للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال ابن عمر: مشى أبو بكر معهم ميلين، فقالوا: يا خليفة رسول الله ارجع، أولو انصرفت، قال: لا، إني سمعتُ رسول الله يقول: "مَن اغبرَّتْ قدماه في سبيل الله حرَّمَهما الله على النار" (١)، ثم قام في الجيش فقال: أوصيكم بتقوى الله، [لا تعصوا، ولا تغلوا] ولا تغدروا، ولا تُمثّلوا، ولا تهدموا بِيعةً، ولا تحرقوا نخلًا، ولا تقطعوا شجرة مثمرة، ولا تقتلوا شيخًا كبيرًا ولا صبيًا صغيرًا، وستجدون أقوامًا قد حبسوا أنفسَهم، فذروهم وما حبسوا أنفسهم له، وستَجدون مَن يغدوا عليكم بألوان الطعام ويروح، فلا يأتيكم [لونٌ] إلا ذكرتُم اسمَ الله عليه، بسم الله، سيروا على بركة الله، ثم عاد إلى المدينة (٢).

وقال يزيد بن أبي سفيان: أوصاني أبو بكر لما بعثني إلى الشام، فقال: يا يزيد، إن لك قرابةً عَسيتَ أن تُؤثرهم بالإمارة، وذلك أكثرُ ما أخاف عليك، فإن رسول الله قال: "مَن وَلي من أمر المسلمين شيئًا فأَمَّر عليهم أحدًا مُحاباةً فعليه لعنةُ الله، لا يَقبل الله منه صرفًا ولا عدْلًا حتى يُدخله جهنّم، ومَن أعطى أحدًا حِمى الله فقد انتهك في حِمى الله شيئًا بغير حقِّه، فعليه لعنةُ الله، أو قال: فقد بَرِئت منه الذّمَّة، أو ذمَّةُ الله تعالى" (٣).

ذكر سبب عزلِ خالد بن سعيد

قال ابن إسحاق: قدم خالد بن سعيد من اليمن بعد وفاة رسول الله ، فتربص ببيعة أبي بكر شهرين، ولقي علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان، فقال: يا بني عبد مناف لقد طِبتُم نفسًا عن أمركم يليه غيرُكم، فأما أبو بكر فلم يحقدْها عليه، وأما عمر فاضْطَغَنها عليه، فلما أمَّره قال له عمر: أَتُؤمَّره وقد صنع ما صنع، وقال ما قال، فلم يزل به حتى عزله، وأمّر يزيد بن أبي سفيان (٤).

وقال سيف: قدم خالد بن سعيد من اليمن، وكان قد ولاه رسول الله اليمن،


(١) أخرجه أحمد (١٥٩٣٥)، والبخاري (٩٠٧) من حديث أبي عبس .
(٢) المنتظم ٤/ ١١٦، وتاريخ دمشق ١٨/ ٣١٠.
(٣) أخرجه أحمد في مسنده (٢١)، وابن عساكر في تاريخ دمشق ١٨/ ٣١٠.
(٤) تاريخ الطبري ٣/ ٣٨٧، والمنتظم ٤/ ١١٦.