للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إني أتاني خبرٌ فأبكان (١)

أن عليًّا قتلَ ابنَ عَفَّانْ

رُدُّوا علينا شيخَنا كما كانْ

وصعد معاوية على رابية، ونصب سريرًا عاليًا، وقعد عليه ينظر إلى الفريقين، فحمل أمير المؤمنين، وكبَّر وكبر الناس، فانتقضت صفوف أهل الشام، وانتهت الهزيمة إلى معاوية، فتطاعنوا بالرِّماح حتَّى تقصَّفت، وتثلَّمت السُّيوف، وتكادموا بالأفواه، ثم تنادوا من كل جانب يا معشر العرب، اللهَ الله، البقيَّة البقية. وأمير المؤمنين يَنغمس في القوم، فما يَنصرف حتَّى يَنثني سيفُه، وقربوا من سُرادق معاوية، فهرب معاوية وعمرو بن العاص عن السّرادِق، فغَشَوه بأسيافهم فقطّعوه.

وكان عامة المهاجرين والأنصار ومَن شهد مع رسول الله المشاهد ممن حضر الجمل وصفين لم يشهروا سيفًا، ويقولون: الأمر مُلتَبِس، إلى أن قُتل عمار، فتنادَوا: استبان الأمر بقتل العبد، وكبَّروا تكبيرةً ارتجَّ لها العسكر، وصاحوا: طاب الضِّراب اليوم، وحملوا فقتلوا في أهل الشام مَقتلةً لم يُرَ مثلُها، وجعل المهاجرون والأنصار يقولون: صدق رسول الله ، وقُتل المِرْقال.

[حديد رفع المصحف]

واختلفوا فيه: روى أبو مخنف عن أشياخه قالوا: لما رأى عمرو بن العاص صفوف أهلِ الشام قد انتَقضت خاف الهلاك، فقال لمعاوية: هل لك في أمر أعرِضه عليك لا يَزيدنا إلا اجتماعًا، ولا يزيدهم إلا فُرقة؟! قال: نعم.

وفي رواية هشام أن السائل لعمرو معاوية؛ لما رأى الغَلَبة وخاف الهلاك قال لعمرو: هل من حيلة، فهذا وقت مُخَبّآتك وهناتك.

رجع الحديث إلى أبي مِخنف قال: فقال له عمرو: نرفع المصاحف على رؤوس الرماح، ثم تقول: ما فيهم حَكَمٌ بيننا وبينكم، فإن أبي بعضُهم أن يقبلها وجدتَ فيهم


(١) في (خ): السليب الإيمان، خبرًا فأبكاني، والمثبت من الأخبار الطوال ١٨٥، ووقعة صفين ٢٢٨.