للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفيها تُوفِّي

إبراهيم بن موسى المبارز المعتمد (١)

ولد بالمَوْصِل، وقدم الشَّام، وخَدَمَ فَرُّخْشاه بن شاهنشاه [ابن أخي صلاح الدين] (٢)، وتقلبتْ به الأحوال، واستنابه بدر الدين الشحنة بدمشق، ثم ولاه العادل مستقلًا، فأحسن السِّياسة، ولَطَفَ بالرَّعية، [فكان للكبير منهم ولدًا، وللصغير والدًا، وللمتوسط أخًا، وله واقعات عجيبة.

ذكر طرف من أخباره:] (٢)

وكان دَيِّنًا، ورعًا، عفيفًا، نَزِهًا، اصطنع عالمًا عظيمًا من النساء والرجال، [(٣) وسَتَرَ عليهم كبائر الأحوال، وكانت دمشق في أيام ولايته حُرَّة طاهرة، ودلائل الخيرات بها ظاهرة، ومما جرى له أنَّه كان في دمشق] رجلٌ فاتك، وإلى جانب بيته قومٌ لهم ولدٌ صغير، في آذانه حَلَقٌ من ذهب، فاغتاله الرَّجل يومًا، فخنقه، وأخذ الحَلَق من أذنيه، وأخرجه في قُفَّة، ودفنه بالباب الصَّغير، وفقدته أمه، فاتهمتِ الرَّجلَ به، فعذَّبه المبارز عذابًا أليمًا، فلم يُقِرَّ بشيء، فأطلق، وفي قلب المرأة النَّار [من فقد ولدها] (٢)، فطلَّقَتْ زوجَها، وتزوَّجتِ القاتل، وأقامت معه مُدَّة، فقالت له يومًا وهي تداعبه: قد مضى الابنُ وأبوه، وكان منهما ما كان، -[وكان الزوج قد مات] (٢) - أنتَ قتلتَ الصَّغير؟ فقال: نَعَمْ، وأخذت الحلق، ودفنته بالباب الصَّغير. فقالت: قُمْ، فأرني قبره. فخرج بها إلى المقابر، وحفر القبر، فرأت ولدها، فلم تتمالك أَنْ ضربتِ القاتلَ بسكِّين أَعَدَّتْها له، فشقَّتْ بطنه، ودفعته، فألقته في القبر، وجاءت إلى المبارز، فحكت له الحكاية، فقام، وخرج معها إلى القبر، فكشفته له، فقال: أحسنتِ والله، ينبغي لنا أن نَشْرب لكِ فُتوَّةً (٤).


(١) له ترجمة في "المذيل على الروضتين": ١/ ٣٩٣ - ٣٩٦، وفيه تتمة مصادر ترجمته.
(٢) ما بين حاصرتين من (ش).
(٣) في (ح): وكانت دمشق في أيام ولايته طاهرة، وكان في أيامه بدمشق رجل فاتك إلى جانب … ، وما بين حاصرتين من (ش).
(٤) كان من تقاليد الفتوة لتشرب كأس الفتوة، وهو يحتوي على الماء والملح، انظر "مفرج الكروب": ٣/ ٢٠٦ حاشية رقم (٢).