أبدًا. وعزم على تغييبه عنهم، فقيل له: متى أُخرج عنك قتلوه، ولكن أرسله مع كبرائهم، فإنهم يكرمونه. فأرسله مع ولديه وكبراء دولته؛ ظنا منه أنهم يكرمونه، فلما جاؤوا به إليهم قالوا لهم: إن السلطان يُسلِّم عليكم ويشفع إليكم فيه، وقد نفذ ولديه معه. فثاروا عليه فقتلوه، ثم جاؤوا من الغد فقبَّلوا الأرضَ بين يدي بركياروق وقالوا: نحن عبيدك. فسكت، وبلغَ مؤيدَ الملك، وكان قد استولى على داره وأسبابه بأصفهان، فسُرَّ بقتله، وعلم أنَّه قد تمكَّن مما يريد، لكنه بقي مرتهنًا بسوء صنيعته مع زبيدة وخنْقِه إيَّاها.
ذكر بداية محمد بن ملك شاه:
كان لملك شاه أولاد؛ محمود، وأمه خاتون، وبركياروق، وأمه زبيدة، ومحمد شاه، وسنجر لأم وأب، وكان محمد هذا قد خرج مع بركياروق من بغداد صغيرًا لأبويه مختفيًا، وكانت أمه في عسكر بركياروق، فلما ولي بركياروق ضمَّه إليه، فأقام عنده مدة، ثم أقطعه كنجةَ وأعمالها، فسار إليها، ورتب بين يديه بعضَ أصحابه -كالأتابك- له، واسمه محمد، فاستولى عليه، فوثب عليه محمد شاه فقتله، واتفق مع مسير مؤيد الملك بن النظام إليه، وأطمعه في الملك، وجرت له مع أخيه بركياروق حروبٌ ووقائع، واستولى محمد شاه على المملكة، وبعث إلى بغداد، فخطبوا له سنة اثنتين وتسعين، ثم خطب لبركياروق، وسوف نذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
وفيها تُوفِّي
[الحسين بن الحسن]
أبو عبد الله، الشهرستاني، الفقيه، الشافعي، ولي القضاء بدمشق سنة سبع وسبعين في ولاية تُتُش، وكان نَزِهًا، عفيفًا، مَهيبًا، شديدًا على من خالف الحق، خرج مع الجموع إلى أنطاكية، فاستشهد بها.
أنشد لغيره:[من الطويل]
حبيبي لقد واللهِ (١) ضاقَتْ مذاهبي … عليَّ وقد واللهِ أسلمني صبري
(١) في (خ): والله لقد، ولا يستقيم الوزن، والمثبت من (ب).