للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سعيدُ بن سَلْم بنِ قتيبة

أبو محمَّد (١)، الباهليُّ البَصْرِيّ. ولي بعضَ أعمالِ خُراسان، ثم قدم بغدادَ وحدَّث بها، وكان عالمًا بالحديث والعربية، إلَّا أنَّه كان لا يبذل نفسَه للنَّاس.

وقال: خرجت إلى مكةَ ومعي قِبَاب، فدخلنا البادية، فمررت بأعرابيٍّ محتَبٍ على باب خيمةٍ له وهو يرمقُ القباب، فسلّمت عليه، فقال: لمن هذه القِباب؟ قلت: لرجلٍ من باهلة، فقال: ما أظنُّ الله يعطي باهليًّا هذا كله. فلما رأيتُ إزراءَه (٢) على باهلةَ قلت له: يَا أعرابي، أتحبُّ أن تكونَ لك هذه القبابُ وأنت من باهلة؟ قال: لا ها اللهِ ذا، فقلت: أتحبُّ أن تكونَ أميرَ المُؤْمنين وأنت رجلٌ من باهلة؟ فقال: لا ها اللهِ ذا، فقلت: أتحبُّ أن تكونَ من أهل الجنة [وأنت رجل من باهلة؟ فقال: بشرط، قلت: وما ذاك الشرط؟ قال: لا يعلم أهلُ الجنة] (٣) أني باهلي؟ فرميتُ إليه بصُرَّة فيها دراهم، فأخذها وقال: لقد وافقتْ مني حاجةً إن لم تكن من رجلٍ من باهلة، فقلت: أنا من باهلة، فرمى بها إليَّ وقال: لا حاجةَ لي فيها، فقلت: قد ذكرتَ من نفسك حاجةً تجدها، فقلت: لا أحبُّ أن ألقى اللهَ ولباهليٍّ عندي يَدٌ. فانصرفت، فلمَّا قدمتُ على المأمون حدَّثته، فضحك حتَّى استلقى على قفاه، وقال: يَا أَبا محمَّد، ما أَصبرَك. وأمر لي بمئة ألفِ درهم.

تُوفِّي سعيدٌ ببغداد، وسمع عبدَ الله بنَ عونٍ وطبقتَه، ومن روايته: أنَّ القاسم بن محمدِ بن أبي بكرٍ الصَّدِّيق كان يقول في سجوده: اللهم اغفر لأبي محمدٍ ذنبَه في عثمانَ بن عفان.

وباهلةُ قبيلة من قَيس عَيلان (٤)، وهو في الأصل اسمُ امرأةٍ من هَمْدان، كانت تحت


(١) في (خ): أبو علي، والمثبت من المصادر. انظر تاريخ بغداد ١٠/ ١٠٥ - ١٠٦، والأنساب ٢/ ٦٧، والمنتظم ١٠/ ٢٠٣، وتاريخ الإِسلام ٥/ ٨٠.
(٢) في (خ): إزاره، والمثبت من تاريخ بغداد ١٠/ ١٠٦، والمنتظم ١٠/ ٢٠٤.
(٣) ما بين حاصرتين من تاريخ بغداد.
(٤) في (خ): عبدان، وهو خطأ.