[السنة الحادية والسبعون وثلاث مئة]
فيها طلب الطائع من عضد الدولة إجراء الماء إلى دار الخلافة، فساقه من الخالص إليها في نهر، فهو باق إلى اليوم يدخل الدار فيسقي البساتين وينتفعون به، ثم أجراه عضد الدولة إلى داره بالزاهر.
وفيها اتَّفق فخرُ الدولة وقابوس بن وَشْمَكير على عداوة عضد الدولة باطنًا، وتحالفا عليه، وراسل عضد الدولة الطائع أن يَعقِدَ لمؤيد الدولة على جُرْجان وطَبَرِستان، ويبعث إليه بالخلع والعهد ففعل، وجَهَّز عضد الدولة العساكر إلى مؤيَّد الدولة مع زيار بن شهراكويه ومعه الأموال والسلاح.
وسار مؤيَّد الدولة إلى بلاد قابوس فحصره فيها، وقاتله، واستولى عليها، وأزال نعمتَه، ويقال: إنه حبسه، ولم ينفعه فخر الدولة، وكان له طَبَرِستان وما والاها.
وقال قابوس عند هزيمته: [من البسيط]
قلْ للذي بصُروفِ الدَّهر عَيَّرَنا … هل عاند الدَّهرُ إلَّا مَن له خَطَرُ
أما ترى البحْرَ تعلو فوقَه جِيَفٌ … وتَسْتَقِرُّ بأقصى قَعْرِه الدُّرَرُ
فإن تكن نَشِبَتْ أيدي الخُطوبِ بنا … ومَسَّنا من تَوالي صَرْفِها ضَرَرُ
ففي السَّماء نُجومٌ غيرُ ذي عَدَدٍ … وليس يُكْسَفُ إلَّا الشَّمسُ والقَمَرُ (١)
وفيها سَخِطَ عضد الدولة على القاضي أبي علي المُحَسِّن بن عليّ التَّنوخي، وألزمه منزلَه، وصرفه من أعماله، ولم يزل في السُّخْط حتَّى مات عضد الدولة.
وحاصلُه أن عضد الدولة لما كان بهَمَذان ذكر في مجلس القاضي أنَّه يريد أن يقبض على الصاحب بن عباد، فأخبر المحسِّنُ ابنَ عباد بما عزم عليه عضد الدولة، وبلغ عضد الدولة فعزَّ عليه ونكَبه.
وفيها أُطلق أبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابئ الكاتب من الاعتقال، وصُرف إلى داره، وكان القَبْضُ عليه في سنة سبع وستين، ومدةُ اعتقاله ثلاث سنين وسبعة أشهر وأيام.
(١) الأبيات في معجم الأدباء ١٦/ ٢٢٤، والكامل ٩/ ٢٤٠، ووفيات الأعيان ٤/ ٨٠.