للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال له بعض الحاضرين: فكيف تصنعُ بقوله : "من كذبَ عليَّ متعمدًا … " الحديث؟ فقال: مَنْ كذب عليه ليُغيِّرَ معالم شريعَتِه، ويهدِمَ قواعدَ دينه، أمَّا مَنْ قصد ما قصدتُ فلا يدخلُ تحت هدْا الوعيد، وقد رُوِّينا عنه أنه قال: "من قال عنِّي ما يُوافِقُ شريعتي، وينصرُ مِلَّتي، فكأنَّني أنا قُلْتُه" (١) وذكر أحاديثَ في الباب. فقال بعضُ الحاضرين: ألا تغسِلُ هذا الحديثَ من الأجزاء؟ فقال: هَبْكُمْ غسلتُموه من النسخ التي بأيديكم، فكيف بالنسخ التي قد سارت بها الرُّكبان، وعمِلَ بها أهلُ الأمصار والبلدان، وما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، ولن يجمع اللهُ الأمةَ على ضلالة، ولكلِّ امرئ ما نوى.

محمد بن أحمد (٢)

أبو جعفر، النَّسفي، الفقيه، الحنفي، صاحب كتاب "طلبة الطلبة" (٣) والتعليقة المشهورة، كان فاضلًا، زاهدًا، ورعًا، فقيرًا (٤)، بات ليلةً يتفكَّر في فرعٍ من فروع الفقه، وكان قد ضاق به الشيء، فتشاغل بالفكرة في ذلك الفرع، فوقع له، فأُعجِبَ به، فقام وجعل يرقص في داره ويقول: أينَ الملوكُ وأبناءُ الملوكِ عن هذا؟ فقالت له زوجته: ما الذي بِكَ؟ فأخبرها، فتعجَّبت منه.

وكانت وفاتُه في شعبان.

محمد بن الخَضِر بن عمر (٥)

أبو الحسين، الحمصي، القاضي، الفَرَضي، وَليَ القضاء بدمشق نيابةً عن أبي عبد الله محمد بن الحسين النَّصيبي، وكان نَزِهًا عفيفًا. قال أبو نصر بن طلَّاب: دخلتُ عليه وقد اشتدَّ حالُه في المرض، فقلت: كيفَ أصبحتَ؟ فأنشدني: [من الوافر]

أرى نَفَسي تضيقُ به المجاري … ونبضي غير متَّسِقِ النِّظامِ


(١) لم أقف على من أخرجه.
(٢) المنتظم ١٥/ ١٦٢.
(٣) لم يذكر أحد ممن ترجم له أن هذا الكتاب له، وإنما هو لعمر بن محمد بن أحمد بن إسماعيل، أبي حفص النسفي. ينظر الطبقات السنية ١/ ١٧٣، والسير ٢٠/ ١٢٦.
(٤) في (ف): فقيهًا، والمثبت من باقي النسخ، والمنتظم، والجواهر المضية ٣/ ٦٧.
(٥) تاريخ دمشق ٥٢/ ٤٠٤ - ٤٠٥.