للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السنة السادسة والثلاثون وثلاث مئة (١)

فيها خرج معزُّ الدولة والمُطيع من بغداد إلى البصرة لمحاربة أبي القاسم عبد الله بن أبي عبد الله البريدي، فسلكوا طريقَ البَرِّيَّة، فجاءهم رسولُ القَرامطة من هَجَر يلومهم على سلوك البرية بغير أمرهم، فسبَّ معزُّ الدولة الرسول والقِرمطي وقال: مَن أنتم حتَّى تُستَأذنوا، إذا فرغنا من البصرة عُدنا إليكم فاستأصلناكم، ومزَّق كتابهم ولم يقرأه، وطرَدَ الرسول.

ولمَّا قارب البصرةَ استأمَن إليه جيش البريدي، وهرب البريدي إلى القرامطة، واستولَى معزُّ الدولة على البصرة وعلى أموال البريدي، وأقطع المطيعَ ضياعًا عِوَضَ ما كان يُعطيه وهو ألفا درهم كلَّ يوم، وكان مَغلُّ الضياع كلَّ سنة مئة ألف دينار، ثم تناقصت إلى خمسين ألف دينار.

وفيها وصل عمادُ الدولة أبو الحسن علي بن بُوَيه إلى الأهواز، فسار أخوه معزُّ الدولة لتلقِّيه، وتأخَّر المُطيع بالبصرة ومعه الصَّيمَري، ووصل معزُّ الدولة إلى أَرَّجان في شعبان وقد نزل بها عماد الدولة، فقبَّل معزُّ الدولة الأرض بين يديه، ووقف قائمًا، فأمره بالقعود فلم يقعد، وكان يأتي كلَّ يوم إلى خدمة أخيه بُكرةً وعشيًّا فيقف ولا يجلس، وأرجَفَ الناسُ: وإنَّما جاء عماد الدولة ليسترجعَ الأهواز من مُعزّ الدولة، وبلغ عماد الدولة فقال لبعض أصحاب معزِّ الدولة: قد بلغني كذا وكذا، وضرب بيده إلى لحيته وقال: سَوْءةً لي إن اتَّضَعْتُ إلى هذه الحالة، هذا معزُّ الدولة وركن الدولة أخواي وابناي (٢) في المَرْتبة، وما أُريد الدنيا إلا لهما، ووالله ما جئتُ إلى هنا إلا لأعقِدَ بينهما الرئاسة حتَّى لا يختلفا إن حدث بي حادث؛ فإنِّي مريضٌ، وأسألُه تقديمَ أخيه الكبير على نفسه على ما جرت به العادة، فأخبَرَ الرجلُ معزَّ الدولة، فحضر عند عماد الدولة وبكيا، واتَّفقا ثم ودَّعه.


(١) في (م): بعد الثلاث مئة، ولم تذكر في (م ف م ١) أحداث هذه السنة اختصارًا.
(٢) كذا في (خ).