للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في ذكر ما سار من الأمثال]

قد ضرب الله تعالى الأمثال في كتابه القديم، وعلى لسان رسوله الكريم، فأمَّا أمثال القرآن العظيم فنيِّفٌ وثلاثون مثلًا، وأمَّا ما جاء عن رسول الله فكثير.

قال الإمام أحمد بن حنبل : حدّثنا عبد الرَّزاق، حدّثنا مَعْمَرٌ، حدّثنا همّام، عن حَفْص بن عاصم، عن النَّوَّاس بن سَمْعان قال: قال رسول الله : "ضرب الله مثلًا صِراطاَّ مَستقيماً، وعلى جانبي الصِّراط سُوران فيهما أبواب مُفَتَّحة، وعلى الأبواب سُتورٌ مُرخاة، وعلى باب الصراط داعٍ يقول: أَيُّها النَّاس، ادْخُلوا الصِّراط ولا تَعوجوا، وداعٍ يدعو من جَوْف الصراط، فإذا أراد العبد أن يفتحَ شيئًا من تلك الأبواب، قال: ويحك لا تَفْتحه، فإنَّك إنْ تَفتحْه تَلِجْه، فالصّراط: الإسلام، والسُّتور: حدودُ الله، والأبواب: محارمُ الله، والدّاعي على رأس الصّراط: كتابُ الله، والدَّاعي من جَوْفه: واعظُ الله في قَلب كُلِّ مُسلم" (١).

وقد تكلَّمت العربُ العاربةُ بفنون الأمثال، وقد عُنِيَ بجمعها علماءُ اللغة، كأبي عُبَيدٍ القاسمِ بن سلّام، وأبي عُبَيْدة مَعْمَر بن المُثَّنى، والميداني وغيرهم، فمن ذلك:

أَبْلَغ من قُسّ، هو قُسُّ بن ساعدة الإياديّ، كان من حُكماء العرب، وهو أوَّلُ مَن أقرَّ بالبعث منهم، وأول مَن قال: أما بعد، بعد داود ، وأول مَن كتب: من فلان إلى فلان، وأول مَن قال: البَيِّنةُ على المدَّعي، واليمينُ على مَن أَنكَر، وأوّل مَن اتّكأ على سيف أو عصا عند خُطبته (٢).

أَبْخَل من مادِر، وهو رجل من بني هلال بن عامر بن صَعْصَعة، سقى إِبلَه، فبقي في أسفل الحَوْض ماءٌ قليل، فسَلَح فيه، ومَدَرَ به الحوض (٣)، بُخلاً أن يُشرَب من فَضْله، قال الشاعر: [من الطَّويل]


(١) مسند أحمد (١٧٦٣٤) عن الحسن بن سوار، عن ليث بن سعد، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير، عن أبيه، عن النواس. والإسناد الذي ذكره المصنف ليس في المسند ولا في الكتب الستة، انظر أطراف المسند ٥/ ٤٢٢، وتحفة الأشراف ٩/ ٦٠ - ٦١.
(٢) الدرة الفاخرة ١/ ٩١، وجمهرة الأمثال ١/ ٢٤٩، ومجمع الأمثال ١/ ١١١.
(٣) يعني لطّخه.