للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رجع إلى الجزيرة، وأقام بها سنين، وكان فيها عَينٌ، فكان يشربُ منها ويتوضأ، ثم رَجَعَ إلى آمُل، فسكنها إلى أن توفي في جُمادى الأُولى، وقبره بآمُل يُتَبرَّك به.

وقال بعضُ أصحابه: مضيت إلى تلك الجزيرة، فرأيتُ فيها ثعبانًا يبتلع ابنَ آدم، فزرت موضع سجوده، ورجعت.

[فصل: وفيها توفيت والدة المسترشد (١)، كانت صالحة متصدِّقة، توفيت ليلة الاثنين تاسع عشرة شوال، وصلى عليها المسترشد ليلًا، وحملت إلى الرُّصافة] (٢).

السَّنة التاسعة والعشرون وخمس مئة

فيها قُتِلَ المسترشد، ودُبَيْس، [وشمس الملوك صاحب دمشق] (٣)، ومات طُغْريل السُّلْطان.

وفيها أخرجَ الخليفة سُرادِقَه إلى رؤوس الحيطان، لأَنَّه اطَّلع على سوءِ نية مسعود.

ووصل الخبر بوفاة طُغْريل بهَمَذَان، فسار مسعود جريدة (٤)، ولحقه عسكره، وأعاد الخليفة سُرادقه إلى داره، وأما مسعود فإنَّه وَصَلَ هَمَذَان، واختلف عليه العسكر، فكان ممن انعزل عليه قزل وسُنْقُر والبازدار (٥) وغيرهم، ونزلوا بعيدًا من هَمَذَان، فأسرى إليهم، وبَيَّتَهُمْ، فبدَّدَ شَمْلَهم، ونَهَبَ أثقالهم، فورد هؤلاء الثلاثة بغداد، وأخبروا بسوء نيَّته في الخِلافة.

وخَرَجَ أنوشروان لوزارة السُّلْطان مسعود، فَنُهِبَ جميعُ ما كان معه في الطَّريق.

وفي المحرم وَصَلَ زَنْكي بغداد، فالتقاه الوزيرُ وأرباب الدَّوْلة، ودَخَلَ، وقَبَّلَ عَتبة الباب النُّوبي، وقال: أنا وأبي عبيدُ هذه العَتَبة، وما زالت العبيد تجني والموالي تعفو.


(١) لها ترجمة في "المنتظم": ١٠/ ٤١.
(٢) ما بين حاصرتين من (م) و (ش)، والرصافة هي رصافة بغداد.
(٣) في (ع) و (ح): بوري، وهو وهم، والمثبت ما بين حاصرتين من (م) و (ش).
(٤) أي لم يكن معه رجَّالة، انظر "اللسان" (جرد).
(٥) في (ع): البادزاني، وفي (ح) البارذان، والمثبت من "المنتظم": ١٠/ ٤١، وسيأتي على الصواب ص ٢٦٥.