للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الثامنة والثمانون ومئتين]

فيها وقع وَباء بأذْرَبيجان فمات خَلْقٌ كثير، وفُقدت الأكفان، فكفّن النَّاس في الأكْسِيَة واللّبود، ثمَّ فُقدت [الأكسية] ومَن يدفن الموتى، فكانوا يُطرَحون في الطُّرق عَرايا.

ثمَّ وقع الطَّاعون في أصحاب محمَّد بن أبي السَّاج بَبَرْذَعة في ربيع الأوَّل، فمات لمحمد ما بين ولدٍ وغُلامٍ ممن أخِذت مناطقُهم وسيوفُهم، وأدخلت خزانة ابن أبي السَّاج؛ سبعُ مئة إنسان، ثمَّ توفِّي محمَّد بن أبي السَّاج ببَرْذَعة، وقيل: بأذربيجان، وكان يلقب بالأفشين، فاجتمع غلمانه فأمَّروا عليهم ابنه ديوداد، فاعتزلهم أخوه يوسف بن أبي السَّاج وهو مخالفٌ لهم (١).

وفيها قدم المعتضد بغداد [فنزل] بباب الشَّمَّاسية مُنْصَرِفًا من سفره، ومعه وصيف خادم ابن أبي السَّاج، وكان عاصيًا عليه بالثُّغور، ثمَّ دخل المعتضد قصرَه بالثُّريّا ليلًا، وركب من الغد ابنُه جعفر وأبو النجم بدر المُعْتَضدي، وبين أيديهم القوَّاد، ووَصيف الخادم قد أُركب جَملًا له سنامان بغير وطاء، وعليه دُرَّاعة ديباج، ومعه رجل يعرف بالبُغَيل من أهل طَرَسوس ممَّن كان يقاتل في البحر على جمل، ورجلان آخران وعليهم الذرائع والبَرانس، وكان في المَرْكب ممن أبلى في الوقعة خاقان المُفْلحي مُطوَّقًا مُسوَّرًا، ووَصيف موشكير، ومؤنس الخادم، ومؤنس الخازن مطوَّقين بغير أسورة (٢).

وقال الخطيب: هجم المعتضد على وصيف بطَرَسوس فأخذه أسيرًا، وعاد إلى أنطاكية وعليه قَباء أصفر، فقال رجل: يا قوم، الخليفةُ عليه قباء أصفر، فأين السَّواد؟ فقال بعض الناس: هذا القباء كان عليه وهو ببغداد؟ فجاءه الخبر بعصيان وصيف، فحلف لا يغيِّرُه حتَّى يَفْرُغ من أمر وصيف (٣).


(١) انظر تاريخ الطبري ١٠/ ٨٣، والمنتظم ١٢/ ٤١٦، والكامل.
(٢) مروج الذهب ٨/ ١٩٦ - ١٩٩.
(٣) تاريخ بغداد ٦/ ٨٠.