للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَقُتِل خاصبك والخازْندار وهَرَبَ شملة، فلم يقدروا عليه، ورمى برأسيهما، وأكلتِ الكلابُ لحومَهما، واستولى محمدٌ على أموالهما وأسبابهما ومماليكهما، وكان فيما أُخذ من خاصبك ألف ألف دينار وسبعون ألف ثوبٍ من الأطلس، وثلاث مئة مملوك، وخمس مئة فرس، ومن البخاتي والخِيَم ما لا يُحَدُّ ولا يُحصى، ومع هذا جَبُوا له مِنَ العَسْكر كفنًا كفَّنوا به ما بقي من جُثَّته من فَضْلةِ الكلاب.

وخاصبك أصله تُرْكماني، كان صبيًّا أمردَ، فأحبَّه مسعود حُبًّا شديدًا، وقدَّمه على أُمرائه، فاستولى على المملكة.

ثم إنَّ محمدًا بعث بالرأسين إلى أتابك إيلدكز صاحب أَذْرَبيجان، وإلى آق سُنْقُر صاحب مراغَة، فارتاعا، ونفرا من محمد، وبعثا إليه يوبِّخانه ويقولان: إذا كنتَ غَدَرْتَ بمن أَحْسَنَ إليك وملَّكك، فكيف يثقُ بكَ غيره؟ ثم بعثا رسولًا إلى سليمان شاه بن محمد (١)، وكان بزَنْجان، وحلفا له وحَلَفَ لهما، وساروا جميعًا إلى هَمَذان، فهرب محمدٌ إلى أصبهان، فأجلسوا سليمان شاه على تَخْت المُلْك، فأخذ في اللَّهْو والشُّرْب، وساعده وزيرُه فخر المُلْك أبو طاهر القاشاني، وفعل كفِعْله، فضاعت المملكة بينهما، وقَبُحَتِ السِّيرة، وندم إيلدكز وآق سُنْقُر حيث كاتباه وملَّكاه، وشَرَعا في القَبْض عليه وعلى وزيره، فلم يتمكَّنا من ذلك في هذه السَّنة.

المُظَفَّر بن أَرْدَشيرد (٢)

أبو منصور بن العَبَّادِي الواعظ.

ولد سنة إحدى وتسعين وأربع مئة، وسمع الحديث، وقَدِمَ بغداد، ووعظ بجامع القَصر والنِّظامية، وكان فصيحًا بليغًا، وترسَّل بين السُّلْطان والخليفة، فتقدَّم الخليفةُ إليه أن يُصلح بين ملك شاه بن محمود بن محمد وبين بَدْر الحُوَيزي، فمضى وأصلح


(١) في (ع) و (ح)، محمود، والمثبت من "مختصر دولة آل سلجوق": ٢١٤، و"الكامل": ١١/ ١٨٠، و "معجم الأنساب" لزامباور: ٣٣٤.
(٢) له ترجمة في "الأنساب": ٨/ ٣٣٧ - ٣٣٨، و"المنتظم": ١٠/ ١٥٠ - ١٥١، و"الكامل": ١١/ ١٥٧ - وفيه وفاته سنة (٥٤٦ هـ) - و"اللباب": ٢/ ٣١٠، و"سير أعلام النبلاء": ٢٠/ ٢٣١ - ٢٣٢، وفيه تتمة مصادر ترجمته.