للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانتهى سُهيل بن عديّ إلى الرقَّة وقد تفرَّق جمعُ أهل الجزيرة، فحاصرهم فصالحوه.

وجاء عبد اللَّه بن عِتبان إلى نَصِيبين، فصالحوه كما فعل أهلُ الرَّقّة، وسار عياض إلى حَرَّان، والوليد إلى الرُّهاء، ووقع الصلحُ على الجزية، وأقام الأمراء بالجزيرة، فاستعمل عمر حبيبَ بنَ مَسلَمة على عَجَم الجزيرة وحربِها، والوليد على عربها، وأقام هو بالجابية، وكان الطاعون قد وقع بالشام، فلم يدخله عمر، وأقام بسَرْغ (١).

[حديد الطاعون ورجوع عمر إلى المدينة]

وقد اختلف الروايات فيه: فقال البخاري بإسناده عن عبد اللَّه بن عباسٍ قال: خرج عمر إلى الشام، حتى إذا كان بسَرْغٍ لقيه أُمراءُ الأجنادِ: أبو عبيدة بن الجراح وأصحابُه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بالشام، فقال عمر: ادعُ لي المهاجرين، قال ابن عباسٍ: فدعوتُهم فاستشارهم فاختلفوا، قال بعضهم: خرجتَ لأمرٍ، ولا نرى أن تَرجع عنه، وقال بعضهم: معك بقيةُ الناس وأصحاب رسول اللَّه ، ولا نرى أن تُقدِمهم على الوباء، فقال (٢): ارتفعوا عني.

ثم قال: ادعُ لي الأنصار فدعوتُهم، فاستشارهم، فسلكوا سبيل المهاجرين، واختلفوا كاختلافهم، فقال: ارتفعوا عني.

ثم قال: ادعُ لي مَن كان هاهنا من مَشْيخة قريشٍ من مُهاجرة الفتح، فدعوتهم فلم يختلف عليه منهم رجلان، وقالوا: نرى أن تَرجعَ بالناس. فنادى عمر في الناس، إني مُصبح على ظهرٍ فأصبِحوا عليه، فقال أبو عبيدة: أفرارًا من قدر اللَّه؟ فقال عمر: لو غيرك قالها -وكان عمر يكره خِلافه- نعم، نفِرُّ من قدر اللَّه إلى قدر اللَّه، أرأيتَ لو كان لك إبلٌ فهبطت واديًا له عُدْوَتان إحداهما خَصبة والأخرى جَدبة، أليس إنْ رعيتَ


(١) في (أ) و (خ): بترع، وفي هامش (خ): الترع بفتح التاء المثناة الفوقية قرية بالشام. قلت: وهذا خطأ.
(٢) من قوله: فاختلفوا فقال بعضهم. . . إلى هنا ليس في (ك)، بدله فيها: فأشار بعضهم بالدخول وبعضهم بالرجعة.