للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّنةُ الثانيةُ والثمانون بعد المئة

فيها أخذ هارونُ البيعةَ لابنه المأمونِ بعد الأمين، وأَقطعه خُراسانَ، وضمَّه إلى جعفرِ بن يحيى. وبايعه بنو هاشم: موسى بن عيسى، وجعفرُ بن المنصور، وعبدُ الملكِ بن صالح، وغيرُهم.

وقدم الشافعيُّ رحمةُ الله عليه بغداد، فوافق عقدَ الرشيد البيعةَ لابنه المأمونِ بعد الأمين، وجلس النَّاسُ في دار العامَّة ينتظرون الإِذن، وقالوا: كيف ندعو لهما؟! إنْ دعونا لهما بالبقاء كان دعاءً على أبيهما، وإن سكتنا كان تقصيرًا، فأُذن للنَّاس، فقام الشافعيُّ رحمةُ الله عليه فقال: [من الكامل]

لا قَصَّرا عنها ولا بَلَغَتْهما … حتَّى يطولَ على يديك طِوالُها (١)

وغزا الصَّائفةَ عبدُ الرَّحمن بن عبد الملك فبلغ أُفْسوسَ (٢) مدينةَ دقيانوس ومكانَ الكهف، وكان قُسطنطين بن أليون ملكُ الروم قد بدا منه جَوْرٌ وفساد، فسَمَلَتْه الروم (٣)، وملَّكت أمَّه، واسمُها رينى (٤)، وقدم يحيى بنُ خالد من مكةَ إلى الرقَّة.

وفيها: حُملت ابنة خاقان ملكِ الخَزَر إلى الفضل بنِ يحيى وهو بخُراسان، فماتت ببَرْذَعَة، وكان على إرْمِينِية سعيدُ بن سَلْم بن قُتيبةَ الباهليّ، وأُخبر ملكُ الخزر أنَّ ابنته قُتلت غِيلة، فاستعدَّ لحرب المسلمين.


(١) ذِكْر الشَّافعيّ في هذا الخبر وهمٌ تابع فيه المصنفُ جدَّه، إذ أورده في المنتظم ٩/ ٦٦ - ٦٧، والأذكياء ١٠٢، وقد ذكر خبر أخذ هارون البيعة لابنه: الطبري ٨/ ٢٦٩، وابن الأثير ٦/ ١٦١، والذهبي ٤/ ٧٨٠، وابن كثير ١٣/ ٦١٤ ولم يذكروا قدوم الشَّافعيّ، بل إن ابن كثير نصَّ في تاريخه ١٣/ ٦٢٠ على أن الشَّافعيّ إنما قدم بغداد في أول قدمة قدمها إليها في سنة أربع وثمانين
والبيت الذي نُسب إلى الشَّافعيّ هو لطُريح بن إسماعيل تمثل به عبد الله بن مصعب بن ثابت لما بايع الرشيد لولده، وانظر تاريخ الطبري ٨/ ٣٦٤، والمنتظم ٩/ ٩٧.
(٢) في (خ): أقسوس، وفي تاريخ الطبري ٨/ ٢٦٩: دفسوس، والمثبت من معجم البلدان ١/ ٢٣١، والمنتظم ٩/ ٦٧، والكامل ٦/ ١٦١.
(٣) سمل العين: فقأها بحديدة محماة. مختار الصحاح (سمل).
(٤) في (خ): دنيا، والمثبت من تاريخ الطبري ٨/ ٢٦٩، والكامل ٦/ ١٦١، والبداية والنهاية ١٣/ ٦١٤.