للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأبرحُ ما يُمنى به الصَّبُّ في الهوى … ملالُ حبيبٍ أو ملام عذولِ

ودون الكثيب الفَرْدِ بيضٌ عقائلٌ … لعبْنَ بألبابٍ لنا وعقولِ

غداة التقت ألحاظها وقلوبنا … فلم تجلُ إلَّا عن دمٍ وقتيلِ

ألا حبذا وادي الأراك وقد وشَتْ … بريَّاك ريحا شمألٍ وقبُولِ

وفي أبرديه كلَّما اعتلتِ الصَّبا … شفاءُ فؤادٍ بالغرام عليلِ

دعوت سُلوًا فيك غير مساعدي … وحاولتُ صبرًا عنك غير جميلِ

تعرفت أسبابَ الهوى وحملته … على كاهلٍ للنائبات حمولِ

فلم أحظَ في حُبِّ الغواني بطائلٍ … سوى رَعْي ليل بالغرام طويلِ

إلى كم تمنيني الليالي بماجدٍ … رزينِ وقارِ الحلم غير عَجُول

أهز اختيالًا في هواه معاطفي … وأسحب تيهًا في ثراه ذيولي

لقد طال عهدي بالنَّوال وإنني … لصبٌ إلى تقبيلِ كفِّ منيل

وإنَّ ندى يحيى الوزير لكافلٌ … بها لي وعونُ الدِّين خيرُ كفيلِ

وذكر قاضي القضاة عن مؤلف سيرة الوزير، أَنَّ سببَ موته كما بلغنا أنه خرج مع المستنجد للصَّيد، فسقي مسهلًا، فقصر عن استفراغه، فدخل بغداد يوم الجمعة سادس جمادى الأُولى راكبًا متحاملًا إلى المقصورة لصلاة الجمعة، فصلَّى بها، وعاد إلى داره، فلما كان وقت صلاة الصُّبْح عاوده البلغم، فوقع مغشيًّا عليه، فصرخ الجواري، فأفاق، فسكَّتهن، وبلغ الخبر ولده عز الدين، فبادر إليه، فلما دخل عليه قال له: أستاذ الدار قد بث جماعة ليستعلم ما هذا الصِّياح، فتبسم الوزير على ما هو عليه، وأنشد: [من الطويل]

وكم شامتٍ بي عند موتي جهالةً … بظلم يسلُّ السَّيفَ بعد وفاتي

ولو علم المسكين ماذا يناله … من الضُّرِّ بعدي مات قبل مماتي

ثم تناول مشروبًا، فاستفرغ به، ثم استدعى بماءٍ، فتوضأ للصَّلاة، وصلى قاعدًا، فسجد، فأبطأ عن القعود من السجود، فحركوه، فإذا هو ميتٌ، فطولع به الإمام المستنجد، فأمر بدفنه.

وقال ابنُ القادسي: ولد سنة سبع وتسعين وأربع مئة، ولما بلغ موته عضد الدين أبو المظفر أُستاذ الدار كان بحضرته سبط ابنِ التعاويذي، فأنشد مرتجلًا: [من الخفيف]