للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

محمد بن محمد بن النعمان (١)

أبو عبد الله، فقيه الشيعة وعالِمُها، ومصنِّف الكتُب في مذهبها، قرأ عليه الرضيُّ والمرتضى وغيرُهما، وكان يسكن بالكَرْخ بدرب رياح، وله حلقةٌ في داره، وكانت له منزلةٌ من بني بُوَيه ومن ملوك الأطراف؛ لأنهم كانوا على مذهبه.

قال الخطيب: كان أحدَ أئمة الضَّلال، صنَّف لهم كتبًا كثيرة في ضلالاتهم، وطعن على الصحابة (Object)، والسلفِ الصالح، والفقهاءِ وعامةِ المجتهدين، حتى أراح الله منه المسلمين، وكانت وفاتُه بالكَرْخ في رمضان، ودُفِنَ بداره، ثم نُقِلَ إلى مقابر قريش، ورثاه المرتضى، فقال -وهو ركيك-: [من الخفيف]

مَنْ لِفَضلٍ أَخْرجتَ منهُ خبيئًا … ومعانٍ فضَضْتَ عنها ختاما

مَنْ يُثيرُ العقولَ من بعدِ ما … كُنَّ هُمودًا ويفتحُ الأفهاما

مَنْ يُعيرُ الصَّديقَ رأيًا إذا ما … سلَّهُ في الخُطوبِ كانَ حُساما

[السنة الرابعة عشرة وأربع مئة]

فيها أصعد مُشرِّفُ الدولة من واسط إلى بغداد، وراسل القادرَ بالله؛ لِتلَقِّيه، فتلقَّاه من الزلَّاقة، ولم يكن لقي أحدًا من الملوك قبلَه، ركب في طيارة يوم الاثنين لليلتين إن بقيتا من المحرم في أُبَّهة الخلافة، وعليه السَّواد والبُردة، ومعه ولداه الأميران؛ أبو جعفر من جانبه الأيمن، وأبو القاسم من جانبه الأيسر، وبين يديه أبو الحسن علي بن حاجب النعمان كاتبُه، وحوالي القُبَّة المرتضى، وأبو الحسن (٢) الزينبي، وقاضي القضاة ابنُ أبي الشوارب، وفي الزَّبازب الأشرافُ والخدَمُ والقُرَّاءُ والعلماءُ، والتقاه مُشرِّف الدولة في زَبْزَبه، وصعد إلى طيار الخليفة، وقبَّل الأرضَ مرَّتين، واستوحش له الخليفةُ، وكانت العساكرُ وأهلُ بغداد وقوفًا من الجانبين، وكان يومًا مشهودًا، وعاد مشرِّف الدولة إلى زَبْزَبه ومضى إلى دار المملكة والخليفةُ إلى داره.


(١) تاريخ بغداد ٣/ ٢٣١، والمنتظم ١٥/ ١٥٧. وينظر السير ١٧/ ٣٤٤.
(٢) بعدها في (ف) زيادة: علي بن.