للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[وفيها تُوفِّي]

مسعود بن محمود (١)

ابن سُبُكْتِكين، أبو سعيد، صاحب خراسان.

[قال جدي في "المنتظم" (٢): تُوفِّي وقام أخوه مقامه، وخرج مودود بن مسعود على عمِّه محمد فقبض عليه، وعاد إلى غَزْنة، واستتبَّ له الأمر. قلت: هذا صورة ما ذكر جدي].

قال هلال بن [المحسن بن] الصابئ: ورد في النصف من شعبان كتابٌ من غَزْنة يذكر فيه وفاة [أبي سعيد] مسعود [بن محمود] في سنة اثنتين وثلاثين ببلاد الهند.

كانت عادةُ مسعود جاريةً بالخروج من غَزْنة في فصل الشتاء، والدخول إلى بلد الهند؛ لكثرة البرد بغَزْنة، فلمَّا كان سنة اثنتين وثلاثين وأربع مئة أخذ أهلَه وولدَه وحرمَه وعسكرَه وقطعةً من ماله وسار إلى بلاد الهند على رسمه، وأخذ معه أخاه محمدًا وهو ضرير، وكان مسعود قد سمله في القلعة خوفًا منه، فلمَّا وصل إلى نهر حالم ويقال: هو سَيْحون، وهو بمقدار دِجْلة، فنزل عليه، وواصل الشرب والسُّكر على رسمه في الإكثار منها، وأمر بعبور حرمِه وولدِه ومالِه، فلمَّا تكامل ذلك عبر بنفسه وسبق إلى قلعة كان أبوه بناها على قرب حالم، فصعد إليها، وتبعه خصيٌّ يُعرف بأبي سُكَين البلخي في ألف غلام إلى الموضع الَّذي نزل فيه، ومدُّوا أيديهم إلى نهب ما كان خارج القلعة من المال والرجال، وسمع مسعود الضجَّةَ، وكان نائمًا فانتبه، وأشرف عليهم من أعلى القلعة، فرآهم قد خرقوا الهيبة، وأظهروا المباينة، فتحصَّن بموضعه، وأغلق أبوابها، فعادوا راجعين إلى بقية العسكر، فوجدهم قد عبروا النهر، فاتَّفقوا بأسرهم على كراهية مسعود والقبض عليه، ووصلوا إلى القلعة ومعهم أخوه محمد أعمى، وقد أركبوه فيلًا وملَّكوه، وطالبوا مسعودًا بالخروج إليهم، فامتنع، فقالت له والدته: لا تفعَلْ، فإنَّ مكانك لا يعصمك منهم، ولأن تخرج إليهم على


(١) تاريخ بغداد ٢/ ١٥٩، والمنتظم ١٥/ ٢٨٣، والكامل ٩/ ٥٠٣.
(٢) المنتظم ١٥/ ٢٨٣ - ٢٨٤.