ثم ولي بعد المنذر بن النعمان ولدُه عمرو، ويقال له: الأسود. وأمُّه هند بنت الهيجمانة. أقام عشرين سنةً وسُمّي مضرّطَ الحجارة لشدّة صرامته، وسُمّي محرِّقًا لأنه أحرق من بني تميم تسعة وتسعين رجلًا، وكمَّلهم مئةً برجلٍ من البَراجم، وكان بنو تميم قتلوا أخاه سعد بن هند.
ومحرِّق أيضًا لقبُ الحارثِ بن عمرو، ملك الشام من آل جَفْنةَ، سُمّي بذلك لأنه أولُ من حرَّق العرب في ديارهم.
وعمرو بن هند صاحبُ طَرَفة والمتلمّس، وكان كتب لهما كتابين إلى عامله بالبحرين، أَوْهَمهما أن في الكتابين صِلةً، وفي الكتابين يأمره بقتلهما ويقول: إذا أتاك طرفةُ والمتلمِّسُ فاقطع من كل واحدٍ منهما أكحلَه، ودَعْه حتى يموت.
فأما المتلمسُ فإنه مرَّ على رجل يَفلي ثيابه ويأكل خبزًا، فقال: ما رأيتُ أحمقَ من هذا.
فرفع الرجل رأسه وقال: أما أنا فأرمي خبيثًا وآكلُ طيِّبًا، وأحمق مني من حمل حتفه بيده. ففتح الصحيفةَ فرأى ما فيها من الشرِّ فرمى بها في النهر. وأما طرفةُ فمضى بالكتاب إلى العامل فقرأه فقطع أكحله، وتركه حتى مات.
وكان مُلْكُ عمرو بن هندٍ أربعًا وعشرين سنة.
والمتلمّس اسمُه: جرير بن عبد المسيح الضُّبَعي، عَشِق أخت عمرو بن هند وشبَّب بها، فطلبه عمرو ليقتله فهرب، وهو من المقِلِّين من الشعر، وهو خالُ طرَفة بن العبد، وإنما سُمّي المتلمّس لقوله:[من الطويل]