للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لي بغداد وتذهب إِلَى أيِّ بلد شئت. فانزعج الخليفة، وبعث إليه يقول: أمهلني شهرًا. فقال: ولا ساعة. فأرسل الخليفةُ إِلَى تاج الملك أبي الغنائم، وكان السلطان قد استوزره، فقال: سَلْه أن يؤخِّرَنا عشرةَ أيام. فدخل تاجُ الملك على السلطان وقال له: لو أنَّ بعض العوام أراد أن ينتقل من دار إِلَى دار لم يقدر على النقلة فِي أقلَّ من عشرة أيام، فكيف بالخليفة وخدمه وأهله وأسبابه؟ فيحسن أن يؤخَّر عشرة أيام. فقال السلطان: يجوز. ومرض السلطان ومات بعد أيام، وعدَّ النَّاسُ من كرامات (١) الدولة العباسية موتَه.

وفيها وقع (٢) بالبصرة بَرَدٌ وزن البَرَدة خمسةُ أرطال إِلَى اثني عشر رطلًا وأكبر، فهدم الأبراج المبنيَّة بالجصِّ والآجرِّ، وقلع عامة النخيل، وأهلك خلقًا كثيرًا، وخرج النَّاس للحجِّ، فنهبهم بنو خفاجة، فعادوا.

وفيها تُوفِّي

نظام الملك (٣)

الحسن بن إسحاق بن العباس، أبو علي الطُّوسي، ولد بطُوس، وكان من أولاد الدَّهاقين وأرباب الضياع بناحية بَيهَق، كان عاليَ الهِمَّة، إلَّا أنَّه كان فقيرًا مشغولًا بسماع الحديث والفقه، يخدم أَبا علي بن شاذان المعتمد عليه ببَلْخ كاتبًا بين يديه، فكان فِي كلِّ وقت يصادره، فهرب منه إِلَى داود بن ميكائيل وعرَّفه خدمته، وأخذ بيده وسلَّمه إِلَى ألب أرسلان، فقال: يَا محمَّد، هذا حسن الطوسي، فتسلَّمْه واتَّخِذْه والدًا ولا تُخالِفْه. فلمَّا وصل إِلَى ألب أرسلان دبَّر دولتَه أحسن التدبير عشرَ سنين، ومات ألب أرسلان، فازدحم أولاده على الملك، فوطده لولده ملك شاه، ولمَّا دخل على المقتدي أمره بالجلوس بين يديه، وقال له: يَا حسن، رضي الله عنك لرضا أمير المُؤْمنين عنك. وكان مجلسه عامرًا بالعلماء والصُّلحاء، حتَّى كانوا يشغلونه عن كثير من مهام الدولة، فقال له بعض كتَّابه: قد بسطت هذه الطائفة فِي مجلسك حتَّى شغلوك عن مصالح الرعية، فلو حجبتَهم وأذِنْتَ لمن شئت، وأمرت بأن لا يُضيِّقوا عليكَ مجلسك، وإنما


(١) فِي (خ): مكرمات، والمثبت من (ب).
(٢) فِي (خ): قطع، والمثبت من (ب) وتاريخ الإِسلام ١٠/ ٤٧٩. والخبر بنحوه فِي المنتظم ١٦/ ٣٠١.
(٣) المنتظم ١٦/ ٣٠٢ - ٣٠٧، والكامل ١٠/ ٢٠٤ - ٢١٦.