للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توفِّي]

داود بن علي بن خَلَف

أبو سليمان، الظَّاهريُّ صاحب مذهب الظَّاهرية.

ولد سنة مئتين، وقيل: سنة اثنتين ومئتين، وهو أوَّلُ من نفى القياسَ في الأحكام الشرعيَّة، وتمسَّك بظواهر النُّصوص، وجمد على الأحاديث والآثار، وأصله من أصبهان.

سمع الحديث [الكثير]، ولقي الشيوخ، وتبعه خلق كثير، وقدم بغداد، وصنَّف بها الكتبَ.

وقال أحمد بن كامل: داود أوَّلُ من أظهر انتحال الظَّاهر، ونَفَى القياس في الأحكام [قولًا] (١)، واضطُرَّ إليه فعلًا، فسمَّاه دليلًا.

ورحل من أصبَهان إلى نيسابور قبل قدومه بغداد، فسمع من إسحاق بن راهويه "المسند" و"التفسير"، وقال أبو عمرو المُسْتملي: سمعتُه يردُّ على إسحاق، وما رأيتُ أعقلَ منه ولا أكثرَ علمًا.

وقال القاضي المَحَامليُّ: رأيتُ داود يصلِّي، فما رأيتُ مسلمًا يشبهُهُ في حُسن صلاته، وتضرُّعه، وتواضعه.

وكان زاهدًا، ورعًا، عابدًا، متقلِّلًا من الدُّنيا، يتقنَّع منها باليسير.

[وقال الخطيب بإسناده عن أحمد بن الحسين قال: سمعت أبا عبد الله المحاملي يقول:] (٢) صلَّيتُ صلاةَ العيد في يومِ فطرٍ في جامع المدينة -يعني مدينة المنصور- فلمَّا انصرفتُ قلتُ في نفسي: أدخل على داود فأُهَنِّيه، وكان ينزلُ قطيعة الرَّبيع، فجئتُه، وقرعتُ عليه الباب، فأَذِن، فدخلتُ، وإذا بين يديه طاقات هِنْدَباء ونُخالة وهو يأكل، فهنَّيتُه، وعجبت من حاله، ورأيتُ أن جميع ما نحن فيه من الدُّنيا ليس بشيء، فخرجتُ من عنده، ودخلتُ على رجلٍ من أهل [القطيعة] يُعرف بالجُرْجاني له مال، فقال: ما الذي عنَّى القاضي؟ قلت: مهمّ، قال: وما هو؟ قلت: في جوارك داود بنُ


(١) ما بين معكوفين من "تاريخ بغداد" ٩/ ٣٤٨، و"المنتظم" ١٢/ ٢٣٨.
(٢) ما بين معكوفين من (ب)، وكلام الخطيب في "تاريخه" ٩/ ٣٤٤ - ٣٤٥.