للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخطيب، كان من السادة الأشراف، توفِّي فِي رمضان سنة تسع وتسعين -وقيل: سنة أربع مئة- روى عن محمد بن الحسين الآجُري، عن الفضل بن العباس الشِّكلي، عن عبد الباري أخي ذي النون قال: قلت لذي النون: يا أبا الفيض، لِمَ صُيِّرَ الموقفُ بعرفات والمشْعَر، ولم يُجعَلْ فِي الحرم؟ فقال: لأنَّ الكعبةَ بيتُ الله، والحرمَ حِجابُه، والمشعرَ بابُه، فلمَّا قصده الوافدون أوقفهم بالباب الأول يتضرَّعون، ثم أذنَ لهم بالدخول، ثم أوقفهم بالباب الثاني وهو المزدلفة، فلمَّا نظر إلى تضرّعهم أمرهم بتقريب قُربانهم، وقضاءِ تَفَثِهم، وأن يتطهرَّوا من الذنوب، فيدخلوا بيتَه على طهارة. قال: قلت: فلِمَ كَرِهَ الصيامَ فِي أيام التشريق؟ فقال: لأنَّ القومَ أضيافُ الله، ولا يَنبغي للضيف أن يصوم عند مُضيفه. قال: قلتُ: فما يعني التعلّق بأستار الكعبة؟ قال: مثَلُه كَمَثلِ رجلٍ بينَه وبينَ آخرَ جنايةٌ، فهو يتعلَّق بذيله، عسى الله أن يهبَ له جنايتَه.

[وفيها تُوفِّي]

الحسين بن أبي جعفر (١)

أستاذ هُرْمُز، أبو علي، عميد الجيوش، ولد سنة خمسين وثلاث مئة، وكان أبوه من حُجَّاب عضد الدولة، وجعل ابنَه أبا علي برسم ابنه صَمْصام الدولة، فخدم صَمْصام الدولة وبهاء الدولة، وولَّاه العراق، فقَدِمها [وقدم عميد الجيوش بغداد فِي] سنة اثنتين وتسعين [وثلاث مئة]، والفتنُ قامْةٌ، والذُّعَّار يفتِكون بالناس، ففتك بهم، وقتل وصلب وغرَّق (٢) خلقًا كثيرًا، فقامت الهيبة، ومنعَ أهلَ الكَرْخ من النِّياحة يومَ عاشوراء، وأهلَ باب البصرة من زيارة قبر مصعب بن الزبير [وقد ذكرناه (٣)].

وبلغ من هيبتِه أنَّه أعطى غلامًا له صينيةَ فضةٍ فيها دنانير، وقال: خُذْها على رأسك، وسِرْ من النَّجمي إلى المأصِر الأعلى، فإن اعترضك مُعترِضٌ فأَعْطِه إيَّاها، واعرِفِ المكانَ الَّذي أُخِذَتْ منك فيه. فجاء وقد انتصف الليل، وقال: مشيتُ البلدَ جميعَه فلم


(١) المنتظم ١٥/ ٧٨ - ٨٠، والكامل ٩/ ٢٢٤ - ٢٢٥.
(٢) فِي (م ١) وحدها: وعلَّق. والمثبت من (خ) و (م)، هو الموافق لما فِي المنتظم.
(٣) عند أحداث السنة الثالثة والتسعين وثلاث مئة.