للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

منتدى القراء

[تأمل في مقولة لابن تيمية]

بقلم: أم طلحة بنت عبد الغفور

(جنتي في صدري.. إن رحت فهي معي لا تفارقني: إن حبسي خلوة..

وقتلي شهادة.. وإخراجي من بلدي سياحة) .

هذا ما قاله ابن تيمية في أصعب لحظات حياته عندما دخل سجن القلعة حيث

توفي هناك.. موقف عصبي ومشهد تتحرك فيه المشاعر.. يضيق الصدر وتبدأ

نجمة الأمل بالأفول.. ويصبح الطائر المغرد مكسور الجناح غضيض الطرف،

يشدو بصوته الحزين.. وابن تيمية ينظر إليها وكأنها سياحة.. وخلوة.. بمعنى

راحة نفسية.. أنعم بها من مقولة.. هذا هو موقف المسلم: صلب شديد.. قوي

أريب.. متأمل في سيرة الأنبياء والسلف الصالح.. ليجد النماذج الحية في الصبر

والتسلي عن المصائب.. تتوالى النكبات تلو النكبات والمصائب تلو المصائب..

وكأنه لم يحدث شيء ... يرسم ابتسامة رضى على شفتيه.

هذا هو منهج الأنبياء ومنهج السلف.. محمد عليه السلام ربى أصحابه على

ذلك؛ نراه وقد خرج من الطائف إلى مكة وقلّ الناصر والمعين.. لا أهل ولا

عشيرة ولا أقربين.. تغير وجه الأرض، وتنكر له العالم.. عندما قال: لا لعل الله

يخرج من أصلابهم من يعبده.. وموسى وعيسى ويوسف وأيوب وإبراهيم عليهم

الصلاة والسلام.. تعامل فذ وحنكة في التصرف.. جعلهم جباهاً شامخة صامدة

تواجه كل الصعاب.. إن تخطي المصائب الدنيوية يورث قوة إرادية وعزيمة

وحنكة.. ولذة في العبادة.. فالمرء بحاجة إلى تفكير بعين الفاحص المتأمل حتى

يحيا مع الله دون عوائق ومشاق.