للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الخامسة وست مئة]

قال المصنف : فيها عدت إلى الشام.

وفيها تكاملت دار المضيف ببغداد بالجانب الغربي للحُجَّاج الواردين من البلاد، ورتَّب لهم [الخليفة] (١) فنون الأطعمة والزَّاد، وإذا عادوا من الحَجِّ فُرِّقَتْ فيهم الدَّنانير والثياب.

وفيها قَدِمَ الشِّهاب السُّهروردي من الشَّام، ومعه الشمس إلْدُكُز أُستاذ دار العادل، فتلقى الموكبُ إلْدُكُز، وكان معه الهدايا والتُّحف، وأعرض الخليفةُ عن الشِّهاب، ونُقِمَ عليه حيث مَدَّ يده إلى الأموال بالشَّام، وحضر دعوات الأُمراء سامة وغيره، وقد كان قَبْلَ الرِّسالة زاهدًا فقيرًا، وأُخذ منه رباط الزَّوْزَني والمَرْزُبانية، ومُنِعَ من الوعظ فقال: ما قَبِلْتُ هذه الأموال إلا لأفَرِّقها في فقراء بغداد. وشَرَعَ يفرِّق المال والثِّياب في الزَّوايا والرُّبُط، فأغنى خَلْقًا كثيرًا من فقراء الشَّام والعراق، وخَلَع الخليفة على إلْدُكُز، وعاد إلى الشَّام بالهدايا.

وزُلْزِلت نَيسابور زلزلةً عظيمة، ودامت عشرة أيام، فمات تحت الهَدْم خَلْقٌ عظيم.

وحجَّ الفخر ابن تيمية في السنة الماضية، وكَتَبَ مظفر الدِّين بنُ زين الدين معه كتابًا بالوصية إلى الخليفة، فلما عاد من مكَّة سأل الجلوس بباب بَدْر، ووعظ ابن تيمية، ومَدَحَ الخليفة، وأنشد في أثناء كلامه: [من البسيط]

وابنُ اللَّبون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ … لم يَسْتَطِعْ صولةَ البُزْلِ القناعيسِ

فقال العوام: ما قَصَدَ إلا محيي الدين (٢)، يعني أَنَّه كان شيخًا، ومحيي الدِّين شاب.

وحج بالنَّاس من العراق ياقوت، ومن الشَّام حسام الدين قيماز والي القُدْس.


(١) ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٢) يعني يوسف بن أبي الفرج بن الجوزي، خال سبط ابن الجوزي، انظر "المذيل على الروضتين": ١/ ١٩٥ - ١٩٦.