للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[السنة الرابعة والستون وأريع مئة]

فيها استولى الناوكية الذين هربوا من ألب أرسلان إلى الشام، وكان أمير الجيوش بدر قد استمالهم، فجاؤوا فنزلوا الشام، وطردوا العرب الذين كانوا قد استولوا على بدر، ونهبوا الشام، وطلبوا من بدر المال وهو مقيم بعكَّا، فقال: ما عندي مال، وما سلَّطتُكم على العرب إلَّا أنكم تقنعون بنهبهم، وما أقطعتكم من الشام. فقالوا: نحن أخذنا البلاد بسيوفنا. ثم جاؤوا فنزلوا طبرية، واقتسموا البلاد، وأخذوا غلالها، فراسل بدرٌ العربَ بالرجوع إلى الشام، وأنه معهم بنفسه وماله، فاجتمع من العرب خلقٌ عظيم، وقربوا من طبرية، وعرف الناوكية كثرتهم، فكرهوا لقاءهم، فساروا إليهم، فكبسوهم، وأسروا وقتلوا ما شاؤوا، وعادوا إلى طبرية، ونزلوا من بعد طرابلس، فراسلهم محمود بن الزَّوقلية بأن يعودوا إليه، وبذل لهم العطاء، فجاؤوه، وكان عمه عطية قد استنجد بطريق أنطاكية وبني كلاب على محمود، وقصد حلبَ، فنهب ظاهرها، وجاء الخبر بأسر ملك الروم، فعاد عسكر أنطاكية، وارتبط محمود من التركمان نحو ألف غلام، وسار الباقون إلى الشام، فنزلوا على حصن نعمان بالبلقاء، وفيه ذخائر العرب وأموالهم، وهو معقلهم، ولم يكن عليه لأحد طاعة، وهو عزُّ العرب، فاحتالوا عليه وملكوه، وملك التركمانُ الشام بأسره، وجاؤوا إلى الرملة وهي خراب ليس بها أحد، ولا لسوقها أبواب، فجلبوا إليها الفلاحين وعمروها، وضمنوا أجر السلطان عن الزيتون الموجود بثلاثين ألف دينار، وقرَّروا قسم البلاد على النصف، فقيل: إنهم باعوا من الزيتون في هذه الرّقعة بثلاث مئة ألف دينار، وأعطوا التركمان منها ثلاثين ألف دينار، وأخذوا الباقي.

ذكر ما يتعلق بمصر:

اجتمعَ مَنْ بقي من المشارقة إلى القاهرة، وتولَّى ابنُ المغربي مكاتبةَ الأمير والأصحاب وإفسادَهم على ابن حمدان، وجمع الجموع، وتفلَّت من ابن حمدان كلُّ من كان يستعين به، وقوي أمر المستنصر، وضعُفَ أمرُ ابن حمدان، وكان مُقدَّم المشارقة يلدكور، ومضى ابن حمدان إلى الإسكندرية، وأخذ أهله وأمواله، ومضى