للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها توجَّه محمود إلى سنجر، واتفقا بعد خشونةٍ كانت بينهما، وسَلَّم إليه دُبَيسًا، وقال: تسأل الخليفة أن يرضى عنه، وتعزل زَنْكي من المَوْصل، وتسلمها إلى دُبَيس.

وتقدَّم الخليفة إلى نقيب النُّقباء وشيخ الشيوخ ليمضيا إلى سنجر في الرِّسالة، فبذَلَ النقيب ثلاثين أَلْف دينار، وشيخ الشيوخ خمسة عشر ألفًا ولا يخرجا، فأُخذ المال منهما وأُعفيا (١).

وفيها تُوفِّي

الحسنُ بنُ علي بنِ صَدَقَة (٢)

أبو علي، جلال الدِّين، وزير المُسْتَرْشد.

كان عاقلًا، رئيسًا، فاضلًا دَيِّنًا، ناصحًا لمخدومه، حَسَنَ السِّيرة، محمودَ الطَّريقة، محبوبًا إلى الخاصَّة والعامة، جَوَادًا مُمَدَّحًا، تُوفِّي ببغداد ليلة الأحد، وحَضَرَ أربابُ الدَّولة، وكان يومًا مشهودًا، وحَزِنَ الخليفةُ عليه، وتطاول للوزارة جماعة، منهم عِزُّ الدولة بن المُطَّلب، وابن الأنباري وأَحمد بن النِّظام وغيرهم، فلم يستوزر أحدًا منهم، واستناب نقيبَ النُّقباء عليّ بن طِراد الزَّينبي.

ومن شِعرْ ابنِ صدقة يمدح المسترشد: [من الطَّويل]

وَجَدتُ الورى كالماءِ طَعْمًا ورِقَّةً … وأنَّ أميرَ المُؤْمنين زُلالُهُ

وصَوَّرْتُ معنى العَقْلِ شخصًا مُصَوَّرًا … وأَنَّ أميرَ المُؤْمنين مِثَالُهُ

فلولا مكانُ الدِّين والشَّرْعِ والتُّقى … لقلتُ من الإعظامِ (٣)

قال أَحْمد بن عَمَّار الكُوفيّ (٤) يمدحه: [من الخفيف]


(١) انظر "المنتظم": ١٠/ ٨ - ٩.
(٢) له ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٩ - ١٠، و"خريدة القصر" قسم شعراء العراق: ج ٢/ ٩٤ - ٩٦، و"الكامل": ١٠/ ٦٥٢، و"الفخري": ٣٠٤ - ٣٠٥، و"سير أعلام النبلاء": ١٩/ ٥٥٢ - ٥٥٣، و"العبر" ٤/ ٥١، و"الوافي بالوفيات": ١٢/ ١٤٧ - ١٤٨، و"عيون التواريخ" في وفيات سنة (٥٢١ هـ)، و"النجوم الزاهرة": ٥/ ٢٣٣، و"شذرات الذهب": ٤/ ٦٦.
(٣) انظر "المنتظم": ١٠/ ٩ - ١٠.
(٤) سترد ترجمته في وفيات سنة (٥٢٧ هـ) من هذا الجزء.