للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها تُوفِّي

علي بن عمر (١)

ابن محمد بن الحسن، أبو الحسن، الزاهد، المعروف بابن القَزويني، وُلِدَ بالحربية ببغداد في المُحرَّم سنة ستين وثلاث مئة الليلة التي مات فيها أبو بكر الآجري الزاهد [البغدادي]، وأبوه من قزوين، قرأ القرآن [على أبي حفص الكتَّاني]، وتفقَّه [على أبي القاسم الداركي الشافعي]، وقرأ النحو [على عثمان بن جِنّي] وسمع الحديث الكثير، و [ذكره الخطيب فقال: كان أبو الحسن] أحدَ الزُّهَّاد المذكورين، ومن عباد الله الصالحين، وكان يُقرئ القرآن، ويسمع الحديث، ومنذ نشأ كان حسنَ الطريقة، ملازمًا للصمت عمَّا لا يعنيه، وافرَ العقل، لا يخرج من بيته إلا إلى الصلاة، وله الكرامات الظاهرة، والكلام [الحسن] على الخواطر، وكان القائم يأتي إلى زيارته ليالي الجُمع، وتجتمع عنده قصص الناس فيوقع على الجميع.

[وحكى أبو غالب البرَدَاني قال:] قام [أبو الحسن] ليلةً يستقي ماءً لوَضوئه، فصعد الدلو وهو ملآنُ دنانير، فأعادها إلى البئر، وقال: ما طلبتُ إلا ماءً، أيش أعمل بالدنانير [وقد وقفت بالحربية على مجلد من كراماته، ورواها شيخنا عبد المحبّ الحربي ﵀، وقد حكينا أن القادر كان يبعث إليه في وقت يطلب من إفطاره يتبرَّك به].

ذكر وفاته:

قال أبو ياسر عبد الله بن محمد البَرَداني: انتبه أخي أبو غالب يوسف في الليلة التي مات [فيها أو] في صبيحتها ابنُ القزويني وهو يبكي، فسكَّن والدي منه، وكانت قد أخذَتْه رعدةٌ، فقال له: ما لكَ يا بُني؟ فقال: رأيتُ الساعةَ في المنام كأنَّ أبوابَ السماء قد فُتِحَتْ، وابنَ القزويني يصعد فيها، فلمَّا كان صبيحة تلك الليلة سمعنا المنادي ينادي بموته، وكانت وفاته في شعبان، وتولَّى أمره أبو منصور بن يوسف، وغسَّله أبو محمد التميمي [وكانت وفاته بمحلة الحربية]، واجتمع أهل بغداد، وغُلِّقت أسواقها، ولم يتخلف أحد، ولم تَسَعِ


(١) تاريخ بغداد ١٢/ ٤٣، وتاريخ دمشق ٤٣/ ١٠٦ - ١١٠، وصفة الصفوة ٢/ ٤٨٨ - ٤٩٠، والمنتظم ١٥/ ٣٢٧ - ٣٢٦. وينظر السير ١٧/ ٦٠٩.