للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أبو سفيان بن الحارث]

ابن عبد المطلب بن هاشم، ابنُ عم رسول اللَّه .

واسمه المغيرة، وأمُّه غزيّة بنت قيس، وهي أمُّ نوفل بنت الحارث، وكان أبو سفيان ونوفل أخوان لأم وأبي، وربيعة وعبد اللَّه ابنا الحارث أخوان لأب وأم، وقيل: بل غزيّة أمُّ الكلّ.

وكان أبو سفيان أخا رسول اللَّه من الرضاعة، أرضعته حليمةُ أيامًا، وكان تِربَ رسول اللَّه وإلْفَه، فلما بُعث رسول اللَّه نصب له العداوة، وهجاه، وهجا أصحابَه، وأقام عشرين سنة عدوًّا للَّه ورسوله والمؤمنين، لا يتخلَّف عن مَوضعٍ تسير فيه قريش لقتال رسول اللَّه إلَّا وهو معهم، وإليه أشار حسان بن ثابت الأنصاري ، يقول: [من الوافر]

هجوتَ محمدًا فأجبتُ عنه … وعند اللَّه في ذاك الجزاءُ (١)

وأقام على ذلك حتى تحرك رسول اللَّه لغَزاة الفتح، فألقى اللَّه الإِسلامَ في قلبه، قال: فقلتُ: قد ضرب الإِسلامُ بجِرانه، فمع مَن أكون، ولمن أصحب؟ فقلتُ لزوجتي ولولدي: تهيَّؤوا للخروج، فقد أظلَّ قُدوم محمد، فقالوا: قد آن لك أن تُبصرَ أن العرب والعجمَ قد اتَّبعت محمدًا، وأنت مُوضعٌ في عداوته، وكنتَ أولى الناس بنصره!

قال: فخرجتُ حتى نزلتُ الأَبواء، ومعي غُلامي مَذكور، وقد نزلت مُقَدِّمتُه الأبواء، وكان قد نذر دمي، فتنكّرتُ حتى طلع بركبه، فقَصدتُه من تلقاء وجهه، فأعرض عني، فتحوَّلتُ إلى الناحية الأخرى، فأعرض عني، فأخذني ما قَرُب وما بَعُد، وقلت: أنا مقتولٌ قبل أن أصلَ إليه، فأسلمتُ، وكنتُ أظنُ أن أصحابَه يَفرحون بإسلامي، وأنه يَسرُّه ذلك، فلما رأى النَّاس [إعراض رسول اللَّه ] عني، أعرضوا جميعًا، وكان معي جعفر وعبد اللَّه ابن أبي أمية، أخو أمِّ سلمة زوج رسول اللَّه ، وابن عمّة رسول اللَّه ، فقالت له أمُّ سلمة: يَا رسول اللَّه، لا يكون ابن عمِّك، وأخي ابنُ عمتك (٢) أشقى النَّاس بك، فقال:


(١) ديوانه ١/ ١٨.
(٢) في (أ) و (خ): عمك، هنا وفي الموضع الآتي، والمثبت من مغازي الواقدي ٨١٠، والتبيين ١٠٥.