للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[فصل في قصة آسية بنت مزاحم]

قال أحمد بن حنبل بإسناده عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله : "أَفضَلُ نساءِ أهلِها خديجةُ بنتُ خُوَيلدٍ، وفاطمةُ بنتُ محمَّدٍ، ومريمُ بنتُ عِمرَان، وآسيَةُ بنتُ مُزاحمٍ" (١).

وروى عكرمة عن ابن عباس، موقوفًا عليه قال: كانت آسيَةُ من بني إسرائيلَ، قد آمنتْ بموسى سرًّا من فرعون، فلما علم بذلك ضرب لها أوتادًا في يديها ورجليها، وأمر بأن تلقى على صدرها صخرة كأكبر ما يكون، قال: فإن رجعت عن دينها فخلُّوا سبيلها، فكشف الله عن بصرها، فرأت قصرها في الجنة، فقالت: اصنعوا ما بدا لكم، فقد رأيت قصري ومنزلي في الجنة، فذلك قولها: ﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾ [التحريم: ١١] فاستجاب الله دعاءها، وأراها قصورها ومنازلها في الجنة قبل أن تفارق الدنيا. وكانوا إذا تفرَّقوا عنها أطلقها الملائكة، فماتت على ذلك.

[فصل في ماشطة ابنة فرعون]

حدثنا غير واحد، عن عبد الرحمن بن محمد القزَّاز، قال: قال رسول الله : "لما أُسْرِيَ بي مررتُ برائحة طيبة، فقلت: يا جبريل ما هذه الريح؟ قال: هذه ريح ماشطة ابنة فرعون، كانت تمشطها فوقع المشط من يدها فقالت: بسم الله، فقالت لها ابنة فرعون: أبي؟ قالت: لا، بل ربي وربّ أَبيك الله، فأخبرت فرعون، فدعاها فقال: مَنْ ربك؟ فقالت: ربي وربّك الله الذي في السماء، فأمر ببقرة من نُحاس فأحميت، ودعا بها وبولدها، فقالت له: إن لي إليك لحاجة، قال: وما هي؟ قالت: تجمع عظامي وعظام ولدي، فتدفنهما جميعًا. فقال: إن لك من الحق علينا ما تستوجبين به ذلك. وكان لها أولاد فجمعهم، ثم ألقى واحدًا بعد واحد في البقرة وهي تغلي، حتى إذا كان آخر ولدها، وهو طفل رضيع، أنطقه الله تعالى: يا أماه اصبري، فإنك على الحق،


(١) أخرجه أحمد في "مسنده" (٢٦٦٨).