخوان المسلمين بأنهم يشوهون الإسلام، وأفتى بتجريد (الرئيس السابق)

محمد نجيب من حق المواطنة، كما كان الأزهر مكاناً للتعبئة السياسية في حرب

١٩٥٦، كما أفتى الشيخ شلتوت بأن القوانين الاشتراكية لا تتعارض مع الإسلام!.. ولم يكن العهد الناصري فقط الذي استخدم الأزهر كمؤيد ومعبئ ومبرر لسياساته، بل في عهد السادات أصدر الشيخ الفحام بياناً أيد فيه الخطوات التي قام بها

السادات في ١٥ مايو ١٩٧١م فيما يعرف بثورة التصحيح) (ص٤٥) ، و (علاقة

الدولة بالأزهر في مرحلة الرئيس مبارك لم تختلف جوهرياً عما كانت عليه في

مرحلتي الرئيسين الراحلين عبد الناصر والسادات) (ص ٢٩) .

وأيضاً الصوفية وطرقها لها من هذا الاستخدام نصيب، حيث يتساءل التقرير

في معرض حديثه عن (تحديث الصوفية) : (ما مدى استعداد الأنظمة الحاكمة

للتنازل عن الصوفية التقليدية باعتبارها وعاء للشرعية؟ !) (ص ٢٧٦) .

والتقرير يعتبر أن المؤسسات الدينية عموماً تشكل (أداة ضبط واستقرار إزاء

بعض الاتجاهات المغالية في مناهج تفسيرها للنص الديني وشروحه) (ص ٢٦) .

وفي ضوء هذا ينبغي أن نفهم أن هذا الضبط والاستقرار قد يقتضي إعطاء

بعض المؤسسات قدراً من الحرية حتى تمارس الدور المنوط بها في تثبيت الشرعية

المتنفذة (وتحاول الدولة أن توازن بين دور الأزهر في حماية المعتقدات الدينية

وإعطاء الضوء الأخضر له، ذلك من أجل تثبيت شرعيتها وإضفاء الأسلمة على

مواقفها، وفي الوقت نفسه المحافظة على حرية الفكر والإبداع) (ص ٥٢) ...

وعموماً: فإن بعض المواقف المعارضة للسلطة من هذه المؤسسات لم تخرجها عن

إطارها المرسوم لها (وأدى ذلك إلى تعاظم دور الأزهر في الرقابة في وقت زاد فيه

هامش الحريات، وكانت له فتاوى وآراء معارضة في قضايا حساسة كالعلاقات مع

إسرائيل وفوائد البنوك ... وبصورة عامة كانت الدولة تستجيب لغالبية فتاوى وآراء

الأزهر خاصة فيما يتعلق ببعض القضايا الاجتماعية والفكرية، أما ما يخص منها

القضايا الاقتصادية أو تلك التي تمس الأمن القومي فلم تكن الدولة تستجيب لها،

وفي خلال تلك المرحلة لم يضغط الأزهر من أجل تطبيق الشريعة الإسلامية، أو

إلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل، أو تحريم فوائد البنوك، وفي المقابل أعطت له

الدولة قدراً ملحوظاً من الحرية والاحترام) (ص ٢٩) ، (ورغم تعاظم دور الأزهر

إلا أنه لم يخرج [اي: الشيخ جاد الحق] من إطاره القانوني، ولم يصل دوره

المعارض إلى حد الصدام مع السلطة، ولم يضغط من أجل طرح قضية تطبيق

الشريعة الإسلامية ... ) (ص ٤٦) .

والفقرتان الأخيرتان توضحان لنا أنه حتى في مراحل الاستقلال النسبي لهذه

المؤسسات عن الدولة فإن المواقف المشهودة لها لم تكن تعبر عن تصور منهجي

ورؤية واضحة تطالب بها هذه المؤسسات وتعمل على إنفاذها، بل جاءت معظم

هذه المواقف نتيجة جهود شخصية في نقد قضايا جزئية أو بطريقة مشوشة، ومن

ذلك: (.. بعد مجيء الحملة الفرنسية فتصدى شيوخ الأزهر طليعة الوطنيين

المناوئين للحملة وأصبح الأزهر مقراً للحركة الوطنية، ويمثل الشيخ الشرقاوي

(١٧٩٣م) الرمز الأزهري الوطني الذي قاوم الحملة، وكان أحد أعضاء مجلس

الشورى الذي تقرب به نابليون إلى المصريين، وكان أيضاً ضمن وفد العلماء الذي

ألبس خلعة الولاية لمحمد علي واشترطوا عليه أن يحكم بالعدل..) (ص ٤٤ ٤٥) ، (وقد أفسح وقوع مصر تحت سطوة الاستعمار الفرنسي ثم الإنجليزي المجال لأن

يلعب شيوخ الأزهر وعلماؤه دوراً وطنياً قوياً في تعبئة الجماهير ضد الاستعمار

لطرده والحصول على الاستقلال) (ص ٢٨) و (في سبيل تحقيق بعض الإصلاحات

العلمية والهيكلية في الأزهر تحالف الظواهري مع الملك فؤاد ضد الأحزاب، وفتح

بذلك الباب لسيطرة القصر الملكي على الأزهر، ولم يقض ذلك على الدور السياسي

للأزهر، وإن لم يكن هذا الدور في الفترة من ١٩١٧م حتى قبل ثورة يوليو١٩٥٢م

موجهاً ضد الحكام باعتبارهم وطنيين، ولكن كان موجهاً ضد المستعمر.. (إلا إن

الأزهر لم يسكت رغم ذلك على فساد القصر، فقد عزل الشيخ عبد المجيد سليم من

المشيخة بعد أن هاجم الملك فاروق بسبب رحلاته الماجنة إلى إيطاليا..) (ص٤٥)

وقال قولته الشهيرة: (تقتير هنا وإسراف هناك) (ص٣٨) ، ولم نسمع في مقابل

ذلك انتقاداً لولائه للنصارى، أو دعوة قوية إلى تحكيم الكتاب والسنة ونبذ القوانين

الوضعية، أو محاربة للشركيات والخرافات التي تقع حول القبور والأضرحة تحت

سمع وبصر كثير من المشايخ إن لم يكن بمشاركة بعضهم! ، هذا فضلاً عن أن

نجد المطالبة برؤية حضارية شاملة بديلة للرؤى المسيطرة في ذلك العهد وما تزال.

ولعلنا هنا نورد بعض النماذج التي أوردها التقرير والتي توضح مدى

استغلال الدولة للمؤسسات الإسلامية أداة عاملة في آليتها السياسية، وليتضح مدى

صدق ادعاء العلمانيين بأن (لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين) ، حيث

يستغلون الدين لتسويغ سياستهم ولا يرتضون أن يكون حاكماً وموجهاً لهذه السياسة:

ففضلاً عما أوردناه من مواقف المشايخ محمد الأحمدي الظواهري، ومحمد

الخضر حسين، وعبد الرحمن تاج، ومحمد الفحام، فقد أيد الشيخ عبد الرحمن

بيصار (معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية وخطوات التطبيع، وطالب المعارضين

للتطبيع في الأزهر بعدم الصدام مع السلطة، والمعارضة فقط في الأمور التي

تستحق المعارضة!) (ص٤٦) و (كان للشيخين [جاد الحق، وسيد طنطاوي]

مواقف دينية غلب عليها الطابع السياسي الرسمي المعضد للدولة، والمتمثلة في

تطويع الفتوى لتتواكب مع الظروف السياسية السائدة، والتراجع في بعض الأحيان

عن فتاوى سابقة بحجة الاستجابة للمستجدات بما فيه مصلحة المسلمين ... ولعل

أبرز الفتاوى السياسية الرسمية التي تبرز ذلك هي الخاصة بالموقف من إسرائيل..) (ص٧٥) ... و (شهد عام ١٩٩٥م [الحقل الزمني للتقرير] نشاطاً واسعاً لوزير

الأوقاف حينئذ الدكتور محمد علي محجوب سواءً على المستويين الداخلي أو

الخارجي، وبصورة عامة عبر نشاط وزير الأوقاف عن السياسة الرسمية للدولة..

فعلى الصعيد الخارجي واصل الوزير نشاطاته خلال عام ١٩٩٥م، وفي المقدمة

منها: السعي لتدعيم الروابط بين المسلمين والمسيحيين أو ما يعرف بالحوار بين

الأديان استكمالاً لدور الأزهر ودار الإفتاء في هذا المضمار، وتجلى ذلك في تنظيم

وزارة الأوقاف لمؤتمر (عطاء الأديان في خدمة الإنسان) .. مشيراً إلى أن ما تشهده

مصر يعد نموذجاً مشرفاً وقدوة للعالم كله، حيث شهدت الفترة الأخيرة تجسيداً لذلك

من خلال إنشاء المجلس الأعلى للديانات بمصر والذي يضم الإمام الأكبر والبابا

شنودة والشيخين محمد الغزالي ومحمد متولي الشعراوي..) (ص٦٨) .

كما أن (أبرز الأدوار السياسية التي لعبها المفتي مع المؤسسات الإسلامية

الرسمية الأخرى هو إقامة المزيد من جسور الحوار مع المسيحيين والتحمس للحوار

بين الأديان بصفة عامة، وبذلك الدور فإن المفتي والمؤسسات الإسلامية الرسمية

الأخرى تقوم بتدعيم السياسة الخارجية للدولة، والتي تهدف في جانب منها إلى

الانفتاح على الغرب دينيّاً ومحاولة إيجاد أرضية تفاهم مشتركة معه..) (ص٧٨) .

وتأييد وزير الأوقاف لفتوى المفتي في فوائد البنوك كان ذا طابع سياسي:

(ويكتسب تأييد وزير الأوقاف لفتوى المفتي رغم تحريم شيخ الأزهر لها والعلاقة

الطيبة معه طابعاً سياسيّاً؛ لأنه يتمشى مع مصلحة الدولة، وبالطبع فإن وزير

الأوقاف هو المنفذ الأمين لسياسة الدولة في هذا المضمار، وقد اتخذ الوزير نفس

الموقف وبنفس الدوافع تجاه وثيقة الزواج) (ص ٦٩) .

وهدف ضم المساجد الأهلية إلى وزارة الأوقاف لم يكن رعايتها، وإنما كان

الهدف (هدفاً سياسياً وليس دينياً، وبالتالي فقدت المساجد تأثيرها الروحي ولم تقم

بتنفيذ سياسة الدولة في تطويق أفكار الجماعات المتشددة دينياً) .. (ص ٦٥) .

وهدف قوافل الدعوة لم يكن دعوة الناس إلى دين الله وسبيله، بل دعوتهم إلى

نبذ ما أسموه (الفكر المتطرف) الذي يناقض توجهات الدولة (وفي إطار قوافل

التوعية والتي تسمى في بعض الأحيان (قوافل التنوير) التي ترى وزارة الأوقاف

أنها الوسيلة المثلى لمحاربة الفكر المتطرف وسحب البساط من تحت أقدام

الجماعات المتشددة حرص وزير الأوقاف على المشاركة فيها ومعه شيخ الأزهر

والمفتي في بعض الأحيان) (ص ٦٩) ، و (بصفة عامة فإن تلك القوافل قد

استحدثت لسد العجز في الدعاة خاصة في الأماكن النائية كما أسلفنا ولمجابهة الفكر

المتشدد، ولكن تجربة القوافل أثبتت أنها لم تؤد الغرض الذي خصصت من أجله

بصورة إيجابية نظراً لقصر المدة التي يقضيها (دعاة القوافل) في المساجد المختلفة،

وعزوف المصلين عن الاستماع لهؤلاء الدعاة نظراً للطابع الرسمي الذي يغلب

عليهم) (ص ٦٤) .

* ودوران هذه المؤسسات في الفلك السياسي العام كان هدفاً سعى إليه بدأب

من يملكون أزمّة الأمور على مدار التاريخ بوسائل شتى، ومن هذه الوسائل:

ما بدأه محمد علي، (فقد قام علماء الأزهر بتولية محمد علي الذي فطن إلى

قوتهم فعمل على تهميش دور الأزهر وأحدث شرخاً في استقلاليته، فتراجع نفوذ

علمائه الاجتماعي في مقابل تقديم صفوة شبه علمانية في تفكيرها) (ص ٢٨) ،

(ولكن سرعان ما رجحت كفة الحاكم على العالم في عهد محمد علي الذي بطش

بالعلماء وأراد لمصر نموذجاً غربياً هو وأحفاده على حساب الأزهر) (ص ٤٥) ،

وكان من أخطر ما قام به (لما تولى محمد علي استولى على الأوقاف [التي كانت

محبوسة على الأزهر جامعاً وجامعة، العامة والخاصة] وتعهد بالإنفاق على المساجد

وجهات البر ووضع نظام جديد لملكية الأراضي) (ص ٦٠) ، ثم كانت الحلقة

الأخيرة في هذا المسلسل عندما (أضعف النظام الناصري من استقلال العلماء من

خلال سياسته تجاه المؤسسات الإسلامية التي انطلقت في عدة محاور تمثلت في

القضاء على الاستقلال المالي بإصدار قانون إلغاء الوقف الأهلي وتحويل جانب

كبير من أراضي الأوقاف لوزارة الإصلاح الزراعي، فضلاً عن إلغاء المحاكم

الشرعية، والقضاء على أي دور محتمل يمكن أن يؤديه الأزهر في شؤون المجتمع

باستقلال عن الدولة، وذلك بإصدار قانون إعادة تنظيم الأزهر) (ص ٢٨ ٢٩) ،

وهكذا (جعلت قوانين تنظيم الأوقاف في عهد الرئيس عبد الناصر الدعوة الإسلامية

بلا سند مادي ترتكز عليه، الأمر الذي أثر بصورة مباشرة على استقلال علماء

الدين مادياً وفكرياً، وهو الأمر الذي كان له دوره البالغ في اتخاذ هؤلاء العلماء

لمواقف الرفض والمعارضة من الدولة؛ لاطمئنان كل منهم أن هذه المعارضة وهذا

النقد لن يؤثر على حياتهم المعيشية ولن تفقدهم بالتالي وظيفتهم) (ص ٦١) ، (ولم

يبق من الأوقاف الخيرية بعد ذلك إلا وقف المساجد، وقد وافق الأزهر على هذا

الإعفاء بحجة سوء صرف ريع الأوقاف على السبل والكلاب، وأن الدولة أصبحت

متكفلة بشؤون الدعوة والدعاة! !) (ص ٦٠) .

وهكذا تم الإجهاز على العامل الرئيس لاستقلال الأزهر، ذلك العامل الذي

كان تاريخياً العمود الفقري لهذا الاستقلال، (ففي عهدي المماليك والعثمانيين ونتيجة

لعدد من العوامل الداخلية أهمها الاستقلال المالي والعلمي ومكانة علماء الأزهر في

المجتمع.. أضحى الأزهر مستقلاً في ممارسة دوره.. مما جعل الدين يحتل مكان

الصدارة في المجتمع ويصبح معه علماء الأزهر صفوة المجتمع) ، (وعملت الدولة

العثمانية أيضاً على التقرب إلى العلماء للحصول على تأييدهم، وأبقت على أوقافهم

وأحباسهم التي كرست استقلالية الأزهر) . (ص ٢٨) .

كما كان من وسائل ضرب الاستقلالية لهذه المؤسسات أن اختيار رؤوسها

أصبح بيد الدولة بعد أن كان بيد العلماء أنفسهم (فالأزهر لم تكن له قيادة معينة في

بدء نشأته، فقد كان يتولى إدارته في البداية سلاطين مصر وأمراؤها كباقي المساجد، أما شؤونه الداخلية فيقوم بها مشايخ المذاهب الأربعة وشيوخ الأروقة، يعاونهم

خطيب المسجد ومشرفون وخدم، حتى عين ناظر للأزهر للشؤون الإدارية، ثم

شيخ للشؤون العلمية والإدارية معاً) ، (فقد رأى السلطان العثماني سليمان القانوني

ضرورة أن يكون للجامع الأزهر شيخ يتفرغ للإشراف على شؤونه الدينية والإدارية

معاً ويكون حلقة الوصل بينه وبين العلماء) ، ولكن الدولة العثمانية لم تعين (أي

عالم عثماني في منصب شيخ الجامع الأزهر طوال حكمها، وتركت منصب شيخ

الأزهر للعلماء المصريين.. بل تركت اختيار شيخ الأزهر مطلقاً من كل قيد

مذهبي ومنوطاً بالمشايخ أنفسهم.. فقد كان مشايخ الأزهر يقومون باختيار شيخهم

ويبلغون الوالي العثماني باسمه) (ص ٢٨) .. ثم تغير الحال بعد انقلاب محمد علي

على العلماء، إلى أن صدر القانون رقم ١٥ لسنة ١٩٢٧م حيث (أصبح تعيين شيخ

الأزهر مشتركاً بين الحكومة والملك!) (ص ٤٥) ، ثم صدر القانون الناصري

الشهير رقم ١٠٣ لسنة١٩٦١م وأعطى (لرئيس الجمهورية حق تعيين شيخ الأزهر.. كذلك أعطى القانون لرئيس الجمهورية الحق في اختيار وكيل للأزهر) (ص٤٩) . وبعد إلغاء (جماعة كبار العلماء) أصبح تعيين أعضاء مجمع البحوث الإسلامية

(بقرار من رئيس الجمهورية باقتراح من شيخ الأزهر) (ص٥١) ، وكذلك (تتابع

تعيين المفتين باسم مفتي الديار المصرية بقرار من الحاكم، إلى أن قامت ثورة

يوليو ١٩٥٢م فصار المفتي الرسمي للدولة يعين بقرار من رئيس الجمهورية وتحت

مسمى (مفتي جمهورية مصر العربية) ، ويكون بدرجة وزير) (ص ٧٣) ، وبدهي

أن وزير الأوقاف يعين بصفته وزيراً في مجلس الوزراء.

وحتى الطرق الصوفية صدر في حقهم القانون رقم ١١٨ لعام ١٩٧٦م الذي

(ينص على أن يضم المجلس الأعلى للطرق الصوفية ستة عشر عضواً، أولهم

شيخ مشايخ الطرق الصوفية رئيساً، وهو يعين بقرار من رئيس الجمهورية من بين

مشايخ الطرق..) (ص ٢٧٤) .

وصدر مؤخراً قانون يعاقب من يرتقي منابر المساجد بدون تصريح رسمي

حتى ولو كان شيخاً أزهريّاً بما يعني تكميم أفواه من لا ترتضيهم الدولة، وهو ما لا

يطبق على وعاظ الكنيسة.

وهكذا أطبقت مؤسسات الدولة السياسية على مؤسساتها الدينية وأمسكت

بخيوطها، حتى صارت الأخيرة أداة طيعة في يد الأولى توجهها كيف تشاء أو هكذا

أرادت!

* وإذا كان هذا ما حدث في جانب المؤسسات الإسلامية فإن المؤسسة الكنسية

القبطية استثنيت من عوامل التطويع السياسي القصري.

فعلى حين عوملت أوقاف المسلمين هذه المعاملة استثنيت أوقاف غير

المسلمين من أحكام هذين القانونين، حيث وضع لهما قانونان خاصان، هما القانون

رقم ١ لسنة ١٩٦٠ م في شأن استبدال الأراضي الزراعية الموقوفة على جهات البر

العام للأقباط الأرثوذكس، والقانون رقم ٣٥ لسنة ١٩٧١م بشأن الأحكام الخاصة

بتملك الأراضي الزراعية واستبدالها بالنسبة إلى الجمعيات الخيرية وطوائف غير

المسلمين.. حيث ترك لكل كنيسة أوقافها في حدود مئتي فدان، وما زاد عن هذا

كانت الدولة تأخذه وتدفع ثمنه بسعر (السوق السوداء) وهو ما أدى في السبعينيات

لمناداة عدد من الأصوات بمساواة أوقاف المسلمين بأوقاف المسيحيين! !)

(ص ٦١) .

أما بالنسبة لاختيار رأس المؤسسة الكنسية التي أصبحت تمثل لدى الأقباط

سلطة دينية وشعبية فقد أكدت الكنيسة على أنه (لا يستطيع أحد أن يتقدم للكهنوت

إلا باختيار شعبي، ومن هنا يبرز مبدأ حق الشعب في اختيار راعيه) (ص ٨٨) .

كما أن اختيار البطريرك يتم من خلال نظام انتخابي دقيق منصوص عليه،

ويكون دور رئيس الجمهورية هو تعيين البطريرك الجديد، أو بمعنى آخر:

الموافقة على البطريرك المنتخب من قبل الأقباط وهيئتهم الكنسية

(انظر ص ٨٢، ٨٣) .

كما أن الكنيسة تتحرك قاعدياً من خلال مدارس الأحد (التربية الكنسية) إضافة

إلى (مدارس المهجر القبطية) التي تُوَجّه من خلالها ثقافة شعب الكنيسة وتوجهاته

بدون تدخل من الدولة، ويكمل (المجلس الملي العام للأقباط الأرثوذكس) الجوانب

الخدمية التي لا تتمتع فيها الكنيسة بالمرونة والحرية المطلوبتين وإن كان حدث

مؤخراً تقليص لدور هذا المجلس وتنافس بينه وبين الكنيسة كما وضح سابقاً.

* ويتعلق بالنقطتين السابقتين (تبعية المؤسسات الإسلامية الرسمية للأنظمة

المتعاقبة واستقلال المؤسسة الكنسية) نتيجة على قدر من الأهمية، حيث أصبحت

الكنيسة ممثلة لجمهورها وصاحبة تحرك شعبي مدعوم بالتفاف جماهيري قبطي لا

يستهان به؛ مما أعطى الاثنين (الكنيسة، والجماهير) قوة تبادلية في مواجهة القوى

الأخرى.

بينما جاء التحرك القاعدي الشعبي في الحالة الإسلامية محروماً من الريادة

الطبيعية للعلماء له، حيث نفّرت تبعية كثير من العلماء للنظام بعض شباب الصحوة

الإسلامية من التعاون مع العلماء وألجأهم إلى الارتكاز على مصادرهم العلمية

الخاصة، وتفاعلت هذه الحالة مع استخدام الدولة لبعض العلماء في ضرب الصحوة

وإجهادها فكرياً، على أمل اتساع الفجوة بين العلماء والصحوة، وفصل الصحوة

عن الجماهير ليسهل عزلها ثم استئصالها والقضاء عليها.. وقد أثر ذلك الأمر

بالسلب على الجهتين: على العلماء الذين فقدوا حيوية الاتصال بالجماهير والتحرك

القاعدي، فباتوا محصورين بين جدران قاعات الدرس ونشاطهم لا يتعدى دفات

الكتب، والصحوة التي فقدت سنداً مهماً لها يتمثل في جيش من الدعاة المجهزين

ومرجعية علمية موثوق بها، وغطاء قوي لمشروعيتهم التاريخية، هذا الغطاء الذي

تحاول الدولة تمزيقه، من خلال اللعب بالموازنة بين إعطاء بعض المصداقية

لعلماء المؤسسات الإسلامية الرسمية بالسماح ببعض المواقف الاستقلالية ليكون لهم

قبول شعبي، وفي الوقت نفسه: استخدام هؤلاء العلماء لمحاربة الصحوة عبر

تضخيم أخطاء المنتسبين إليها، ومن ثم تشكيل صورة مركبة لخطرهم على

المجتمع كله، وأيضاً عبر استحضار إشكالية علاقة الصحوة بالعلماء؛ أمام بؤرة

وعي العلماء ولذا: فإن من أكثر ما يزعج المناوئين للصحوة الإسلامية أن يكون

ضمن المنضوين تحت لوائها: علماء خارجون من المؤسسة الرسمية.

* وخامس هذه الملحوظات تدور حول أعمال التنصير التي وردت بعض

ملامحها في ثنايا التقرير:

فنلاحظ أن الإرساليات الكاثوليكية حظيت بمساحة كبيرة من إفساح المجال لها

وتشجيعها خلال فترة حكم أسرة محمد علي (انظر ص ١٠٦ ١٠٧، ص ١٤٩،

١٥٥) ربما بسبب العلاقة الخاصة مع إيطاليا آنذاك، ثم كان بعد ذلك تحالف الحكم

الناصري مع الكنيسة الأرثوذكسية فيما أطلق عليه التقرير (التوافق الاستراتيجي)

(ص ٩٣) ربما باعتبارها الكنيسة المصرية الوطنية، وفي كل مرحلة عملت كل

كنيسة على الاستفادة القصوى من علاقتها بالدولة لتنفيذ أعمالها.

كما نلاحظ أيضاً اختفاء بعض الأنشطة وبخاصة الكاثوليكية خلف أسماء غير

ملفتة للنظر وذلك في النشاطات الفكرية والتربوية مثل: (اللجنة المصرية للعدالة

والسلام) ، و (جمعية الصعيد للتربية والتنمية) التي كانت سابقاً (جمعية الصعيد

للمدارس الكاثوليكية) ، و (جمعية السنابل) ، و (كشافة وادي النيل) ،

و (كشافة أبو الهول) .. (انظر ص ١١٣، ١١٨) .

ويهتم الكاثوليك (٢١٠ ألف نسمة) بإنشاء المستوصفات العلاجية والملاجئ

بأنواعها والمدارس ذات المستوى الرفيع وإدارتها (ليقوموا بتثقيف وتربية النشء

المصري) (ص ١٤٩) ، و (تربية وتنشئة الفتاة المصرية) (ص ١٥٣) وهم يفتحون

هذه المدارس لجميع الديانات والمذاهب، ويهتمون بصفة خاصة بأبناء الطبقة

الراقية، وذلك من خلال حوالي ١٣٧ مدرسة، كثير منها يشمل مراحل التعليم

الثلاث، وبعضها ذات إقامة داخلية، إضافة إلى ثلاثة معاهد، كما يقدمون خدمات

رعاية المرضى والمسنين في المستشفيات والبيوت والملاجئ، ويركزون كثيراً من

نشاطاتهم (للتبشير في القرى والأحياء الشعبية) (ص ١٤٩) ، يقومون بذلك من

خلال (١١٠٧) راهب وراهبة يخدمون في (٥١) رهبانية (انظر ١٤٩ ١٥٥) ،

إضافة إلى عدد من الجمعيات الأهلية ذات الفروع المتعددة.

وفي الوقت الذي حظرت فيه الدولة نشاط (هيئة الإغاثة الإنسانية) المنبثقة

عن نقابة الأطباء ومنعتها من ممارسة أي نشاط إغاثي بعد زلزال عام ١٩٩٢م،

نظراً لما لاقته هذه الهيئة (ذات الشبهة الإسلامية) من نجاح وقبول شعبي، نجد أنه

لا توجد قيود على الهيئات الأخرى (وبخاصة الكاثوليكية) في ممارسة هذا النشاط

(انظر ص ١١٩) ، فهي مطلقة اليد في القيام بأعمالها (الخيرية) ! ، ولعل ذلك هو

ما دعا مجلة (الكرازة) الأرثوذكسية إلى الدعوة إلى (حق كل فرد مسيحي في اختيار

الكنيسة التي يريدها بشرط عدم استخدام بعض الكنائس لوسائل ترغيب أو ضغط

على الأفراد لضمهم إليها، مثل المال أو المساعدات المادية) (ص ٣٦٩) .. (ولا

ينبئك مثل خبير) ! .

أما بالنسبة للأرثوذكس فيلاحظ على غير ما يتخيله كثير من المسلمين تحول

أديرة رهبانهم إلى مجتمعات داخل المجتمعات (حيث حياة الشركة والتعاون والعمل

بين الرهبان والنساك من جهة أو بين الأديرة كمؤسسات اجتماعية منتجة والشعب

القبطي من جهة أخرى) ، وفي هذه الأديرة (أمكن استخدام أساليب الهندسة الوراثية

في تطوير الإنتاج الزراعي مثلما فعل دير الأنبا مقاريوس بوادي النطرون، وأيضاً

في مجال الإنتاج الحيواني من زراعة الأجنة وتحسين سلالات الأبقار.. وفي هذا

الإطار أنشئت مراكز الصيانة والورش للسيارات والجرارات والآلات.. فضلاً عن

أعمال البناء والتشييد والترميم وتعبيد الطرق مع الإنارة والكهرباء.. ومن ناحية

أخرى نجد الأديرة تفتح أبوابها لاستقبال الشعب على مستوى الزيارات اليومية

والرحلات أو إقامة الشباب بعض الأيام داخل أسوار الدير في خلوات روحية،

وهذا الأمر يتطلب بناء أماكن للضيافة والمكتبات لشراء الكتب والهدايا، وأيضاً

أماكن لبيع وتسويق المنتجات الغذائية والزراعية وغيرها) (ص ١٣٤، ١٣٥) .

وقد قام دير البراموس (باستصلاح ٥٠٠ فدان من الأراضي الصحراوية حوله،

وتسويرها بسور ضخم بطول ٦ كم فضلاً عن عدد من البوابات الكبيرة.. وتم

استصلاح ٥٠٠ فدان أخرى خارج سور الدير، وفي هذا الإطار استخدم الدير

تكنولوجيا زراعية متقدمة، وكذلك نظامي الري بالرش والتنقيط.. وقام الدير

بإنشاء مزرعة كبيرة ... لتربية الماشية والدواجن والأرانب على أحدث النظم

والآلات والمعدات الخاصة بالإنتاج الحيواني مثل فرز اللبن وصناعة الجبن

والمسلي.. ناهيك عن شبكة الاتصالات الداخلية (التليفونات) ، وذلك للاتصال

السريع! بين كل مكونات الدير من البوابة الرئيسية إلى سكن الرهبان إلى أماكن

العمل) (ص ١٤٠) والسؤال الذي يفرض نفسه هو: لماذا توجد هذه التجمعات

المتصلة دوماً بالشعب في أماكن مختارة من الصحراء ولا توجد داخل التجمعات

العمرانية؟ !

* وآخر هذا الملحوظات تتعلق بالشأن القبطي أيضاً: حيث لوحظ من خلال

ما أورده التقرير تنامي الشعور الطائفي في مقابل ضمور الشعور الوطني.

يظهر ذلك في محاولة الأقباط التأثير السياسي بشتى الطرق، حتى ولو

بفرض القوانين التي يعتبرها بعض الديمقراطيين تخلفاً عن الديمقراطية والوطنية

(وقد ترتب على الجدل العام في الحياة السياسية والحزبية والإعلامية عودة اتجاه

داخل النخبة القبطية للمطالبة بتعديل الدستور، لضمان تمثيل الأقباط في المجالس

النيابية والتمثيلية، أو الرجوع لنظام الدوائر المغلقة على المرشحين الأقباط فقط،

كما حدث في بدايات نظام يوليو ١٩٥٢م لمعالجة مشكلة تمثيل الأقباط، وطرح

البعض اقتراحاً مفاده ضرورة إصدار تشريع للحقوق المدنية على النمط الأمريكي

الذي استهدف دعم الزنوج في إطار الوظائف العامة.. إلخ..

ومن أبرز الظواهر التي كشفت عنها نتائج الانتخابات البرلمانية هو تبني

بعض القيادات الدينية القبطية لاتجاه الحل الدستوري للتمثيل النسبي للأقباط، وفي

هذا الإطار رأى البابا شنودة بطريرك الأقباط الأرثوذكس (أن الدولة قادرة على

وضع النظم الديمقراطية التي ينجح بها الأقباط، كما وضعت من قبل نظاماً ينجح

من خلاله العمال والفلاحون!) ، ويشكّل اتجاه تمثيل الأقباط على أساس ديني

ومذهبي عودة لفكرة رفضتها الحركة الوطنية والدستورية المصرية عند وضع

دستور ١٩٢٣م، وكان على رأس الرافضين لها زعامات الأقباط في الحركة

الوطنية المصرية) (ص ٣٢٦) ، ولم يقتصر الأمر على البابا فقط، بل شاركه في

هذه المطالبة تيار (الرؤى المعارضة) أيضاً، حيث طالب موريس صادق أحد

رافعي الطعون القضائية (بغلق ٤٠ دائرة انتخابية من٤٠٠ دائرة على مستوى

الجمهورية يكون الترشيح فيها قاصراً على الأقباط) (ص ٣٢٩) ، و (إصدار قانون

للحقوق المدنية يسمح بشغل الأقباط للمراكز والوظائف العامة أشبه بقانون الحقوق

المدنية الأمريكية وأشبه بتمثيل العمال والفلاحين في المجالس المحلية) (ص ٣٣٠) ، كما طالب بعضهم بضرورة أن يكون المجلس الملي للأقباط الأرثوذكس (مجلساً

شعبياً للأقباط تحت مسمى المجلس الشعبي القبطي) (ص ٣٢٩) .

كما يظهر تنامي ذلك الشعور من خلال محاولة المجادلة عن مواقف أقباط

المهجر المسيئة إلى مصر وتلمس الأعذار لهم بشتى الطرق، حتى أن التقرير يقول

وكأنه لسان حالهم: (لا بد من توجيه الاهتمام إلى أقباط المهجر وتشكيل لجان

(وطنية) تلتقي معهم، وتبحث أولاً شكاواهم من أجهزة الدولة المختلفة، وتغيير

الأداء الروتيني للسفارات المصرية، بحيث تجعل من قضية التعامل مع المهاجرين

المصريين هناك أولوية على أجندة اهتماماتها، وتغذيهم أولاً بأول بالمعلومات

الحقيقية عن الأحداث والتطورات التي يشهدها الوطن، ثم بعد ذلك تأتي قضية

أقباط المهجر كرصيد لمصر ولسياستها الخارجية) (ص ٢٢٢) . فالتقرير بعد أن

قدم ما أمكنه من أعذار لهؤلاء (انظر ص ٢١٨ ٢٢١) يقايض فيما يشبه الصفقة

المحسومة أولويات الانتماء بالمصالح، هذا الانتماء الذي أوصل بعضهم إلى الدعوة

للانسلاخ من العروبة، وتحريض أمريكا على إرسال قوات المارينز إلى مصر [١] .

وإذا كانت هذه المطالبة جاءت بالانفصال عن التحدث باسم جميع المصريين

في الخارج، فإننا نرى ذلك أيضاً في التحرك الفعلي من خلال إنشاء مدارس

ومراكز ثقافية في الخارج خاصة بأقباط المهجر وحدهم، وليس لكل مصريي

المهجر.


(١) انظر مقال فهمي هويدي، جريدة الأهرام، ١٥/٧/١٩٩٧م، ع/ ٤٠٣٩٨.