للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورفعه، فدعا له، وبدأه أبو الحسن، وقال: أتقول بمقالة أهل الاعتزال؟ قال: لا. قال: وبالرفض؟ قال: لا، ولكنِّي أُنكِرُ على هؤلاء سماع الغناء والضربَ بالقصب، وهو خلاف الشرع. وافترقوا.

[وذكره هلال بن الصابئ وقال: حُمل من داره بقطيعة النصارى إلى المسجد الجامع بالمدينة -يعني جامع المنصور- ودُفن في جوار قبر أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى].

[السنة الثامنة والتسعون وثلاث مئة]

فيها في يوم عاشوراء عمل أهل الكَرْخ ما جرت به العادة من النَّوح وتعليق المُسوح على رؤوسهم (١) وقصدوا مقابر قريش، فلم يتعرَّض لهم أحد، واتَّفق يومُ عاشوراء يومَ المهرجان، فأخَّره عميد الجيوش إلى اليوم الثاني، ثمَّ جلس وعمل سماطًا على العادة، وجلس للتهنئة.

وفي المُحرَّم تعرَّض بنو هلال - وكانوا ستَّ مئة فارس - لحاجِّ البصرة الذين انفصلوا عن حاجِّ العراق عند الموضع المعروف بالسَّاج، فأخذوا أموالهم وجمالهم، وأفلتَ مَنْ دخل البصرة على أقبح حالٍ من العُري والجوع والعطش، فيقال: إنهم أخذوا منهم مئة ألف دينار.

وفي كانون سقط الثلج بالعراق سقوطًا عظيمًا، فكان على وجه الأرض ذراعًا ونصفًا، وعمَّ الكوفةَ وواسطًا والبصرةَ والبطائح على هذا الوجه، ولم يُعهَدْ سقوطُ الثلج بالبصرة إلا في سنة تسعين ومئتين.

وفيها سار بدر بن حسنويه إلى الري معاونًا للسيدة أم مجد الدولة على عَوْدها إلى موضعها، ومُرَتِّبًا لشمس الدولة أبي طاهر في الإمارة عوضًا عن أخيه مجد الدولة.

ذكر السبب:

كان الخطير أبو علي القاسم بن علي قد منعَ السيدةَ من التصرُّف، وقبضَ يدَها، وأوحشَ مجدَ الدولة منها، ووضعَ الدَّيلم، حتى قالوا: ما للنساءِ والملك؟ وكان وزيرُها أبو سعد بن الفضل بالرَّي، فأخافه، فهرب، فصَعِدت السيدة إلى القلعة


(١) في (خ) و (ب): رسومهم، والمثبت من (م) و (م ١).