للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فأقرضه إياها، فقال: خذها لك، ودفعها إليه (١).

وحجَّ بالناس عُبيدُ الله (٢) بنُ الحسن وهو والي الحرمين.

وفيها توفي

بهيمٌ العِجلي

[وكنيته] أبو بكر، الزاهدُ، العابد.

[قال ابن أبي الدنيا بإسناده إلى معاذ بن زياد قال: لما اتّخذت عبَّادان سكنها قومٌ نُسَّاك، فيهم رجل يقال له: بهيم]، وكان رجلًا حزينًا يزفر الزَّفرةَ فيُسمع زفيرُه.

وقال [محمد: وحدَّثني] مِخول [قال:]: جاءني بهيمٌ يومًا فقال لي: تَعْلَمُ رجلًا من إخوانك [أو جيرانك] يريد الحجَّ، ترضاه يرافقني؟ قلت: نعم. فذهبت به إلى رجلٍ من الحيِّ له صلاحٌ ودين، فجمعت بينهما، وتواطأا على المرافقة، [ثم انطلق بهيم إلى أهله] فلمَّا كان بعد [أيام]، أتاني الرجلُ فقال: يا هذا، أُحبُّ أن تزويَ عني صاحبَك وتطلبَ له رفيقًا غيري، فقلت: ويحك ولِم؟! فواللهِ ما أعلم بالكوفة له نظيرًا في حسن الخُلق والاحتمال (٣)، ولقد ركبتُ معه البحرَ فلم أرَ منه إلَّا خيرًا، فقال: قد حُدَّثتُ أنَّه طويلُ البكاء لا يكاد يفتر، فهذا ينغِّص عليَّ العيش [سفرَنَا كلَّه]، فقلت: وأنت ما تبكي أحيانًا؟ قال: بلى، ولكن بلغني عنه أمرٌ عظيم من كثرة بكائه، فقلت: اصحبْه لعلَّك تنتفع به، فقال: أَستخير الله.

فلما كان اليومُ الَّذي أرادا أن يخرجا فيه، جيء بالإبل ووُطئ لهما، فجلس بهيمٌ في ظلِّ حائط، ووضع يَده تحت لحيته و [جعلت] دموعُه تسيل على خدَّيه ثم نزلت إلى الأرض، فقال صاحبي: يا مخول، قد ابتدأ صاحبُك، واللهِ ليس هذا لي برفيق، فقلت له: ارفقْ لعلَّه ذَكَر عياله وفراقه إياهم [فرقَّ]، وسَمِعَنا بهيم فقال: يا أخي، واللهِ ما هو ذاك، وإنما ذكرتُ بها الرحلةَ إلى الآخرة، وعلا صوته بالنَّحيب، [وقال: يقول لي


(١) الأغاني ١٢/ ١٠٢، والمنتظم ١٠/ ١٥٠، والوافي بالوفيات ١٧/ ٢٢١.
(٢) في (ب) و (خ): عبد الله، والمثبت من المصادر.
(٣) في (خ): الإجمال، والمثبت من (ب)، وهو الموافق لما في المنتظم ١٠/ ١٥٢، وصفة الصفوة ٣/ ١٨٠، وتنظر ترجمته أيضًا في تاريخ الإسلام ٥/ ٤٢ - ٤٣.