كثير، واتصل الحصار، وراسل صاحبُها السلطانَ في الصلح، وقرَّر على نفسه ثلاثة آلاف دينار، وطلب أعلامًا سوداء تُعلَّق على القلعة، ففعل السلطان، وسار منها سادس عشرة متوجهًا إلى الموصل بعد أن أفرج عن النساء المأخوذات من تِكريت وردَّهُنَّ إلى أهاليهنَّ، وكُنَّ زيادةً على ثلاثة آلاف امرأة، وسار إلى البَوازيج، وأقام ينتظر إبراهيم يَنَّال والنجدة التي تأتيه من الشرق، ونهبَ أصحابُه النواحي، وجَلا أهلُها عنها، وأمَّا أهل الموصل فأجفلوا هاربين، ولم يبقَ فيها إلَّا الضعفاء والفقراء، وسار البساسيري ومن معه عن الموصل سبع فراسخ، وخطب محمَّد بن الأخرم الخفاجي للمصريين في الكوفة والحِلَّة والعين وشفاثا وسُوراء والوقف، وخطب ابن فَسانْجِس لهم بواسط وجميع أعمالها، ولم يبقَ غيرُ بغداد.
وفيها أُقيم الأذان في مشهد موسى بن جعفر ومساجد الكَرْخ بالصلاة خير من النَّوم، وأزيل ما كانوا يقولونه من: حيَّ على خير العمل، ودخل من أهل باب البصرة قوم، فأنشدوا الأشعار في مدح الصَّحَابَة، وتقدَّم رئيس الرؤساء إلى النسوي صاحب الشرطة بقتل أبي عبد الله بن الجلاب شيخ البزَّازين بباب الطاق؛ لِما كان يتظاهر به من سبِّ الصَّحَابَة، فقُتِلَ وصُلِب على باب دُكَّانه، وهرب أبو جعفر الطوسي فقيهُ الشيعة ومُصنف التفسير، فنُهبت دارُه.
ولم يحج أحد من العراق [في هذه السنة].
وكان صاحب حلب ثِمال بن صالح بن مِرداس ووالي دمشق حيدرة بن الحسن بن مفلح.
وفيها تُوفي
جعفر بن محمَّد بن عبد الواحد
أبو طالب، الجعفري، الشريف، الطُّوسي، شيخ الصوفية بنوقان، سافر إلى البلاد في طلب الحديث، وسمع بالعراقين وخراسان والشَّام وغيرها، وكان زاهدًا عابدًا ورعًا صدوقًا ثقةً، قال الشَّافعيّ:[من المنسرح]
صبرًا قريبًا ما أقربَ الفرجا … مَنْ راقبَ اللهَ في الأمور نجا