للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاطرًا، لما أُخذ الإمامُ أحمدُ اعترضه وقال له: إني ضُربت في [غير] (١) اللهِ عشرةَ آلاف سَوط، فاصبِرْ أنت في الله.

وكان يُضرب المثلُ بصبر خالد، قيل له: ما بلغ من صبرك؟ قال: ملؤوا جِرابًا عقاربَ وأَدخلوا رأسي فيه، قال: ولو جُعلت في فمي خِرقةٌ وقتَ الضرب لاحترقتْ من حرارة جوفي، فقيل له: مع هذا الصبرِ والعقلِ وأنت في الباطل (٢)! فقال: نعمْ أُحبُّ الرِّئاسة. وكانت أَليتاه ولحمُ أفخاذِه قد انمحق من الضَّرب.

وأما أبو الهيثمِ العيَّار، فقال الإمام أحمدُ رحمة اللهِ عليه: لما مدُّوني للضَّرب جذب بثوبي من ورائي، فالتفتُّ وإذا بشابٍّ، فقال: أَتعرفني؟ فقلت: لا، قال: أنا أبو الهيثمِ الشاطر، اسمي مكتوبٌ عندهم في الدِّيوان أني ضُربت ثمانيةَ عشرَ ألفَ سَوط فما أَقررت، وصبرتُ لأجل الدُّنيا في طاعة الشيطان، فاصبرْ أنت لأجل الدِّين في طاعة الرَّحمن.

وقال عبدُ الله بن أحمدَ رحمةُ اللهِ عليه: كتب أهلُ المطاميرِ والسُّجون إلى أبي يقولون: إنْ رجعتَ عن مقالتك ارتددنا عن الإِسلام. وقال أبو بكرٍ النَّجاحي: في الوقت الَّذي ضُرب فيه الإمامُ أحمد أَظلمت الدنيا وزُلزلت.

وفيها امتحن ابنُ أبي دؤاد الحارثَ بن مسكين، فقال: قل: القرآنُ مخلوق. فبسط أصابعَه [وقال: أشهد أنَّ هذه مخلوقة، أشار إلى أصابعه] ثم قال: القرآنُ والتَّوراة والإِنجيل والزَّبور.

وحجَّ بالناس صالحُ بن العباسِ بن محمد بن عليّ.

وفيها توفِّي

عليُّ بن عبيدة

أبو (٣) الحسنِ الكاتب، ويعرف بالرَّيحاني. كان أديبًا فصيحًا بليغًا، صنَّف الكتبَ


(١) ما بين حاصرتين من (ب) و (ف).
(٢) في (خ) و (ف): الباطن.
(٣) في (خ) و (ف): بن أبو. والمثبت من المصادر، انظر تاريخ بغداد ١٣/ ٤٦٤، والمنتظم ١١/ ٤٥، وتاريخ الإسلام ٥/ ٤٠٥، ولم ترد هذه الترجمة في (ب).