للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قلت: وقد أخرج جدي في كتاب "الأحاديث الواهية" بمعنى هذا عن أبي ذرٍّ قال: قال رسول الله : "إذا سئلت أيُّ الأجلين قضى موسى؟ قلْ: خيرهما وأبرهما، وإن سئلت أي المرأتين تزوج موسى؟ فقل: الصغرى منهما، وهي التي جاءت فقالت: ﴿يَاأَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ﴾ فقال لها: ما رأيت من قوته؟ قالت: أخذ حجرًا ثقيلًا فألقاه عن البئر، قال: وما رأيتِ من أمانته؟ فقالت: قال لي: امشي من خلفي ولا تمشي أمامي" (١). ثم قال جدي: هذا حديث لا يصحُّ عن رسول الله ، في إسناده عوبد بن أبي عمران، قال يحيى بن معين: ليس بشيء، وقال البخاري: منكر الحديث.

وأنبأنا جدي قال: حدثنا محمد بن ناصر بإسناده عن عُلَيّ بن رباح قال: سمعت عُتبة بن النُّدَّرِ يقول: كُنَّا عند رسولِ الله ، فقرأ ﴿طس﴾ حتى بَلغ قِصَّة مُوسى ، فقال: "إنَّ مُوسى آجَرَ نفسَه ثَمانِيَ سِنينَ أو عَشرًا على عِفَّةِ فَرجِهِ وطَعَامِ بَطنِه". أخرجه ابن ماجة القزويني (٢) عن عتبة، ولم يخرجه أحمد ولا البخاري ومسلم. وليس في الصحابة من اسمه عتبة بن النُّدَّر، بنون ودال مهملة غيره.

وقال مجاهد: أقام موسى بعد فراغ الأجل عشر سنين أخرى، فكمل عشرين سنة؛ وعامة العلماء على أنه لما قضى الأجل سار بأهله كما أخبر الله تعالى.

[فصل فيما جرى لموسى بعد انفصاله من مدين وقصة النار والتكليم والرسالة ونحو ذلك]

قال الله تعالى: ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ﴾ [القصص: ٢٩] الآية. قال السُّديُ وغيره: لما طال مقام موسى عند الشيخ، اشتاق إلى والدته وأخيه، فاستأذن الشيخ في زيارتهما فأذن له، فسار بزوجته يطلب أرض مصر، وكان في أيام الشتاء، فحاد عن الطريق، فسار في البرية غير عارف بطرقها، وكانت امرأته حاملًا،


(١) لم نقف عليه في الأحاديث الواهية، وقد أخرجه البزار (٢٤٤٤) (زوائد)، والطبراني في الأوسط (٥٤٢٦)، والصغير (٨١٥)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٩/ ٢٩٦٦، والخطيب في تاريخه ٢/ ١٢٨.
(٢) أخرجه ابن ماجه (٢٤٤٤).