للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم اعلموا عباد اللَّه أنكم تَغدون وتَروحون في آجال قد غُيِّبت عنكم، أو غُيِّب عنكم علمُها فإن استطعتُم أن تنقضي الآجال وأنتم في عمل اللَّه فافعلوا، ولن تستطيعوا ذلك إلا باللَّه تعالى، فسابقوا في مهل آجالكم، قبل أن تنقضي آجالكم، فتُردُّون إلى أسوأ أعمالكم، فإن أقوامًا جعلوا آجالَهم لغيرهم، ونَسُوا أنفسَهم، فأنهاكم أن تكونوا أمثالَهم، الوحا الوحا، النَّجاء النَّجاء، إن وراءكم طالبًا حثيثًا، أمره سريع (١).

ذكر مرض أبي بكر: واختلفوا في سبب ذلك على أقوال:

أحدها ما رواه سيف بن عمر قال: حدثنا مبشر بن الفضيل، حدثنا سالم بن عبد اللَّه ابن عمر، عن أبيه قال: كان سبب موت أبي بكر وفاة رسول اللَّه ، كَمِدَ فما زال جِسْمُه ينحلُ ويذوب حتى مات. وفي روايةٍ عن سالم عن ابن عمر، ولم يذكر عمر (٢).

والثاني أنَّه سُمَّ، فقال ابن سعدٍ بإسناده عن ابن شهابٍ، أنَّ أبا بكرٍ والحارثَ بن كَلَدَة كانا يأكلان خَزيرةً أُهدِيت لأبي بكرٍ، فقال له الحارث: ارفع يدك يا خليفةَ رسول اللَّه، واللَّه إنَّ فيها لَسَمَّ سنةٍ، وأنا وأنت نموتُ في يومٍ واحدٍ عند إنتهاء السنة، فماتا عند انقضائها، ولم يزالا عليلَيْن حتى ماتا (٣).

وقد ذكرنا أن الخزيرة أن تقطع اللحم وتَذرَّ عليه الدقيقَ، فإن لم يكن في القدر لحمٌ فهي العصيدةُ (٤).

وقال أبو جعفرٍ الطبري: الذي سمَّتْهُ امرأةٌ من اليهودِ في أرُزَّةٍ (٥).

والثالث: أنه اغتسل في يومٍ باردٍ، فحُمَّ خمسة عشر يومًا وتُوفّي. حكاه الواقدي عن عائشة (٦).


(١) المنتظم ٤/ ٦٩ - ٧٠، وأخرجه هناد في الزهد (٤٩٥)، وأبو نعيم في الحلية ١/ ٣٥، والبيهقي في شعب الإيمان (١٠١٠٩) (١٠١١٠)، وابن عساكر ٣٥/ ٤٤٨، ومن قوله: قال عبد اللَّه بن عكيم، إلى هنا ليس في (ك).
(٢) تاريخ دمشق ٣٥/ ٥٣٢، وليس فيه ذكر لعمر!؟
(٣) طبقات ابن سعد ٣/ ١٩٨.
(٤) سلف في أسماء الولائم والأطعمة من أخبار الأمم الماضية.
(٥) تاريخ الطبري ٣/ ٤١٩.
(٦) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٠١ - ٢٠٢.