للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وابتلاني بكم، وأبقاني فيكم بعد صاحبي، فواللَّه لا يَحضرني شيءٌ من أمركم فيَليه أحدٌ دوني، ولا يتغيَّبُ عني فآلو فيه [عن الجَزْء والأمانة] ولئن أحسنوا لأُحسِنَنَّ إليهم، ولئن أساؤوا لأُنَكّلنَّ بهم، قال الرجل: فواللَّه مازال على ذلك حتى فارق الدينا.

وقال: إنما يَحِلُّ لي من مال اللَّه حُلَّتان؛ حُلَّةٌ في الشتاء، وحُلَّةٌ في الصيف، وما أحجُّ عليه وأعتمر من الظّهر، وقُوتي وقوت أهلي كقوتِ رجلٍ من قريش، وما أنا إلا رجلٌ من المسلمين.

وقال: إني أنزلتُ نفسي من مال اللَّه منزلةَ اليتيم، إن استغنيتُ استعفَفْتُ، وإن افتقرتُ آكل بالمعروف، [فإن أيسرتُ] قَضيتُ.

إنما يحل لي من هذا المال ما كنتُ آكلًا من صُلْبِ مالي الخلّ والزيت.

[ذكر تسميته بأمير المؤمنين]

لما وَلي قيل له: يا خليفة خليفة رسول اللَّه ، [فقال المسلمون: فمن جاء بعد عمر قيل له: خليفة خليفة خليفة رسول اللَّه] فيطول هذا، ولكن أجمِعوا على اسمٍ يُدعى به مَن بعده من الخلفاء، فقال بعض الصحابة: نحن المؤمنون وعمر أميرُنا، فدُعي أمير المؤمنين، وهو أوّل مَن سُمِّي بذلك (١). وقال المسعودي: أوَّلُ مَن سماه به عديّ بن حاتم، وقيل: المغيرة بن شعبة، وقيل: أبو موسى الأشعري كتب إليه: لعبد اللَّه [عمر] أمير المؤمنين، فلما قرأ الكتاب قال: إني لعبدُ اللَّه وأميرُ المؤمنين، والحمد للَّه ربّ العالمين (٢).

[وقعة أجنادين]

وهي بلدة بين الرّملة وبيت جِبرين من أعمال فلسطين، وكانت في رجب، وقيل: كانت بعد فتح دمشق، وقيل: كانت قبل اليرموك في حياة أبي بكر، وقيل: كان بأجنادين وقعتان: وقعة في جمادى الأولى وأخرى في رجب.

قال سيف: اجتمع عمرو بن العاص والأمراء بأجنادين فعسكروا بها، وجاءهم


(١) طبقات ابن سعد ٣/ ٢٨١ وما بين معكوفتين منه.
(٢) مروج الذهب ٤/ ١٩٢ - ١٩٣.