للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يديه طست فيه دمُ الحسين وهو يغلي، فأقعدني بين يديه وكحلني منه بميل في كلِّ عين، فأصبحتُ أعمى كما تَرَوْن (١).

وقال السُّدِّيُّ: نزلتُ بكربلاء ومعي طعام للتجارة، فنزلنا على رجل فتعشَّينا عنده، وتذاكرنا حديث قتل الحسين، وقلنا: ما شَرَكَ أحدٌ في دمه إلا ومات أقبح موتة. فقال الرجل: أنا شَرَكْتُ في دمه، وكنتُ فيمن قتلَه، وما أصابني شيء. قال: ونمنا، فلمَّا كان آخِرُ الليل؛ ارتفع الصُّراخ من جانب الدار، فقلنا: ما الخبر؟ قال: قام الرجل يُصلحُ المصباح، فاحترقت إصبعه، ثمَّ دَبَّ الحريقُ في جسده، فبقي حُمَمَةً. قال السُّدِّيّ: فأنا - واللهِ - رأيتُه كأنَّه فحمة (٢).

وقال أبو القاسم السِّمناني: ومن أعجب الأشياء ما نُشاهد في الدنيا أنَّ الحسين لم يخلِّف ولدًا سوى عليّ زين العابدين، وهو أبو الأئمة، وقد نَشَرَ اللهُ من ذُرِّيَّته بعدد الرَّمل والحَصَى ساداتٍ وأشراف (٣)، ومات يزيد بن معاوية، وترك نحوًا من عشرين ولدًا، وليس له اليومَ على وجه الأرض نسل، والله أعلم.

[السنة السابعة والستون]

فيها قُتل عبيد الله بن زياد، والحُصين بن نُمير السَّكوني الذي رمى الكعبة بالمجانيق وحرَّقها، وأعيانُ الشام (٤)، وسنذكره في آخر السنة.

وفيها قُتل المختارُ أيضًا، ومحمد بنُ الأشعث، وعُبيد الله بنُ عليّ بن أبي طالب، وعَمرة بنتُ النعمان بن بشير زوجةُ المختار، وسنذكرهم إن شاء الله تعالى.

وفيها عزلَ عبدُ الله بنُ الزُّبير القُباع عن البصرة، وولَّى أخاه مصعبَ بنَ الزُّبير عليها.

قال عُمر بنُ شَبَّة: فقَدِمَ المصعبُ من مكَّة إلى البصرة، فأناخ على باب المسجد (٥) وهو متلثّم، ثمَّ دخل، فصعد المنبر، وجاء الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة الملقب


(١) ينظر "مختصر تاريخ دمشق" ٧/ ١٥٧.
(٢) المصدر السابق ٧/ ١٥١.
(٣) كذا في النسخ الخطية، والجادة: وأشرافًا.
(٤) في (أ) و (ب): وأعيان أهل الشام.
(٥) في (أ) و (خ) و (ص) و (م): باب البصرة، وليس في (ب)، والمثبت من "تاريخ" الطبري ٦/ ٩٣.